نفى وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري أي صلة لحكومته بخطف صيادين قطريين من جنوب العراق، وذلك ردّا على مطالبة دول مجلس التعاون حكومة بغداد بتحمّل مسؤولياتها إزاء عملية الاختطاف.
وكان الجعفري يتحدّث من الكويت، محاولا التخلّص من حرج الموقف، بعد توجّه أصابع الاتهام في عملية الاختطاف نحو الميليشيات الشيعية المعروف أن قادتها ليسوا سوى شخصيات سياسية مشاركة في الحكم بطريقة أو بأخرى.
وكانت مجموعة كبيرة من المسلحين قد خطفت 26 قطريا على الأقل الأسبوع الماضي من مخيم للصيد أقاموه بمنطقة صحراوية بالعراق قرب الحدود السعودية.
وقال الجعفري في مؤتمر صحفي مشترك في الكويت مع نظيره الكويتي الشيخ صباح الخالد “أنا أنفي بشكل قاطع أن تكون القضية لها علاقة بالحكومة العراقية”.
ولم تعلن أي جهة المسؤولية عن عملية الخطف، لكن شكوكا قوية اتجهت إلى الميليشيات الشيعية التي تتمتع بحرية كبيرة في الحركة بأرتال طويلة من السيارات رباعية الدفع دون اعتراض من قوات الجيش والشرطة، التي غالبا ما تغض الطرف عن حركة تلك المجموعات التي يأتمر أغلبها بأوامر شخصيات ذات نفوذ وتأثير داخل الحكومة.
وكانت ميليشيا حزب الله العراق قد أقدمت منذ أشهر على اختطاف عمال أتراك، ثم بادرت إلى إطلاق سراحهم بعد توجيهها رسائل سياسية عبرهم إلى تركيا التي تناصبها الميليشيات العراقية العداء تأثرا بمواقف طهران من أنقرة.
ويرى مراقبون أن عمليات الاختطاف في العراق بدأت تأخذ منحى خطرا، بمحاولة الميليشيات التي تقف خلفها إيران استخدامها في توجيه سياسة العراق تجاه جيرانه، وضرب أي محاولة للتقارب مع دول لا تجمعها بطهران علاقات ودية.
وفي إشارة بليغة إلى صلة أطراف حكومية عراقية بالميليشيات الشيعية، طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أمس، بردع ما سماها “الميليشيات الوقحة” متهما بعض الوزارات الأمنية بتوفير الغطاء لها.
ويأتي كلام الصدر الذي يقود بدوره ميليشيا شيعية تحمل اسم “سرايا السلام”، في وقت يشهد فيه العراق حالة غير مسبوقة من انفلات مجموعات مسلّحة تمارس أعمال قتل ونهب وخطف، باتت تكرّس بشكل ملموس منطق اللادولة، وتحرج الحكومة العراقية إزاء بلدان عربية وأجنبية.
وجاء كلام الصدر، فيما لا تزال قضية اختطاف صيادين قطريين بينهم شيخ من الأسرة الحاكمة تتفاعل، مهدّدة الجهود الخجولة أصلا لتطبيع علاقات العراق بمحيطه العربي.
وطالبت دول مجلس التعاون الخليجي الحكومة العراقية، “بتحمل مسؤولياتها القانونية، واتخاذ الإجراءات الحاسمة والفورية الكفيلة بضمان سلامة المختطفين القطريين في العراق وإطلاق سراحهم في أسرع وقت ممكن”.
وجاء ذلك في بيان أصدرته أمس الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بعد مرور نحو أسبوع على اختطاف عدد من المواطنين القطريين في العراق.
وقالت الأمانة العامة في البيان إنها “تتابع بقلق بالغ مسألة اختطاف عدد من المواطنين القطريين جنوب العراق. وتعتبر هذا العمل المشين خرقا صارخا للقانون الدولي، وانتهاكا لحقوق الإنسان، ومخالفا لأحكام الدين الإسلامي الحنيف من قبل الخاطفين، وعملا مرفوضا يسيء إلى أواصر العلاقات الأخوية بين الأشقاء العرب”.
وأعربت دول الخليج عن إدانتها لهذا العمل، قائلة “إنه في الوقت الذي تدين دول مجلس التعاون وتستنكر اختطاف مواطنين أبرياء دخلوا الأراضي العراقية بصورة مشروعة وقانونية، فإنها تعرب عن تضامنها التام مع حكومة قطر في جميع الإجراءات التي تتخذها بهذا الشأن”.
وأعربت عن أملها في أن “تتمخض الاتصالات التي تجريها الحكومة القطرية مع الحكومة العراقية عن إطلاق سراح المخطوفين وعودتهم سالمين إلى بلدهم”.
وأشار بيان الأمانة العامة إلى أن “دول مجلس التعاون التي تواصل تعاونها، لتحقيق الأمن والاستقرار في العراق، تطالب الحكومة العراقية بتحمل مسؤولياتها القانونية الدولية، واتخاذ الإجراءات الحاسمة والفورية الكفيلة بضمان سلامة المختطفين وإطلاق سراحهم في أسرع وقت ممكن”.
ولفتت إلى “أن المواطنين القطريين قد دخلوا الأراضي العراقية بموجب سمات دخول رسمية صادرة عن سفارة العراق في الدوحة استنادا إلى موافقة وزارة الداخلية العراقية، وأن حادثة الاختطاف وقعت في أراض تحت سيطرة وسيادة الحكومة العراقية”.
ومن جهته قال متحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، أمس، إن التحقيق في ملف اختطاف الصيادين القطريين في بادية السماوة وصل إلى مراحل متقدمة، وأن نتائج التحقيق ستعلن قريبا.
صحيفة العرب اللندنية