مسقط – حظيت زيارة رئيسة تنزانيا سامية صولوحو حسن بالحفاوة في سلطنة عمان بالتوازي مع تطور متزايد في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، في تأكيد على أنهما قد نجحا في استيعاب مخلفات التاريخ المشترك حين كانت تنزانيا جزءا من حكم أسرة آل بوسعيد الذي يشمل سلطنة عمان وزنجبار (ساحل تنزانيا الحالية) ومناطق في الهند.
واستقلت تنزانيا بعد ثورة في ستينات القرن الماضي، إثر حكم امتد لمئات السنين بدءا من عام 1698، وانتقل حكام زنجبار من آل بوسعيد إلى عمان، وهم الآن من كبار المسؤولين في أجهزة سيادية مهمة في عمان، وهو ما ترك تأثيره على العلاقات بين البلدين.
ومثل الاحتفاء بزيارة سامية صولوحو حسن واستقبالها من السلطان هيثم بن طارق إشارة مهمة إلى أن البلدين قد نجحا في قلب هذه الصفحة المهمة من تاريخهما وتجاوزا مخلفاتها السلبية.
وخلال الزيارة وقّع البلدان العديد من مذكرات التفاهم شملت مجالات السياحة والموارد الطبيعية، والتعليم العالي والتدريب، والمتاحف الوطنية.
وأعلن بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية العماني عن إنشاء صندوق استثماري يُعنى بالاستثمار في المشاريع ذات الجدوى للبلدين في العديد من القطاعات منها: الزراعة والصيد البحري والتعدين.
ووقّع البلدان على مذكرة ثلاثية بين غرفة تجارة وصناعة عُمان وغرفة تجارة وصناعة وزراعة تنزانيا وغرفة تجارة زنجبار الوطنية، ومذكرة بين جهاز الاستثمار العُماني وهيئة ترويج استثمار زنجبار.
ويسعى جهاز الاستثمار العماني إلى تعزيز استثماراته في شرق أفريقيا بشكل عام، وتنزانيا بشكل خاص، لتشمل مجموعة من القطاعات أبرزها اللوجستي والأمن الغذائي والسياحي.
وفي خطوة تؤكد السعي لتجاوز الماضي، شاركت سلطنة عُمان العام الماضي في احتفالات تنزانيا بالذكرى الستين لاستقلالها. كما وقّع الطرفان على مذكرة تفاهم في مجال الوثائق تم بموجبها تبادل الوثائق والمحفوظات وقائمة الموجودات الأرشيفية التي تعنى بالتاريخ المشترك.
وقامت سلطنة عُمان بترميم مبنى «بيت العجائب» أو قصر العجائب، وهو مبنى تاريخي في مدينة زنجبار القديمة، ويعتبر واحدا من ستة قصور بنيت من قبل السلطان العماني برغش بن سعيد، ثاني سلاطين زنجبار.
وقد عملت مسقط على توثيق مختلف الأحداث التي تخص الوجود العماني في زنجبار في برامج وثائقية مختلفة بالإضافة إلى إعداد دراسات تاريخية للحفاظ على تاريخها.
وأنتجت سلطنة عمان المسلسل التاريخي «زهرة القرنفل» الذي يتناول تاريخ الإمبراطورية العُمانية في عهد سعيد بن سلطان البوسعيدي. كما أنتجت فيلم «حكاية بيوت زنجبار» الذي يحاكي أنماط الحياة العُمانية في زنجبار ويحاول إبراز نمو العمارة فيها، وكذلك شرائط وثائقية من بينها «أثر الوجود العُماني في شرق أفريقيا».
وكان العمانيون استردوا زنجبار من البرتغاليين في 1698، ونقل السلطان سعيد بن سلطان عاصمة حكمه من مسقط إلى مجي مكونجوي أو المدينة القديمة لمدينة زنجبار والتي تسمى اليوم ستون تاون أو المدينة الحجرية. وأنشأ سلالة حاكمة من ذريته.
وبعد وفاته، تنازع ولداه ثويني بن سعيد وماجد بن سعيد على وراثة الحكم، ما أدى إلى تقسيم عمان وزنجبار إلى سلطنتين، فصار ماجد سلطان زنجبار، بينما حكم ثويني سلطنة عمان.
وبعد توقيع معاهدة هليجولاند بين ألمانيا وبريطانيا حول تقسيم أفريقيا عام 1890، أضحت زنجبار محمية بريطانية خلال حكم علي بن سعيد.
ومنحت بريطانيا الاستقلال لزنجبار في ديسمبر 1963 وصارت سلطنة ملكية دستورية تحت حكم السلطان جمشيد بن عبدالله والذي أطيح به بعدها بشهر خلال ثورة زنجبار. وفي أبريل 1964 اتحدت تلك الجمهورية مع تنجانيقا مكونة جمهورية تنجانيقا وزنجبار المتحدة والتي استبدل الاسم بعدها بستة أشهر إلى تنزانيا.
العرب