المخاوف من أن الدفعة المعنوية التي قد تكون منحتها انتصارات حركة طالبان المتشددة في أفغانستان والتي استولت على الحكم مؤخرا للمتطرفين في أكثر من نقطة في العالم باتت جدية، حيث حذر رئيس الاستخبارات الداخلية البريطانية كين ماكالوم من أن الأحداث في أفغانستان شجعت المتطرفين في وقت نبّه فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من محاولة الجماعات الجهادية استنساخ السيناريو الأفغاني في منطقة الساحل الأفريقي التي تتقهقر فيها بالفعل الجيوش الوطنية.
لندن- حذر رئيس الاستخبارات الداخلية البريطانية من أن بلاده لا تزال تواجه خطرا إرهابيا فعليا ودائما، مشيرا إلى أن المتطرفين قد تشجعهم مجريات الأحداث في أفغانستان في خطوة تعكس التخوفات من الدفعة المعنوية التي أعطتها نجاحات حركة طالبان المتطرفة للجهاديين في أكثر من منطقة في العالم.
وأعلن المدير العام لجهاز الاستخبارات “أم.آي.5” كين ماكالوم الجمعة أن الخطر الإرهابي يبقى “فعليا ودائما” في المملكة المتحدة.
وقال ماكالوم لهيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” إن جهازه تمكن بالتعاون من الشرطة خلال السنوات السبع الأخيرة من “إحباط 31 مخططا في مراحل متقدمة لتنفيذ اعتداءات في بريطانيا”، موضحا أن “هذا العدد يضم بشكل أساسي مخططات هجمات إسلامية، إنما كذلك عددا متزايدا من مخططات الهجمات من قبل إرهابيين من اليمين المتطرف”.
وتابع “بالتالي، يؤسفني القول إن الخطر الإرهابي على المملكة المتحدة أمر فعلي ودائم”، متحدثا عشية إحياء ذكرى اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر التي نفذها تنظيم القاعدة ضد برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى البنتاغون في واشنطن، وكانت الأكثر دموية في التاريخ.
وسئل ماكالوم عن سيطرة طالبان على أفغانستان الشهر الماضي، فرأى أن هذا “شجع” المتطرفين على الأرجح.
وقال “لا شك أن الأحداث في أفغانستان شجعت… بعض هؤلاء المتطرفين وزادتهم جرأة، والبقاء متيقظين حيال هذا النوع من المخاطر فضلا عن مخاطر أخرى هو ما تركز منظمتي جهودها عليه”.
واعتبر أن الخطر الإرهابي لا يتبدل “بين ليلة وضحاها”، لكن قد يتلقّى “الإرهابيون الموجودون هنا أو في دول أخرى دفعة من المعنويات”.
وتأتي تحذيرات ماكالوم في وقت تتصاعد فيه المخاوف من أن تستثمر الجماعات الجهادية لنجاحات طالبان في أفغانستان، خاصة أن الجارة باكستان شهدت هجمات متزايدة مؤخرا.
لكن المخاوف لا تتوقف على أمن جيران أفغانستان في آسيا الوسطى، حيث تتكثف التحذيرات من محاولات الجهاديين في دول الساحل الأفريقي استغلال نصر طالبان لتكثيف هجماتهم خاصة مع تقهقر الجيوش الوطنية المُنهكة أصلا هناك.
وأبدى الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش خشيته من أن يشجّع استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان الجماعات الجهادية المسلّحة في منطقة الساحل على أن تحذو حذو الحركة الأفغانية المتشدّدة، داعيا إلى تعزيز “الآليات الأمنية” في هذه المنطقة.
أنطونيو غوتيريش: الإرهابيون في الساحل قد يتحمّسون وتصبح لديهم طموحات أكبر
وقال غوتيريش إنّه في ما يخصّ منطقة الساحل الأفريقي “فأنا أخشى التأثير النفسي والفعلي لما حدث في أفغانستان”، مضيفا “هناك خطر حقيقي. يمكن لهذه الجماعات الإرهابية (في منطقة الساحل) أن تتحمّس لما حدث (في أفغانستان) وأن تصبح لديها طموحات تتخطّى تلك التي كانت لديها قبل أشهر قليلة”.
وشدّد الأمين العام على أنّ هناك “شيئا جديدا في العالم وهو خطير للغاية”، موضحا أنّه حتّى وإن لم يكن عددها كبيرا “فهناك جماعات متعصّبة في عقيدتها، على سبيل المثال، الموت مرغوب به. جماعات مستعدّة لفعل أيّ شيء. ونرى جيوشا تنهار أمامهم”.
وأضاف “لقد رأينا ذلك في الموصل بالعراق، وفي مالي خلال أول هجوم باتجاه باماكو، ورأينا في الموزمبيق (…). هذا الخطر حقيقي ويجب أن نفكّر بجدية في تداعياته على التهديد الإرهابي وفي الطريقة التي يتعيّن على المجتمع الدولي أن ينظّم بها نفسه لمواجهة هذا التهديد”.
وشدّد الأمين العام على “ضرورة تعزيز الآليات الأمنية في منطقة الساحل”، لأنّ “منطقة الساحل هي نقطة الضعف الأهمّ والتي يجب معالجتها. الأمر لا يتعلّق بمالي أو ببوركينا فاسو أو بالنيجر فحسب، بل لدينا الآن عمليات تسلّل إلى ساحل العاج وغانا”.
وأعرب غوتيريش عن قلقه لأنّه في منطقة الساحل “فرنسا ستقلّص وجودها، وهناك أنباء عن عزم تشاد على سحب بعض قواتها من المنطقة الحدودية للدول الثلاث: بوركينا والنيجر ومالي”.
وأضاف “لهذا السبب أنا أقاتل من أجل أن تكون هناك قوة أفريقية لمكافحة الإرهاب، لديها من مجلس الأمن الدولي تفويض بموجب الفصل السابع (يجيز استخدام القوة) وتمويل خاص بها يضمن استجابة على مستوى التهديد”.
لكنّ الأمين العام أعرب عن أسفه لواقع الحال في المنطقة اليوم، وقال “اليوم أخشى أنّ قدرة المجتمع الدولي ودول المنطقة على الاستجابة ليست كافية في مواجهة التهديد”.
العرب