هل ورط حزب بارزاني بغداد باتفاقه السابق مع أنقرة بشأن النفط

هل ورط حزب بارزاني بغداد باتفاقه السابق مع أنقرة بشأن النفط

أربيل – تقول أوساط سياسية كردية إن الحزب الديمقراطي الكردستاني ورّط على ما يبدو الحكومة الاتحادية باتفاقه السابق مع تركيا بشأن تصدير النفط، والذي يقضي بمنح أنقرة أسعارا تفاضلية وخصومات كبيرة على مدى خمسين عاما.

وتوضح الأوساط أن أنقرة تحاول اليوم مساومة بغداد بعد أن آل ملف تصدير نفط شمال العراق إليها، حيث تريد تركيا الحصول على نفس الامتيازات التي منحها إياها الحزب الديمقراطي الذي يقوده مسعود بارزاني من بغداد.

وتشير الأوساط إلى أن تركيا ستحاول قدر الإمكان المماطلة في الاستجابة لطلب العراق بشأن استئناف صادرات نفط الإقليم عبر ميناء جيهان، في ظل إدراكها بأن عامل الوقت يشكل عنصر ضغط مهما على بغداد التي تجد نفسها في وضع صعب جراء الخسائر المالية الفادحة التي تتكبّدها عن كل يوم تأخير، لاسيما وأنها كانت اعتمدت حصة الإقليم النفطية ضمن إيرادات الموازنة العامة.

وأعلنت حكومة إقليم كردستان الخميس في بيان عن التوصل إلى اتفاق نهائي مع بغداد بشأن استئناف تصدير نفط الإقليم عبر ميناء جيهان التركي، وإرسال طلب رسمي لتركيا بهذا الشأن بانتظار الرد، بعد أكثر من شهر على توقفه.

وجاء الإعلان بالتزامن مع زيارة الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى أربيل لحضور افتتاح نصب بارزاني التذكاري.

وكان العراق قد بدأ إجراءات تحكيم مع تركيا المجاورة في عام 2014 لدى غرفة التجارة الدولية في باريس على خلفية تصدير أنقرة عبر ميناء جيهان نفط إقليم كردستان العراق لفترة طويلة بدون موافقة السلطات الاتحادية في بغداد.

وأصدرت هيئة التحكيم هذا العام قرارها لصالح بغداد وألزمت تركيا بدفع تعويضات للدولة العراقية. وقاد ذلك أنقرة إلى وقف واردات النفط من كردستان العراق في 25 مارس الماضي، ولم تستأنف حتى الآن، وذلك لأسباب تقنية ومالية، بحسب مسؤولين في بغداد.

وترى الأوساط الكردية أن تركيا تضغط على الحكومة الاتحادية للتوصل إلى تسوية بشأن التعويضات وأيضا للحصول على ذات الأسعار التفاضلية التي كان الإقليم يقدمها لها.

وحمّل عضو حراك الجيل الجديد ريبوار جلبي الخميس رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني مسؤولية أزمة تعليق تصدير النفط مع تركيا.

وقال جلبي في تصريحات لوكالة “بغداد اليوم” إن “تركيا لم توافق على استئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان كونها تريد شراء النفط بمبالغ زهيدة كما كانت تشتريه من حكومة كردستان”.

وأضاف القيادي في الجيل الجديد أن “الحزب الديمقراطي ورئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني هما من يتحمل أزمة النفط كونهما وقعا عقودا نفطية مع تركيا لمدة 50 عاما”.

ويعني توقف ميناء جيهان عن تسلم نفط كردستان فقدان إيرادات قرابة 475 ألف برميل يومياً.

وكانت بغداد وسلطات الإقليم وقعتا في أبريل الماضي اتفاقا “مؤقتا” لتسوية بعض النقاط الخلافية ووضع آلية تصدير تشرف عليها الحكومة الاتحادية، رغم أن بعض المسائل ظلت عالقة.

وذكر البيان الخميس أن “حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية توصلتا إلى اتفاق بشأن استئناف صادرات النفط من إقليم كردستان”.

وأضاف بيان وزارة الثروات الطبيعية الذي ورد على موقع حكومة الإقليم أن شركة تسويق النفط العراقية (سومو) “طلبت رسمياً في 10 أيار/مايو 2023 من الجانب التركي استئناف عملية تصدير نفط إقليم كردستان عبر خط أنابيب كركوك – جيهان”.

وبعد هذا الطلب “تنتظر وزارتا الموارد الطبيعية والنفط الاتحادية الرد التركي لاستئناف صادرات النفط”، بحسب البيان.

وقالت أربعة مصادر مطلعة إن طلب العراق الذي أُرسل إلى شركة الطاقة الحكومية التركية (بوتاش) جاء بعدما وقع التجار الذين يشترون الخام من إقليم كردستان عقودا مع شركة تسويق النفط التابعة للحكومة العراقية يومي الثلاثاء والأربعاء بعد مناقشات جرت على مدار أسابيع.

وكان وزير النفط العراقي حيان عبدالغني قد أعرب الأربعاء الماضي عن أمله في التوصل قريبا إلى اتفاق يتيح استئناف تصدير الخام من الإقليم.

وقال الوزير حينها في كلمة له في منتدى العراق الذي نظمته مراكز أبحاث عراقية “بالنسبة إلى الاتفاق مع الإقليم (…) إن شاء الله خلال أسبوع أو أسبوعين على أقصى تقدير سنتوصل إلى اتفاق نهائي بخصوص استئناف تصدير النفط الخام”، مؤكدا أن “المؤشرات إيجابية”.

وأشار عبدالغني خصوصا إلى “الفحوصات التي أجراها الجانب التركي للأنابيب” لتلافي التسربات النفطية المحتملة بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في فبراير.

وحسب بنود الاتفاق المعلن في بداية أبريل، فإن مبيعات النفط من كردستان يجب أن تمر عبر شركة النفط الحكومية العراقية، وليس حصريًا عبر السلطات الكردية المحلية.

كما ينص على إيداع عائدات الصادرات الكردية في حساب تديره السلطات المحلية في كردستان وتشرف عليه بغداد.

ويستبعد خبراء نفط أن تستجيب تركيا للطلب العراقي، على الأقل قبل الاستحقاق الانتخابي التركي، مشيرين إلى أن موقف الحكومة الاتحادية في بغداد سيكون صعبا للغاية.

وقال بيجان مصفر رحماني الرئيس التنفيذي لشركة “دي.إن.أو” النرويجية للنفط في مكالمة هاتفية مع المحللين الخميس “هناك عدة اعتبارات (بخصوص استئناف عمل خط الأنابيب)، وأهمها هو الانتخابات الرئاسية التي تجري في تركيا يوم 14 مايو مع احتمال وصولها إلى جولة إعادة”.

والعراق هو ثاني أكبر دول منظمة أوبك إنتاجا ويُصدّر في المتوسط 3.3 مليون برميل من الخام يوميا. ويمثل النفط 90 في المئة من دخل البلاد.

العرب