بغداد – تتزايد موجة الضغوط في العراق من أجل إدخال تعديلات واسعة تمكن من تحفيز مناخ الأعمال، والذي لا يتوانى المسؤولون في الإقرار بأنه يحتاج إلى الكثير من الإصلاحات.
ومنذ أن تولى مصطفى الكاظمي رئاسة الوزراء في الأشهر الأولى من عام 2020 بدأ في وضع لبنات من أجل إنعاش الاقتصاد الذي يعتمد على الريع النفطي بشكل مفرط، من خلال تفكيك كل الحواجز المعرقلة أمام تحسين البيئة الاستثمارية.
ومع ذلك لا يزال المحللون يرون أن ثمة مخاطر كبيرة تؤثر على مناخ الأعمال في العراق بسبب الفساد وعدم استقرار الوضع الأمني وصعوبة التعامل مع الشركاء المحليين.
وتعرض قطاع الاستثمار بالبلاد إلى معرقلات ومشاكل انعكست سلبا على الواقع الخدمي للمواطنين مع ارتفاع نسبة البطالة.
لكن يبدو أن التحركات الحكومية الأخيرة جددت الأمل بتطوير الاستثمار بعد اتخاذها إجراءات عدة منها منح تسهيلات للمستثمرين والقضاء على الفساد والبيروقراطية إضافة إلى توفير بيئة آمنة بهدف تقديم مشاريع توفر الخدمات وفرص العمل للعراقيين.
وتؤكد الأوساط الاقتصادية العراقية أن الاستثمار حتى الآن ليس بالمستوى المطلوب وهناك عدد من الإجراءات واجب اتخاذها لوضع هذا الملف على الطريق الصحيح.
سها النجار: هيئة الاستثمار قامت خلال أشهر بسد العديد من أبواب الفساد
ويقع على عاتق هيئة الاستثمار الكثير من العمل من أجل إزالة كل التحديات والتي تقول رئيستها سها النجار إنها مستمرة في تنفيذ خططها الإصلاحية.
ونسبت وكالة الأنباء العراقية الرسمية إلى النجار قولها إن “هناك تعاوناً كبيرا لحصر المشاريع غير المنجزة والمتلكئة لدعم واقع الاستثمار في المحافظات”.
وأوضحت أنه تمت السيطرة على أبواب الفساد في الإعفاءات الضريبية التي يتم من خلالها إدخال مواد البناء وغيرها إلى البلاد دون دفع الرسوم الجمركية باعتبارها معفاة من ذلك وبما يمثل ضربة للاقتصاد العراقي وتعزيزا للبطالة، من خلال تشكيل قسم في الهيئة عهدت إليه مسألة مراقبة هذا الأمر.
كما أشارت إلى أنه تمت السيطرة أيضا على أبواب الفساد في منح سمات الدخول التي تمنح للمستثمرين لاستقدام العمالة الأجنبية وإدخال كوادر الشركات وما يحصل فيه من فساد.
ويعمل بعض المستثمرين غير الجادين على جلب عمالة أجنبية بالمئات حيث يتقاضون الرسوم من الأشخاص القادمين للعمل في العراق.
وقامت الهيئة في الفترة الأخيرة بسحب وإلغاء إجازات الاستثمار التي سجلت نسبة إنجاز تتراوح بين صفر و35 في المئة وانتهت المدة الزمنية المتاحة لتنفيذ المشروع.
وقال النجار إن “الهيئة مستمرة بإجراءاتها المتعلقة بسحب الإجازات الاستثمارية للمشاريع المتلكئة بعد دراستها من قبل لجان مختصة للوقوف على ملابسات كل مشروع وأسباب التلكؤ بالتنسيق بين الهيئة الوطنية للاستثمار وهيئات الاستثمار في المحافظات”.
وتشير تقارير عالمية إلى قدرة بغداد على معالجة أزمات البطالة والفقر وتحسين المستوى المتدني للخدمات ومكافحة البيروقراطية والفساد لا تزال محدودة، وهي مفتاح طي صفحة الماضي وتحقيق الاستقرار الأمني والاقتصادي.
ولا تزال هناك حاجة إلى الإصلاحات السياسية لتهدئة مخاوف المستثمرين بشأن مناخ الأعمال، والذي تضرّر منذ الغزو الأميركي في عام 2003.
وتؤكد المتحدثة باسم هيئة الاستثمار حنان جاسم أن 2022 سيشهد “طفرات نوعية وحقيقية” لأن الهيئة مهتمة بتطوير الاستثمار بعدة مجالات أبرزها الطاقة البديلة بحكم الحاجة المتزايدة للكهرباء، وأيضا في مجال المجمعات السكنية، ومجالات أخرى.
وقالت إن “خطتنا المقبلة تتضمن التوجه إلى الاستثمار العربي والمحلي إلى جانب الأجنبي”.
الحاجة ملحة إلى إصلاحات سياسية تهدئ مخاوف المستثمرين بشأن مناخ الأعمال الذي تضرر منذ الغزو الأميركي في عام 2003
وتخطط الحكومة لإنفاق عشرات المليارات من الدولارات على إعادة الإعمار، لكنّ محللين يقولون إن الفرص لجذب الاستثمارات لن تتضح فعليا حتى تتم معرفة المسار الذي سوف تسلكه البلاد.
وتشهد الساحة الاقتصادية العراقية تحولا ضئيلا، في مدى استعداد الشركات العالمية للعمل في البلاد، ويرى محللون أن ذلك سيكون رهين جدية الحكومة في تنفيذ الإصلاحات مع حصول البلد على تقييمات أفضل من المؤسسات المالية وكالات التصنيف الائتماني الدولية.
ويشير البعض إلى أن الطريق لا يزال طويلا أمام العراق لكي يحظى بثقة الشركات العالمية، ليس فقط بسبب تردي الوضع الأمني وانتشار الفساد، بل أيضا بسبب فوضى القوانين والتشريعات والشلل التام للنشاطات الاقتصادية وانهيار البنية التحتية.
وحتى الآن يكابد القطاع الخاص من أجل إنعاش أعماله ولا يجد العاملون فيه أي بوادر من أجل الخروج من عنق الزجاجة التي أرهقتهم لسنوات.
العرب