كثفت الحكومة العمانية من جهودها لتحفيز تنمية الثروة الحيوانية لما للقطاع من دور كبير في نمو الاقتصاد وكونه أحد روافد نشاط السكان في ظل توجه البلد نحو عدم الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للإيرادات عبر التركيز على إيجاد مصادر بديلة للدخل مع تحقيق الاكتفاء الذاتي.
هيماء (سلطنة عمان) – تراهن سلطنة عمان على إحداث قفزة في قطاع المواشي عبر تحفيز الاستثمار في هذا المجال الحيوي وإقامة شراكات مع القطاعين العام والخاص بهدف التحول من مرحلة الاكتفاء الذاتي إلى مرحلة التسويق خارجيا بشكل أكبر مستقبلا.
وتُعتبر الإدارة المستدامة للثروة الحيوانية عنصرا لا غنى عنه في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد وهي تتطلَب مراعاة كل من تنامي الطلب المحلي من الغذاء والتحديات التي يفرضها تغير المناخ الذي يؤثر على رقعة المراعي ووفرة الموارد المائية.
ويبرز الاهتمام بهذا المجال في محافظة الوسطى التي تتميز بوجود سلالات مختلفة في السلطنة وتشكل مصدر دخل للسكان المحليين الذين يعتمدون عليها اعتمادا كبيرا في حياتهم اليومية.
ومحافظة الوسطى من أكبر محافظات البلاد مساحة وتتميز بوجود تنوع في الثروات الطبيعية من بينها النفط والغاز والمعادن، ووجود مشاريع استثمارية وثروة سمكية، ولا تقل الثروة الحيوانية أهمية بالنسبة إلى السكان حيث تحظى بأولوية كبيرة في نشاطهم.
ويشير علي بن عبدالله العلوي مدير عام الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بالمحافظة إلى أن إجمالي أعداد رؤوس الماشية يبلغ حوالي 142.3 ألف رأس.
علي بن عبدالله: نريد زيادة منتجات اللحوم والألبان وتقليل استيراد هذه المواد
وبحسب بيانات المركز الوطني للإحصاء، فإن عُمان تمتلك ما يقرب من 3.6 مليون رأس من الماشية تمثل سلالات من الأبقار والإبل والأغنام والماعز.
وتتسلح وزارة الزراعة والثروة السمكية وموارد المياه بمشروع التحصين الوطني للثروة الحيوانية وهو من أهم الركائز الأساسية لاستراتيجية الصحة الحيوانية التي تهدف إلى فرض سيطرة قوية على الأمراض المعدية والوبائية المستوطنة.
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى العلوي قوله إن “الحكومة لديها مشروع يهدف إلى تشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي في مجال الثروة الحيوانية بمحافظة الوسطى مما يؤدي إلى زيادة المنتجات من لحوم وألبان وتقليل استيراد هذه المواد”.
وأوضح أن الخطة تشمل كذلك إيجاد فرص عمل جديدة للشباب وأيضا رفع نسبة تحصين الماشية إلى معدل من الممكن الوصول إليه.
وثمة مقترحات لإقامة مشروعات بالقطاع كمشروع المزارعة النموذجية لتربية الحيوانات ومشروع تربية الدجاج اللاحم ومشروع إنتاج الأدوية البيطرية واستغلال المواقع الصغيرة في كل منطقة لإنشاء حظائر لتربية المواشي ومشروع إنشاء مخازن حفظ الأدوية البيطرية واللقاحات والمبيدات.
وقال العلوي إن “هناك مشروعات مقترحة تحت الدراسة وضمن برامج المسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص بالمحافظة كمشروع دعومات المربين للثروة الحيوانية بالمحافظة”.
ويتكون المشروع من برامج أساسية للدعم غير المباشر تتمثل في توزيع المعدات الإرشادية وبديل المراعي كتوزيع المعالف والإضافات العلفية وتوزيعات بدائل الحليب ومشروع تحسين السلالة.
وكان وزير الزراعة جعفر الساجواني قد أكد العام الماضي أن القطاع حقق قفزة خلال الخطة الخمسية الممتدة بين 2016 و2020 حيث قدر زيادة مشاريع الإنتاج الحيواني بنحو 39 في المئة في مختلف محافظات السلطنة.
وقال حينها إن “هناك فرصا متاحة في رفع الإنتاج وأن هناك عددا من المشاريع الاستثمارية قائمة ولها طاقات إنتاجية عالية تساهم في رفد السوق المحلي”.
وأوضح أن هناك تفاوتا ما بين 40 إلى 50 في المئة من تحقيق الاكتفاء الذاتي ولكن مع منهجية العمل وخطة الحكومة ممثلة في الوزارة ستكون هناك زيادة في الاكتفاء الذاتي.
ويعتبر قطاع الإنتاج الحيواني من أهم الركائز الأساسية في تعزيز الأمن الغذائي لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير حاجة البلاد من اللحوم الحمراء والبيضاء والألبان ومنتجاتها من التربية المحلية.
3.6 مليون رأس من الماشية تملكها السلطنة بحسب بيانات المركز الوطني للإحصاء
وتظهر الأرقام أنه بنهاية العام 2019 بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي المحلي من اللحوم الحمراء في السلطنة حوالي 51 في المئة.
ووفقا لمعطيات الاستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية المستدامة حرصت الحكومة على المساهمة في الارتقاء بهذا القطاع الحيوي، من خلال تبادل التجارب وتعزيز الرعاية الأولية الوقائية ودعم المربين وتطبيق أفضل الممارسات والتقنيات وبناء القدرات.
وتقدم وزارة الزراعة الدعم لصغار المربين لتشجيعهم على النهوض بالثروة الحيوانية بنظام الدعم الجزئي بين الوزارة والمربين أو بالمجان وفق اشتراطات لائحة الدعم.
كما تشجع المشاريع الموسعة من خلال دراسات الجدوى المقدمة لديها والاستثمار فيها بإعطاء الملاحظات الفنية التي تساهم في نجاحها.
وقامت الوزارة خلال السنوات الماضية بتكوين قطعان نواة من السلالات المحلية للماعز والأبقار والضأن وذلك في محطات البحوث التابعة لها لإجراء التحسين الوراثي لها والعمل على زيادة معدلات النمو وإنتاج الحليب بالإضافة إلى رفع نسبة التوأمية للحصول على أكثر من مولود في البطن الواحدة من الأغنام والماعز.
وتسعى الوزارة وبالتعاون مع مركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لعمل استراتيجية لحفظ حيوانات المزارع من الأبقار والماعز والأغنام والجمال لضمان استدامتها كجزء من الموارد المحلية.
وإلى جانب ذلك تم التوسع في إنشاء العيادات البيطرية في الأماكن التي يصعب إنشاء عيادات ثابتة فيها وذلك من خلال تدشين مشروع العيادات البيطرية المتنقلة للوصول إلى أكبر نسبة ممكنة من الحيوانات التي تحتاج إلى تحصين ورعاية صحية.
ومن خلال مراكز البحوث التابعة للوزارة فإن مسقط تعكف على استنباط أصناف من المحاصيل العلفية مقاومة للملوحة لزراعتها في الأماكن التي تزداد بها نسبة الملوحة في التربة للاستفادة منها في تغذية الحيوانات.
العرب