الناصرية (العراق) – تحولت المنشآت النفطية العراقية إلى هدف دائم للمحتجين العراقيين ممن يبحثون عن فرصة عمل في قطاع يعد الركيزة الأساس في تمويل الدولة العراقية، ويعتبر المحتجون أنه يخضع لسيطرة الشركات الأجنبية والعمالة المستوردة، مما يحرم العراقيين من فرص العمل.
وتقول وزارة المالية العراقية إن موازنة عام 2021 لا تتضمن استحداث وظائف جديدة، بسبب الأزمة المالية التي يعاني منها العراق، لكن مراقبين عراقيين يؤكدون أن العمل في القطاع النفطي يجب أن يستقطب كفاءات عالية من خريجي هندسة النفط أو معاهد التكنولوجيا التي تخرج فنيين بمستوى الدبلوم يمكن أن يكونوا أساسا للعمالة الماهرة في هذا القطاع الحيوي.
ويمتد تاريخ الصناعة النفطية في العراق لقرن، وكان من أولويات شركات النفط الأجنبية العاملة في العراق قبل قرارات تأميم الصناعة في السبعينات تدريب طواقم محلية مع الإبقاء على السيطرة الأجنبية.
وقامت الحكومة العراقية بعد التأميم باستبدال كل الطواقم الأجنبية بكوادر محلية، واستثمرت في التدريب المهني وتوسيع التعليم في الصناعة النفطية عبر افتتاح أقسام إضافية لهندسة النفط في الجامعات العراقية، وتعزيز مهارات التدريب للقطاع في المعاهد التقنية.
لكن تراجع مستوى التعليم في العراق الذي بدأ بعد فرض الحصار الدولي على العراق إثر غزوه الكويت عام 1990، ثم الغزو الأميركي عام 2003، أثر بشكل مباشر على إعداد كوادر مؤهلة لقيادة صناعة النفط العراقية.
العراقيون وجدوا أن أهم مصدر للدخل والصناعة الوطنية الوحيدة المتبقية قد تمت السيطرة عليهما من قبل امتيازات الشركات التي لم تسع، كسابقاتها قبل قرن، لتطوير الكفاءات العراقية.
وقال مسؤول عراقي رفيع في القطاع النفطي عمل لسنوات طويلة في حقول الجنوب لـ”العرب” إن المشكلة تتفاقم وإن “ثمة فجوة كبيرة بين ما نتوقعه من الخرّيج وما نجده فعلا”.
وأضاف “جزء من المشكلة أن القيادات السياسية للأحزاب تعتبر القطاع النفطي منطقة محاصصة للتوظيف والمحسوبية. هذا سيؤدي إلى تراجع في الإنتاج أو الصيانة وهو آخر ما يريده العراق اليوم. كل شيء في العراق أساسه الريع النفطي”.
وساهم نهم الحكومة العراقية في الحصول على عائدات سريعة لتمويل مصالح ومشاريع ما بعد احتلال العراق في اعتمادها على الشركات الأجنبية التي جاءت ومعها عمالها وفنيّوها، وخصوصا من الآسيويين.
ووجد العراقيون أن أهم مصدر للدخل والصناعة الوطنية الوحيدة المتبقية قد تمت السيطرة عليهما من قبل امتيازات الشركات التي لم تسع، كسابقاتها قبل قرن، لتطوير الكفاءات العراقية.
وتتمثل الأزمة التي تقود إلى محاصرة المنشآت من قبل محتجين، وخصوصا في جنوب العراق حيث قلب الصناعة النفطية، في توسع “صوري” للتعليم وشهادات تمنح للخريجين من دون تعليم أو تدريب مهني حقيقيين، مما يعيق، بالإضافة إلى محدودية القدرة على التوظيف، توفير فرص عمل للخريجين العاطلين.
وتبرز المشكلة خصوصا في مدن البصرة والناصرية والعمارة جنوب العراق حيث تصل نسب البطالة إلى معدلات غير مسبوقة بعد أن عملت الحكومة العراقية، على مدى سنوات، على منح وظائف حكومية بدوافع سياسية دون عمل حقيقي أو توفير مشاريع تنموية تمتص الموظفين الحكوميين.
وتبلغ نسبة البطالة في العراق الغني بالنفط 27 في المئة، وترتفع إلى 36 في المئة لدى الشباب، فيما تبلغ نسبة الفقر 25 في المئة، وفق أحدث إحصاء لوزارة التخطيط العراقية.
وكانت الجامعات العراقية تعد من أفضل الجامعات في المنطقة، في حين يجد الخريجون من الجامعات الحالية صعوبة في الاعتراف العالمي بشهاداتهم.
وأغلق مئات المحتجين جنوبي العراق الأحد جسورا وشركة نفطية في الناصرية مركز محافظة ذي قار للمطالبة بالتوظيف كما أفاد شهود عيان، في حين عمل محتجون من حملة الشهادات بشكل متزامن على إغلاق شركة نفط ميسان في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان.
وبحسب شهود العيان فإن المحتجين في المحافظتين من حملة الشهادات الجامعية في الاختصاصات النفطية، والعاملين بصفة عقود وأجور يومية مؤقتة.
العرب