تعيش أسواق الطاقة العالمية إحدى كبرى أزمات شح الإمدادات منذ الثورة الإيرانية عام 1979، في وقت بدأ فيه الحديث عن دخول الاقتصاد العالمي حرب طاقة ثالثة، بحسب ما نقل تقرير بوكالة الأناضول.
التقرير أشار إلى أن أزمة الطاقة العالمية تدحرجت خلال العام الجاري وسط تحركات دولية للبحث عن إمدادات متنوعة خاصة في أوروبا، لتصل إلى تسرب غاز متزامن في أنبوبي غاز “نورد ستريم 1″ (1 Nord Stream) و”نورد ستريم 2” يمتدان من روسيا إلى أوروبا عبر بحر البلطيق.
يضيف التقرير- بدأت دول الاتحاد الأوروبي البحث عن قنوات تقشف في استهلاك الطاقة خلال الشتاء المقبل، لدرجة أن الأمر وصل في ألمانيا إلى دعوات لعدم إضاءة شجرة الميلاد، في حين وصل في النمسا إلى تقليص مدة الاستحمام.
ويشير التقرير إلى أن حرب الطاقة الأولى حدثت عام 1973 خلال الصراع العربي الإسرائيلي، عندما استخدمت دول الخليج النفط سلاحا في تلك الحقبة، في حين حدثت حرب الطاقة الثانية خلال الثورة الإيرانية بنهاية سبعينيات القرن الماضي، وتعرضت فيها أسواق الطاقة العالمية لشح إمدادات بسبب تراجع صادرات النفط الإيراني.
يشار إلى أن الإدارة البحرية السويدية كانت قد أصدرت أمس الثلاثاء تنبيها من تسريبين في خط أنابيب “نورد ستريم 1″، وذلك بعد يوم من اكتشاف تسريب آخر في خط “نورد ستريم 2” القريب، مما دفع الدانمارك إلى تقييد حركة الشحن وفرض حظر ملاحة حول خط الأنابيب، وسط حديث عن عمل تخريبي.
حرب الطاقة الثالثة
ويوضح التقرير أنه منذ أزيد من 4 عقود، عززت روسيا وبالتعاون مع دول أوروبا وبالتحديد ألمانيا، نفسها كأكبر مزود للطاقة وخاصة الغاز الطبيعي اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية والتدفئة.
وبحسب التقرير ذاته، بلغت حصة روسيا من الغاز الطبيعي قرابة 41% من إجمالي استهلاك أوروبا للغاز سنويا في 2021، بأكثر من 175 مليار متر مكعب سنويا.
وكانت روسيا تمد أوروبا يوميا بمتوسط مليوني برميل من النفط الخام، وقرابة 1.8 مليون برميل يوميا من المشتقات، قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وتعد موسكو ثالث أكبر منتج للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة والسعودية بمتوسط يومي 11 مليون برميل.
لكن إمدادات روسيا من الغاز الطبيعي تراجعت بنسبة فاقت 70% في الوقت الحالي على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، وربما ترتفع إلى 90% بعد الإعلان عن تسرب للغاز في أهم أنبوبين حاليين يزودان أوروبا بالطاقة، كما يفيد بذلك تقرير الأناضول، الذي لفت إلى أنه بحلول نهاية العام الجاري ستدخل حزمة عقوبات أوروبية بحق روسيا تشمل صناعة النفط عبر حجب واردات النفط البحرية والمشتقات كذلك.
وأمام هذا الوضع، يقول التقرير، تحولت إمدادات الطاقة الروسية (الغاز والنفط) تدريجيا شرقا نحو أسواق آسيا، التي فتحت شهيتها للأسعار المنخفضة -التي قدمتها موسكو- على النفط الخام بالتحديد.
وفي الأثناء، بدأ قادة الاتحاد الأوروبي وبريطانيا يجوبون العالم شرقا وغربا بحثا عن مصادر بديلة للطاقة، مع يقينهم أنهم لن ينجحوا في تعويض مصادر الطاقة الروسية 100%.
أحداث سابقة
وينقل تقرير الأناضول عن المحلل في وكالة “بلومبيرغ” (Bloomberg) ديفيد فيكلنغ قوله إن حرب الطاقة الأولى والثانية انتهت بانتصار البترول ومنتجيه، وكان الدرس المستفاد هو أن العالم خرج من الحربين أكثر اعتمادا على النفط والغاز.
لكن منذ حرب الطاقة الثانية بدأت دول العالم المستهلكة للطاقة تبحث عن مصادر أخرى، مثل الغاز الطبيعي والطاقة النووية والفحم والطاقة المتجددة.
ففي حين شكّل النفط عام 1973 حوالي نصف استهلاك الطاقة الأولية في العالم، باتت تبلغ الحصة اليوم 31%، بحسب بيانات بلومبيرغ.
غير أن الطلب العالمي على النفط الخام صعد من متوسط 70 مليون برميل يوميا في ثمانينيات القرن الماضي، إلى نحو 101 مليون برميل يوميا متوقعة خلال العام الجاري.
ويعتقد تقرير وكالة الأناضول أن النفط لا يزال يلقى طلبا في السوق العالمية، وهو ما يجعل حرب الطاقة الحالية في صالح روسيا، إلى حين انتشار مصادر الطاقة غير الأحفورية في غالبية اقتصادات العالم.
المصدر : وكالة الأناضول