تراجع إنتاج الأرز يهدد إمدادات الغذاء العالمية

تراجع إنتاج الأرز يهدد إمدادات الغذاء العالمية

لندن – تواجه حكومات العالم معضلة أخرى تنضاف إلى مخلفات الحرب في أوكرانيا إن لم تبادر سريعا في تغيير الأساليب التي يتم بها إنتاج الغذاء، بعدما شهد حصاد الأرز تراجعا هو الأسوأ منذ قرابة عقدين من الزمن.

ورجح تقرير حديث أصدرته فيتش سوليوشنز أن يسجل سوق الأرز العالمي أكبر عجز له منذ عشرين سنة في عام 2023.

واعتبر معدو التقرير عجزا بهذا الحجم في إنتاج أحد أهم المحاصيل الزراعية في العالم سيضر بالمستوردين الرئيسيين في مختلف الدول، وقد يزيد من محن الناس مع الوصول إلى الغذاء.

ويعتمد نحو 3.5 مليار إنسان على الأرز كمكون أساسي في غذائهم وخاصة في دول منطقة آسيا الوسطى والمحيط الهادئ، التي تستهلك لوحدها حوالي 90 في المئة من هذه المادة على مستوى العالم.

◙ متوسط سعر قنطار الأرز بلغ 17.3 دولارا خلال العام الجاري ومن المتوقع أن يتراجع إلى مستويات 14.5 للقنطار خلال 2024

وأوضح محلل السلع في فيتش سوليوشنز تشارلز هارت أن العجز في إنتاج محصول الأرز عالميا يعتبر شديد الوضوح، ما دفع أسعار الأرز إلى الارتفاع إلى مستويات هي الأعلى في نحو عقد من الزمن.

وبحسب التقرير الذي صدر في وقت سابق هذا الشهر، فإن من المتوقع أن تبقى أسعار الأرز مرتفعة خلال العام الجاري على أن تتراجع خلال العام المقبل.

وبلغ متوسط سعر قنطار الأرز 17.3 دولارا خلال العام الجاري، ومن المتوقع أن يتراجع إلى مستويات 14.5 للقنطار خلال 2024.

وتعتبر أسعار الأرز مقياسا واضحا يمكن الاعتماد عليه لتحديد مدى تأثر أسعار الغذاء عالميا بمعدلات التضخم، إذ يعتبر سلعة الغذاء الأساسية في العديد من الأسواق الآسيوية وتحديدا للأسر الأشد فقرا.

وتوقعت فيتش سوليوشنز أن يصل حجم العجز خلال الموسم الجاري إلى نحو 8.7 مليون طن.

وقال هارت إن “نقصا بهذا الحجم سيمثل أكبر عجز عالمي في الأرز منذ عام 2003-2004، عندما شهد العالم نقصا في أسواق الأرز بنحو 18.6 مليون طن”.

ونتيجة النقص العالمي ستضطر العديد من الدول أيضا إلى سحب مخزونها المحلي، وأكثر البلدان تضررا من العجز ستكون تلك التي تعاني بالفعل ارتفاع تضخم أسعار المواد الغذائية المحلية مثل باكستان وتركيا وسوريا وبعض الدول الأفريقية.

وأرجع التقرير السبب في نقص المعروض من الأرز إلى استمرار الأزمة الأوكرانية، إضافة إلى سوء الأحوال الجوية في الاقتصادات المنتجة للأرز.

وشهدت باكستان المسؤولة عن 7.6 في المئة من تجارة الأرز العالمية تراجعا كبيرا في إنتاج الأرز خلال العام الماضي بنسبة بلغت 31 في المئة، بسبب الفيضانات القوية التي شهدتها البلاد.

كما عمقت بيانات وزارة الزراعة الهندية، التي تم نشرها في سبتمبر الماضي بشأن تقلص إنتاج الأرز في البلاد، من صدمة الأسواق العالمية للغذاء.

◙ السبب في نقص المعروض من الأرز يعود إلى استمرار الأزمة الأوكرانية، إضافة إلى سوء الأحوال الجوية في الاقتصادات المنتجة للأرز

وأفادت الوزارة حينها بأن إنتاج الأزر المزروع أثناء فترة الأمطار الموسمية في الهند، أكبر مصدر للأزر في العالم، سيتراجع بنسبة 6.1 في المئة على أساس سنوي إلى قرابة 105 ملايين طن في الموسم المقبل.

وتؤكد التقارير الدولية الصادرة عن المؤسسات والمنظمات المعنية بالغذاء أن الهند تسهم لوحدها بقرابة 40 في المئة من التجارة العالمية للأرز.

وفاجأت نيودلهي الأسواق العالمية في أغسطس الماضي بمنع تصدير أصناف من الأرز إلا بشروط تتعلق بدفع رسوم إضافية على كل شحنة، بهدف تهدئة الأسعار محليا.

وحظرت الحكومة صادرات الأرز المكسور وفرضت رسوما بنسبة 20 في المئة على الصادرات من مختلف الأنواع الأخرى الخميس الماضي. وتُطبق هذه القيود على ما يقرب من 60 في المئة من إجمالي صادرات الأرز في الهند.

وتشمل القيود المفروضة على أصناف الأرز البني غير المطحون والمقشر، وكذلك الأرز شبه المطحون والمطحون بالكامل أو الأرز الأبيض، لكن تم إعفاء الأرز المسلوق والبسمتي من الرسوم الجديدة.

والأرز ثالث سلعة زراعية رئيسية في الهند تشهد قيودا على تجارتها خارجيا هذا العام، بعد أن قلّصت الحكومة بالفعل صادرات القمح والسكر، ما أدّى إلى تعزيز موجة الحمائية الغذائية التي ساهمت بدورها في تفاقم الفوضى في أسواق الغذاء العالمية.

العرب