بغداد – أعادت التحولات الطارئة في المشهد العراقي الزخم إلى المبادرة التي طرحها في وقت سابق رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، لتسوية الأزمة السياسية التي تعصف بالعراق منذ أكتوبر الماضي.
يأتي ذلك في وقت تكثف فيه إيران ضغوطها لضمان تسوية تشارك فيها القوى الموالية لها الممثلة في الإطار التنسيقي.
ويرى مراقبون أن خطوة الإطار التنسيقي المباغتة بتنسيق عودة عدد من الرموز السنية بعد استبعادها لسنوات، قد أحدثت هزة على الساحة العراقية، وولّدت ضغطا كبيرا على تحالف إنقاذ وطن ولاسيما ائتلاف السيادة السني الذي يجد نفسه مضطرا إلى مراجعة حساباته السياسية.
ويلفت المراقبون إلى أن زيارة زعيم تحالف السيادة ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي إلى إيران مؤخرا تشكل أحد المؤشرات على إمكانية تفكك تحالف إنقاذ وطن، حيث يدرك الحلبوسي أن البقاء في هذا التحالف واستعداء قوى الإطار التنسيقي لن يصبّا في صالحه.
حسن دانائي فر: زيارة الحلبوسي تندرج في سياق مساع للخروج من المأزق الحالي
ويقول المراقبون إن التيار الصدري، الذي يلتزم حتى الآن الصمت رافضا التعليق على عودة بعض الرموز السنية، بصدد تقييم أثر هذه العودة على تماسك تحالف إنقاذ وطن الذي يقوده، وإن هذا التيار لن يجد خيارا سوى العودة واستئناف المفاوضات مع الإطار في حال ثبت له أن حليفه السني يتجه إلى إعادة النظر في تموضعه الحالي.
ويوضح المراقبون أن الصدر قد يجد في المبادرة التي طرحها عمار الحكيم سلما للنزول من الشجرة التي صعدها، والتي سيحفظ من خلالها ماء الوجه، مشيرين إلى أن الأخير ليس من الوارد أن يقبل بالمبادرة التي طرحها الإطار التنسيقي قبيل شهر رمضان لأنه سيعتبرها بمثابة إعلان هزيمة، على الرغم من أن المبادرتين متشابهتان من حيث المضمون.
ودعا رئيس تيار الحكمة في مبادرته الفرقاء السياسيين إلى الجلوس إلى طاولة الحوار ومناقشة مختلف الحلول والمعالجات دون شروط أو قيود مسبقة، وتسمية الكتلة البرلمانية الكبرى من قبل المكون الاجتماعي الأكبر وحسم موضوع الرئاسات الثلاث (الجمهورية، والحكومة، والبرلمان) من خلال التفاهمات.
وتطرقت مبادرة الحكيم إلى أهمية صياغة البرنامج الخدمي والسياسي للحكومة المقبلة وتحديد سقف زمني واقعي لتنفيذه وتحديد معايير اختيار الفريق الوزاري الجديد، حاثة على “توزيع الأدوار، فمن يرغب بالمشاركة في الحكومة ينضم إلى فريق الأغلبية ويلتزم دعم الحكومة بالبرنامج المتفق عليه ويعلن تحمّل المسؤولية الكاملة عن مشاركته وقراره، ومن لا يرغب في المشاركة يتخذ من مجلس النواب منطلقاً لمعارضته البناءة”.
ودعا الحكيم، الذي مني بخسارة انتخابية قاسية لكنه لا يزال مؤثرا سياسيا، ما اعتبره “قوى الأغلبية” إلى “التعهد بتوفير الغطاء الآمن للمعارضة”، داعياً المعارضة في المقابل إلى عدم “تعطيل جلسات البرلمان والحضور الفاعل فيه وفسح المجال أمام الأغلبية لإكمال الاستحقاقات الدستورية”.
وحث على “اعتماد الإصلاح الحكومي مادة للتنافس السياسي في الأداء والخطاب، وليطرح كل كيان سياسي وكل تحالف برامجه ورؤيته الاقتصادية والثقافية والسياسية والتنموية والأمنية أمام وسائل الإعلام”.
ويرى المراقبون أن مبادرة الحكيم قد تشكل مخرجا للتسوية السياسية في العراق، مشيرين إلى أن استمرار الانسداد السياسي يشكل تهديدا كبيرا لا تقدر القوى العراقية على تحمل أعبائه.
ويلفت هؤلاء إلى أن هذه المبادرة لن تجد معارضة أو تحفظات من القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في المشهد العراقي، حيث أنها ستضمن الإبقاء على التوازن السياسي القائم منذ سنوات.
وصرح السفير الإيراني السابق لدى بغداد حسن دانائي فر الخميس بأن بلاده تعمل على مساعدة العراق في الخروج من حالة الانسداد السياسي التي تعيق تشكيل الحكومة الاتحادية المقبلة.
وقال في مقابلة مع وكالة أنباء “إيلنا” الإيرانية “لقد زرت العراق عدة مرات وقمت برحلة إلى أربيل قبل أسبوعين”.
وكان المسؤول الإيراني التقى كلا من زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني ورئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني ورئيس الوزراء مسرور بارزاني في العاشر من شهر أبريل الجاري.
وأردف دانائي فر خلال المقابلة مع “إيلنا” قائلا إن طهران يمكن أن تساعد التيارات السياسية العراقية على الخروج من المأزق السياسي، وإن زيارة الحلبوسي يمكن تقييمها في هذا الإطار.
وكانت وسائل إعلام إيرانية كشفت مؤخرا عن أن طهران أوكلت إلى السفير حسن دانائي فر مسؤولية الملف العراقي، بعد أن عجز السفير إيرج مسجدي عن تحقيق أي اختراق.
ويرى المراقبون أن الفترة المقبلة ستكون مصيرية بالنسبة إلى الأزمة السياسية في العراق، وسط ترجيح أن تكثف طهران ضغوطها على الفرقاء الشيعة لإنهاء حالة لاستعصاء الحالية.
وكشف زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي مؤخرا أن شهر يونيو سيكون حاسما بالنسبة إلى الأزمة السياسية.
وأعلن المالكي عن رفضه فكرة “التمديد لحكومة مصطفى الكاظمي لنصف ولاية أخرى”، مشددا على أن “البرلمان لا يمتلك مثل هذه الصلاحية، وإن حدث فإنه يعني موت البرلمان والدستور، وبذلك فلنمضِ إلى انتخابات أخرى مبكرة أو حل آخر”.
ورجح رئيس الوزراء الأسبق أن يكون “شهر يونيو المقبل شهرا حاسما لحلّ الأزمة السياسية، وفقا للتطورات الراهنة”.
العرب