للشرق الأوسط وشمال أفريقيا استثمارات كبيرة في طاقة الرياح

للشرق الأوسط وشمال أفريقيا استثمارات كبيرة في طاقة الرياح

واشنطن – عادة ما يتم الحديث عن الطاقة المتجددة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من وجهة نظر واحدة: وهي الشمس المشعة بقوة على صحاري المنطقة.

والطاقة الشمسية هي في الواقع مصدر كبير للطاقة ومصممة لتشغيل المعدات والأجهزة، لكن الرياح تهب أيضا عبر السهول والتلال والبحار في الشرق الأوسط، وتقوم المشاريع الضخمة بتسخير قوة الرياح وتحويلها إلى طاقة.

ويقول المحلل السياسي روبن ميلز في مقال بموقع “سنديكيشن بيورو” المختص في شؤون الشرق الأوسط إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد بدأت فعليا في استخدام طاقة الرياح الحديثة على نطاق تجاري قبل عقد من الزمان من استخدام الطاقة الشمسية، من خلال مشاريع في المغرب ومصر وإسرائيل وفي الطفيلة في الأردن، حيث تدور التوربينات ببطء بالقرب من قلعة الكرك القديمة.

انطلقت الطاقة الشمسية بالفعل في العام 2010 مع انخفاض كلفتها، حيث يتم توليد أرخص الكهرباء في العالم من الطاقة الشمسية في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتتصدر عناوين الصحف مشاريع عالمية مثل أكبر مزرعة للطاقة الشمسية في موقع واحد في الظفرة في أبوظبي، والتي تبلغ قوتها 2 جيغاوات، واثنين من أكبر المواقع متعددة المشاريع، وهما مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية في دبي (5 جيغاوات) وبنبان في مصر (1.8 جيغاوات)، ويمكن أيضا وضع الألواح الشمسية على نطاق أصغر على أرفف المنازل والمصانع.

وعلى الرغم من غياب الاتساق بعكس شمال غرب أوروبا، إلا أن هناك موارد رياح ممتازة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. حيث تعصف الرياح في جنوب المغرب والمناطق المحيطة بخليج السويس والعقبة في مصر والأردن وشمال غرب المملكة العربية السعودية وجنوب مصر والساحل الجنوبي الشرقي لعمان. كما تشهد أجزاء من ليبيا وجنوب تونس والصحراء الجزائرية وإيران الداخلية والكويت رياحا قوية، وعلى النقيض من معظم أنحاء أوروبا، فإن المنطقة لديها مساحات مفتوحة حيث لن يتم رفض بناء محطات الرياح من قبل بعض فئات المجتمع.

وتستفيد مصر التي استضافت اجتماع قمة الأطراف (كوب 27) من وجود مشاريع تنتج 1.59 جيغاوات مثبتة حاليا، و 0.75 جيغاوات قيد الإنشاء و 1.6 جيغاوات مخطط لها، ووقعت مجموعة من المشاريع في الأسابيع الأخيرة، والتي شملت مذكرات تفاهم مع المطور النرويجي سكاتيك للحصول على 5 جيغاوات، ومع شركة الطاقة النظيفة الإماراتية مصدر مقابل 10 جيغاوات، ومع شركة أكوا السعودية لتطوير الطاقة أيضا مقابل 10 جيغاوات.

وستكون تلك هي ثاني أكبر مزارع الرياح في العالم، والأكبر منها هي قانسو التي تنتج 20 جيغاوات في الصين. وتقوم أكوا بالفعل ببناء مزرعة رياح بقدرة 1.1 جيغاوات في جبل الزيت على خليج السويس، والتي ستكون الأكبر في المنطقة عند بدء تشغيلها في أواخر عام 2026، وسيكون إجمالي الطاقة الإنتاجية المتوقعة لمصر هي 24 جيغاوات وهو سابع أكبر قدرة وطنية في العالم وفق الأرقام الحالية.

بالإضافة إلى ذلك ستحتاج مصر والمملكة العربية السعودية وعمان والمغرب وموريتانيا إلى مزارع رياح ضخمة لبناء مشاريع الهيدروجين الأخضر المخطط لها، والتي تستخدم الكهرباء المتجددة لتحليل المياه بالكهرباء.

ويرجح ميلز أن تكون طاقة الرياح في ظل ظروف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر كلفة من الطاقة الشمسية، حتى لو حصلت المملكة العربية السعودية على تعريفة تنافسية للغاية قدرها 2.13 سنت أميركي لكل كيلوواط في الساعة لأول مزرعة رياح لها في دومة الجندل (والذي كان أدنى عقد للطاقة الشمسية في المنطقة عند 1.03 سنت لكل كيلوواط / ساعة). كما تستغرق طاقة الرياح وقتا أطول للبناء، ولا يمكن التنبؤ بالإنتاج بعد بضعة أيام.

لكن الرياح لها العديد من المزايا، فمن الواضح أنها غالبا تهب في الليل بقوة أكبر من النهار، وذلك يجعلها مكملة للطاقة الشمسية. وذلك مفيد بشكل خاص في أمسيات الخريف المبكرة الحارة، عندما يحتاج الناس إلى تكييف الهواء حتى بعد غروب الشمس.

وأحرزت الطاقة الشمسية في المنطقة عامل قدرة، وهو متوسط إنتاج المصدر كنسبة من ذروة إنتاجه، ويبلغ حوالي 20 في المئة على مدار العام، مما يسمح بالعمل في الليل والفصول المختلفة، وتدير طاقة الرياح المصرية 53 في المئة، ويمكن أن يكون للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في أفضل المواقع عامل سعة مشترك يزيد عن 70 في المئة.

ولا تزال هناك بعض الأسئلة الحيوية حول موقع التوربينات والمشاريع الضخمة المخطط لها في مصر؟ فالممرات التي تهب فيها الرياح حول سيناء محصورة نسبيا وتحيط بها الجبال، وسيتعين النظر في المناطق الواقعة جنوبا على ساحل البحر الأحمر، أو المناطق الداخلية التي تعاني من عراقيل لوجستية صعبة، ولم تحدد أحدث الاتفاقيات علنا موقعا أو جدولا زمنيا لتلك المشاريع.

وهل ستغامر المنطقة بالخروج واستكشاف طاقة الرياح في عرض البحر، كما فعلت شمال غرب أوروبا بنجاح؟ وهناك رياح أقوى وأكثر اتساقا، ومساحة أكبر بكثير لتطويرها، وإن كان ذلك بتكاليف أعلى.

هل ستتداخل إعلانات المشاريع الحالية مع مشاريع الهيدروجين الأخضر؟ إذا تم ذلك، فإن متطلبات الرياح ستكون أكبر بكثير، وستثير المنافسة على المواقع والمعدات الجيدة.

وهل يمكن لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأقل تعرضا لقوة الرياح، وخاصة الإمارات وقطر والبحرين الاستفادة اقتصاديا من التوربينات المحسنة لسرعات الرياح الأبطأ؟

هل ستبدأ البلدان الأخرى التي تشهد هبوب الرياح والتي تملك طاقة قليلة، مثل العراق والكويت وليبيا وتونس، في تبني هذه التكنولوجيا؟

ويؤكد ميلز أنه إذا أمكن الإجابة على تلك الأسئلة بنعم، فإن التوربينات التي تدور والألواح الشمسية المتلألئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستصبحان رمزا لتحول المنطقة إلى الطاقة النظيفة.

العرب