البنك المركزي العراقي يكشف سبب ارتفاع سعر الصرف

البنك المركزي العراقي يكشف سبب ارتفاع سعر الصرف

الباحثة شذى خليل*

يعمل البنك المركزي العراقي، بآلية جديدة تتزامن مع توجهات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في البدء باتباع طرق تدقيق ونظام تحويل “سويفت” (Swift) جديد بأسلوب شبيه بالنظام العالمي، والمعايير الدولية للحد من التلاعب والفساد، وبما يتطلب تفاصيل دقيقة عن الحوالات الخارجية، الأمر الذي أدى لرجوع العديد من الحوالات، وتقليل المصارف المحلية شراء كميات كبيرة من الدولار بسبب هذه الإجراءات الشديدة.
إن الآلية الجديدة التي يتخذها البنك المركزي العراقي تحدث هذا الارتفاع في أسعار الصرف وفي عمليات البيع والشراء، التي شهدتها الأيام الأخيرة في محال الصرافة، اذ وحسب اجتماع ادارة البنك المركزي في 15-12-2022 القرار مجلس الإدارة رقم 192 لسنة 2022، بتوقيع محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف ، اذ سيبيع البنك المركزي العراقي الدولار للمصرف لأغراض الاعتمادات المستندية بمبلغ 1455 دينار للدولار بدلا من 1460 ، أن هذه الآلية تهدف الى الحد من الفساد مثل تهريب العملة وغسيل الأموال، إذ تتطلب عملية بناء منصة الكترونية المزيد من الوقت لتحقيق الاستقرار المالي الذي تطمح إلية الحكومة الجديدة .
أكد محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف انه وبالتعاون مع مسؤولين في الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والجرائم المالية، تم العمل على تطبيق المعايير الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والتزام البنك المركزي بها، وفي نفس السياق الحد من التزوير والفساد، حيث باشر المركزي منذ أشهر ببناء المنصة بالتنسيق مع الجهات الدولية لغرض إحكام وتنظيم عمليات نافذة بيع وشراء العملة الأجنبية وتضمن فاعلية الرقابة عليها، والعمل على استقرارها في المستقبل القريب، حيث تم تكليف شركة دولية متخصصة ببنائها وربط المصارف مع البنك المركزي من خلالها، وان المنصة تتطلب تقديم معلومات عن الزبائن طالبي التحويل والجهات المستفيدة والمصارف المراسلة.

وحسب مصادر رسمية في البنك المركزي، فإن احتياطيات البنك المركزي والملاءة المالية للدولة عموما بحالة ممتازة وفي أفضل مستوياتها منذ عقود، وأن العرض الحالي للعملة الأجنبية لا يرتبط بالموارد، بل بالإجراءات الإدارية والتدقيقية، مما سيتم تجاوزها خلال الأيام المقبلة.
إن البنك المركزي اتخذ عددا من الإجراءات لتوسيع عرض النقد الأجنبي لتلبية طلب الجمهور على الدولار النقدي، كما تم توجيه إدارة النافذة لتلبية طلبات المصارف للأيام القادمة بشكل أسرع من خلال تنفيذ طلبات مضاعفة كما تم إعطاء سعر تفضيلي لتنفيذ الاعتمادات المستندية لغرض تغطية الطلب المحلي .
بعض الاقتصاديين أكدوا أن من بين الإجراءات المهمة للبنك المركزي العراقي منع عدة مصارف من دخول مزاد بيع العملة بعد تحذيرات من وزارة الخزانة الأميركية، مما انعكس على تراجع حجم الدولار المباع بمزاد بيع العملة، والمصارف هي عراقية أهلية من مزاد بيع العملة (الأنصاري، والشرق الأوسط، والقابض، وآسيا) المتهمة بتهريب العملة. وكانت تستحوذ على ما يقرب من 40% من مبيعات البنك المركزي من الدولار، مما شدد الإجراءات حول المصارف الخاصة عن الأموال العراقية قبل شرائها الدولار حتى تكون بمأمن من إجراءات البنك المركزي الجديدة، مما انعكس على تذبذب سعر صرف الدولار بالسوق السوداء إلى اضطراب الحركة التجارية بالبلاد لكنها مؤقته وستشهد الفترة المقبلة استقرارا لسعر الصرف، لكنه يعتمد على مدى نجاح تلك الإجراءات للقضاء على الفساد المالي والإداري .

أوجه الفساد كثيرة ومنها، المضاربات التي يشنها تجار العملة والتي يتحصل منها هؤلاء أموالا طائلة دون وجود أي حسيب أو رقيب، إن الحملة الحكومية ضد الفساد جعلت الكثير من أصحاب الأموال غير الشرعية يسارعون إلى محاولة إخراج أموالهم من العراق بسرعة لتلافي إجراءات مكافحة الفساد، مما أحدث هذا الخلل في الأسعار، حيث وصل حجم الفساد الى أن دول عدة مجاورة للعراق تعاني من صعوبات في الحصول على الدولار، اتجهت لشراء الدولار من العراق وتهريبه عبر المنافذ الحدودية غير المسيطر عليها.
ومن واجب الجميع من المتعاملين من مستثمرين وتجار، ضرورة التعاون مع المصارف والبنك المركزي من خلال العمل وفق السياقات التجارية المعمول بها عالمياً، والاستيراد بموجب الاعتمادات المستندية، كونها توفر ضمانة للمستورد وتحفظ حقوقه وتؤمّن على السلع المستوردة، وتمكّنه للإفادة من التسهيلات المصرفية في تغطية قيمة الاعتماد، لمنع الغش التجاري والتهريب، لتنمية الاستثمار في العراق بشكل يخدم المواطن والاقتصاد.

ختاما إن الإجراءات التي تقوم بها حكومة السوداني وإدارة البنك المركزي، بتفعيل أدوات الرقابة حسب المعايير الدولية ، وأن الارتفاع لن يستمر طويلا، لكنها تفرض وضعا جديدا يبعث الأمل في الفترات المقبلة ، والحكومة تشدد على جميع المتعاملين من مستثمرين وتجار بضرورة التعاون مع المصارف والبنك المركزي، حيث تؤكد الحكومة التزامها بالمحافظة على استقرار السوق المحلية، من خلال دعم استقرار سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، وهي تدعم خطوات البنك المركزي ، لاستقرار افضل لأسعار الصرف، والأهم هو السيطرة على شركات الصيرفة والسوق الموازي حتى تتبين الجهة التي تعمل على شراء الدولار من المنافذ غير الرسمية، والتمكن من تتبع المصارف المتورطة بإخراج الدولار من العراق دون استثمارها في سلع أو خدمات بالداخل العراقي.

 

وحدة الدراسات الاقتصادية/ مكتب شمال امريكا

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية