المنصات البديلة تزدهر زمن الاستبداد والديمقراطية

المنصات البديلة تزدهر زمن الاستبداد والديمقراطية

بكين – لم يمنع حظر تطبيق “كلوب هاوس” الصينيين من مواصلة استخدامه لمناقشة المواضيع المحظورة بحرية باستخدام شبكات فك الحظر “في.بي.أن”.

وتستخدم الصين نظام مراقبة واسع النطاق ومتطورا لقطع شبكة الإنترنت عن المعارضين ومنع المواطنين من الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر، في ما يعرف بـ”جدار الحماية العظيم”.

وتمكن تطبيق “كلوب هاوس” من تخطي الرقابة لفترة وجيزة وجذب عددا كبيرا من المستخدمين الصينيين، لكن يبدو أنه سرعان ما وقع في شرك الرقابة.

ويسمح هذا التطبيق الصوتي الأميركي -الذي لا يمكن الانضمام إليه إلا بدعوة- للأعضاء بالاستماع والمشاركة في محادثات مباشرة غير خاضعة للمراقبة تجري في “غرف” رقمية.

وفي الأيام الأخيرة شغل مستخدمو الإنترنت الصينيون تلك الغرف التي تجري فيها مناقشات حول مواضيع تخضع لرقابة شديدة مثل سجن بكين لأقلية الإيغور المسلمة في أقصى غرب شينجيانغ.

ومساء الاثنين أظهر التطبيق رسالة خطأ للمستخدمين الذين لا يملكون “شبكة خاصة افتراضية” (في.بي.إن) لإنشاء اتصال إنترنت آمن، وسرعان ما تحولت المناقشات السياسية في الغرف باللغة الصينية إلى مناقشات تتعلق بحظر التطبيق.

وبدأ بعض المتحدثين باللغة الصينية مناقشة الآثار الأمنية لوجودهم على التطبيق وما إذا كانوا سيواجهون مراقبة رسمية.

وقال أحد المستخدمين بعد حظر التطبيق “رأيت العديد من المناقشات تخوض في قضايا عبر المضيق (في إشارة إلى قضية تايوان الشائكة) ومشكلات حساسة… واعتقدت أن هذا التطبيق لن يستمر وقتا طويلا”.

وأضاف مستخدم آخر “ما يأتي بعد الحظر هو تجميع قائمة الأشخاص على المنصة”.

وأطلق “كلوب هاوس” في مايو الماضي، وهو متوفّر حاليا فقط على أجهزة أبل التي لا يستطيع تحمل كلفتها إلا المستهلكون الصينيون الأكثر ثراء.

وكتبت إيزابيل نيو (صحافية) على تويتر “قالت شابة من الصين القارية للتو في “كلوب هاوس”: هذه المرة الأولى التي أتصل فيها بالإنترنت الفعلي”.

وقدّم “تاو باو” (موقع شهير للتسوق عبر الإنترنت يستخدمه الملايين من الأشخاص يوميا) ومواقع مماثلة عروض بيع عضوية بأسعار تتراوح بين 10 و100 يوان (1.5 إلى 15 دولارا)، ما يسمح للبعض بتجاوز القيود المفروضة على الدعوات للانضمام إلى التطبيق.

وغرّد كيزر كيو، مقدم برنامج “سينيكا بودكاست” الذي يركز على شؤون الصين، مباشرة بعد المحادثات التي كان يسمعها في غرفة كان يناقش فيها وضع الإيغور. وأشار خصوصا إلى طريقة تفاعل أفراد من إثنية هان الصينية -وهي المجموعة العرقية المهيمنة في الصين- مع أشخاص من مجتمع الإيغور المضطهد في هذا الفضاء الإلكتروني.

واستمع مراسل إلى متحدث عرّف نفسه بأنه صيني من البر الرئيسي، وعبّر عن معارضته لمصطلح “معسكرات اعتقال”.

وذهل عدد كبير من المستمعين نتيجة صراحة المناقشات عبر الإنترنت.

وما حدث في الصين يعد تعبيرا بليغا عن مدى القلق والتهديد الذي صارت المنصات البديلة لمواقع التواصل الاجتماعي الشعبية تمثله بالنسبة إلى الحكومات الاستبدادية. وحتى الصين التي لديها قبضة أقوى مما لدى أغلب الأنظمة الأخرى بفضل “جدار الحماية العظيم” تجابه هذا الوضع في ظل انتشار حالات السخط في الإنترنت.

وتعمل الهواتف الذكية واتصالات الإنترنت المتاحة على توفير ساحات عامة وتسعى الأنظمة الأقل تسامحا في العالم جاهدة للسيطرة على هذه الساحات بطريقتها الخاصة، ولكن يظل من الممكن للأصوات المعارضة أن تنسق وتبني المجتمعات وتحافظ على المقاومة حية.

لكن الأمر لا يقتصر على الأنظمة الاستبدادية إذ أن هذه المنصات تلقى روجا واسعا حتى في الدول التي تعتبر من الديمقراطيات العريقة.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يخوض معركة محاكمته مجردا من أحد أهم أسلحته: مواقع التواصل الاجتماعي

وعلى غرار “كلوب هاوس” في الصين برز تطبيق “غاب” في الولايات المتحدة الأميركية، خاصة بعدما اتخذ عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي خطوة حاسمة بتعليق حسابات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وهو إجراء يقول منتقدوه إنه أضعف فكرة حيادية الشبكات الاجتماعية التي تعد بمثابة دعائم بسيطة تسمح بالتعبير عن جميع وجهات النظر.

وقال سامويل وولي الباحث في كلية الصحافة بجامعة تكساس “حظر دونالد ترامب كان بمثابة اتخاذ خطوة لا تراجع عنها بالنسبة إلى هذه الشركات ولا يمكنها بالفعل أن تتراجع عنها. حتى الآن كان هدفها الرئيسي هو تعزيز حرية التعبير، لكن الأحداث الأخيرة أظهرت أنه لم يعد بإمكانها أن تفعل ذلك”.

والثلاثاء بدأت محاكمة عزل ترامب، وسيتعين على الرئيس السابق الدفاع عن نفسه خلالها دون أحد أسلحته المميزة: حضوره القوي على وسائل التواصل الاجتماعي التي سمحت له برمي “القنابل السياسية” على الأعداء الحقيقيين والافتراضيين، بالإضافة إلى الإدلاء بتصريحات فظة أدت في الكثير من الأحيان إلى دورات إخبارية لا حصر لها.

وفيما يخطط محامو ترامب لبدء المحاكمة بالتساؤل عما إذا كان الدستور الأميركي يسمح لمجلس الشيوخ بإجراء محاكمة عزل لرئيس بعد تركه منصبه، مقدمين مذكرة قانونية أولية تتهم الجميع بأنهم ليسوا أكثر من مجرد “مسرح سياسي”، تشير معلومات إلى أن ترامب عاد إلى وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة من خلال بوابة “غاب” التي باتت المنصة الاجتماعية المفضلة لليمينيين المتطرفين.

ويصف مراقبون منصة “غاب” بأنها “مكان آمن” للمحافظين، لكن الرئيس التنفيذي للمنصة أندرو توربا يؤكد أن مستشار الرئيس السابق وصهره جاريد كوشنر “الغبي” يبقي ترامب بعيدًا عن المنصة.

وحجز تطبيق “غاب” لترامب حسابا خاصا في حال أراد العودة إلى مواقع التواصل.

يذكر أن أنصار ترامب المنفيين من تويتر وفيسبوك وعدة مواقع تواصل اجتماعي ينشطون على منصات أخرى كتليغرام، حيث توجد قنوات اليمين الأبيض المتطرف. ويقول مراقبون إن “ترامب ملأ فعليا الولايات المتحدة ضجيجا سيتواصل على مدى السنوات الأربع القادمة ولا يبدو أن أنصاره سيتراجعون”.

العرب