بوادر انفراجة بين بغداد وأربيل لطي خلافات ملف النفط

بوادر انفراجة بين بغداد وأربيل لطي خلافات ملف النفط

بغداد – اتفقت الحكومة العراقية الاتحادية وحكومة إقليم كردستان الأحد على تشكيل لجنة مشتركة لصياغة مشروع قانون النفط والغاز الاتحادي، في مؤشر على بوادر انفراجة بين بغداد وأربيل لطي صفحة أعقد الملفات العالقة منذ سنوات.

جاء ذلك بعد ساعات قليلة على تصريح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مؤتمر صحافي عقده على هامش مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن بدورته التاسعة والخمسين، “قطعنا شوطا مهما في تذليل العقبات بين بغداد وأربيل، وسننهي هذا العام تشريع قانون النفط والغاز”.

ووصل الأحد وفد رفيع المستوى من حكومة إقليم كردستان إلى العاصمة العراقية بغداد، من أجل استكمال المفاوضات بشأن تشريع قانون النفط والغاز، المؤجل منذ سنين بسبب الخلافات السياسية عليه، إضافة إلى مناقشة نسبة الإقليم ضمن موازنة سنة 2023.

وذكر بيان لدائرة الإعلام والمعلومات في حكومة الإقليم أن “وفد حكومة إقليم كردستان اجتمع في بغداد، الأحد التاسع عشر من فبراير 2023، مع وفد الحكومة الاتحادية – وزارة النفط، وتقرر خلال الاجتماع، تشكيل لجنة مشتركة لإعداد وصياغة مشروع قانون النفط والغاز الاتحادي”.

ويعد قانون النفط والغاز واحدا من أهم أسباب الخلافات بين بغداد وأربيل، وعلى مدار الحكومات والدورات البرلمانية السابقة لم تتفق الكتل السياسية على صيغة نهائية لهذا القانون.

وكانت القوى السياسية الكردية لا تريد إقرار قانون النفط والغاز مستفيدة من فقرة دستورية تغلب دساتير الإقليم على الصلاحيات الحصرية للحكومة، سنّتها وفقا لقانونها الخاص.

لكن بعد قرار المحكمة الاتحادية يحتاج الإقليم غطاء قانونيا لعقد الاتفاقيات مع الشركات الدولية التي بدأت تتخوف من الاستثمار في النفط والغاز في إقليم كردستان، خصوصا بعد إقدام الجماعات المسلحة على استهداف مواقع شركة “دانا غاز” بالتزامن مع قرار المحكمة الاتحادية بعدم مشروعية قانون الإقليم، ودعوتها إلى إخضاع الثروة النفطية للحكومة الاتحادية حسب المادتين 110 و111 من الدستور.

وترى أوساط سياسية أن قانون النفط والغاز يعد من أبرز القوانين التي من شأنها حلحلة الأزمة بين بغداد وأربيل، لاسيما بعد التحركات الأخيرة التي سبقت وأعقبت تشكيل حكومة السوداني وإجراء زيارات متبادلة بين الجانبين.

وأكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، في تصريحات صحافية، أن “الأطراف السياسية وكذلك الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم مصرة على تشريع قانون النفط والغاز خلال المرحلة المقبلة من أجل حل الخلافات العالقة بين بغداد وأربيل”.

وأضاف كريم أن “قانون النفط والغاز، سوف يحل جميع المشاكل النفطية والمالية بين بغداد وأربيل، فهذا القانون سينظم العلاقة بين الطرفين وفق الدستور العراقي، والحوارات بهذا الصدد مستمرة وستبقى مستمرة ومتواصلة خلال الأيام المقبلة”.

لكن عضو برلمان كردستان جهاد حسن أكد في تصريحات صحافية أن الاجتماع شهد عدة خلافات بين الوفدين الحكوميين حول عدة نقاط، “تتمثل في عدم التوصل إلى صيغة معينة بخصوص تسليم الإيرادات المالية وعائدات النفط من كردستان، وهل سيتم تسليمه (النفط) لشركة تسويق النفط (سومو) أم يتم تسليمها كأموال؟”.

وأضاف أن “نقاط الخلاف الأخرى تتمثل في عدم الاتفاق على النسبة المحددة من الموازنة، حيث تطلب حكومة كردستان نسبة 14 في المئة، في حين تصر الكتل السياسية على نسبة 12 في المئة لكردستان، وهي غير كافية عطفا على الالتزامات التي بذمة حكومة كردستان”.

وينص قانون النفط والغاز في العراق الذي ينتظر التشريع في البرلمان الحالي منذ عام 2005 على أن مسؤولية إدارة الحقول النفطية في البلاد يجب أن تكون مناطة بشركة وطنية للنفط، ويشرف عليها مجلس اتحادي متخصص بهذا الموضوع.

لكن منذ عام 2003، تختلف بغداد وأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق على موضوع إدارة حقول الإقليم النفطية، حيث تقول بغداد إن الإقليم لا يصرح بمبالغ تصدير النفط الحقيقية، ولا يسلم تلك المبالغ إليها، بينما تقول كردستان إن الصادرات من الحقول النفطية في أراضيها يجب أن تخضع لإدارتها، سواء من ناحية منح التراخيص للاستكشافات الجديدة، أو إدارة الحقول الموجودة أصلا، أو التحكم في الإنتاج والتصدير للوجهات التي تختارها، أو التعاقد على الشراء والتطوير.

وسيكون القانون حلا جذريا للخلاف حول الثروة النفطية بين بغداد وأربيل، بل وينظم جميع ملفات الطاقة في عموم العراق.

ويملك العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، احتياطات هائلة من الذهب الأسود الذي يمثل نسبة 90 في المئة من إيراداته، لكن وزارة النفط العراقية نشرت تحليلا في مايو الماضي قال إن حكومة الإقليم ارتكبت “مخالفات قانونية وإجرائية” في بيع النفط تسببت بخسائر كبيرة.

وتعتمد الحكومة العراقية في موازنتها بشكل كبير على سعر برميل النفط والعائدات النفطية، في بلد يواجه صعوبات اقتصادية ويحتاج إلى مشاريع بنى تحتية عدة بعد سنوات من الحرب.

وتعد الملفات العالقة بين بغداد وأربيل من أبرز المشاكل التي تواجهها الحكومات العراقية المتعاقبة، ومن أهم تلك الملفات التي تحتاج إلى حوار وتفاهمات مشتركة، رواتب موظفي إقليم كردستان العراق، والتنسيق الأمني في المناطق المتنازع عليها، والاتفاق على آلية تصدير النفط من حقول الإقليم.

العرب