تحفيز مناخ الأعمال محرك المغرب لمواجهة البطالة

تحفيز مناخ الأعمال محرك المغرب لمواجهة البطالة

حملت إشارات عودة معدل البطالة إلى الارتفاع في المغرب مدى الضغوط المسلطة على الحكومة لمواجهة هذه المشكلة التي تتطلب تحفيز مجال الاستثمار بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة بما يسهم في إنعاش سوق العمل ويعطيه دفعة قوية إلى الأمام.

الرباط- سارعت الحكومة المغربية إلى التأكيد على أن تحفيز مجال الاستثمار جزء رئيسي في برامجها لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوليد الوظائف بعد الإعلان عن إحصائيات تشير إلى ارتفاع البطالة في البلاد.

وأفادت مندوبية التخطيط، وهي جهة حكومية معنية بالإحصائيات، في آخر تقرير لها، بأن معدل البطالة ارتفع من 11.8 في المئة في 2022 إلى 13 في المئة العام الماضي، أي بزيادة نحو 1.2 في المئة على أساس سنوي.

وذكرت المندوبية في نشرة حول وضعية سوق العمل خلال 2023 أن 138 ألف شخص انضموا إلى العاطلين عن العمل ليبلغ العدد الإجمالي نحو 1.58 مليون شخص، إي 10 في المئة من إجمالي القوى العاملة بالبلاد الذي يناهز عدد سكانه 38 مليون نسمة.

وكان معدل البطالة أعلى بين الشباب، حيث بلغ 35.8 في المئة، ووصل إلى نحو 19.7 في المئة بين الخريجين و18.3 في المئة بين النساء.

وزادت الحكومة ميزانية الاستثمار العمومي خلال هذا العام لتبلغ 335 مليار درهم (32.7 مليار دولار)، بعدما كانت في حدود 24 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 8.7 مليار دولار مقارنة مع السنة الماضية، والتي تعتبر الأكبر من نوعها في تاريخ البلاد.

واعتبرت أن حجم الاعتمادات المالية المرصودة وكذا عدد فرص العمل الجديدة، إيجابيان ومشجعان جدا، بالنظر إلى الظرفية الحالية، كما يعكسان الجهود المبذولة في هذا الصدد لتعزيز جاذبية مناخ الأعمال.

وأكد رئيس الوزراء عزيز اخنوش أن حكومته ستواصل مسار تشجيع الاستثمار العام والخاص باعتباره محركا لإنتاج الثروة وتوفير فرص الشغل، بما يضمن الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للفئات المستهدفة وعلى رأسها فئة الشباب.

وكانت أرقام وزارة الإدماج الاقتصادي والشركات الصغرى والتشغيل والكفاءات، قد أشارت إلى أن 96 في المئة من مجموع فرص العمل التي تم فقدانها خلال الربع الأول من 2023، كانت في الأرياف.

وقالت الوزارة ردا على البرلمانية نعيمة فتحاوي، إن معظم فرص العمل المفقودة في الربع المذكور “لها ارتباط بشكل مباشر أو غير مباشر بالقطاع الزراعي، إذ بلغ عددها 247 ألف وظيفة”.

وترى أوساط اقتصادية محلية أنه لتعزيز دور القطاع الخاص، فلا بد من تحقيق شروط مواتية للمنافسة العادلة وتوفير رأسمال بشري عالي الكفاءة كي تستجيب لحاجيات اليد العاملة الحديثة.

وأكد رشيد ساري رئيس المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة في تصريح لـ”العرب” أن المتضرر الأكبر هو القطاع الزراعي. وأشار إلى وضعية التقلبات المناخية وإعلان عدد من الضيعات إفلاسها.

وقال إن نسبة كبيرة من التشغيل بالمغرب تعود إلى الزراعة مقارنة بقطاعات أخرى، إذ يحتكر هذا القطاع توفير فرص العمل بنسبة تصل إلى 40 في المئة”.

وخصصت الحكومة ميزانية لتمويل المشاريع المائية لمواجهة واستباق وضعية الإجهاد المائي نتيجة قلة الأمطار، دون المساس بالجهود الاستثمارية الموجهة للبنية التحتية الأساسية، التي جعلت البلد على رأس الدول الأفريقية من حيث جودة بنياتها التحتية.

وعرف قطاع الخدمات فقدان 56 ألف فرص عمل، معظمها مرتبطة بالأنشطة التجارية، في حين فقدت 38 ألف وظيفة في الأنشطة الصناعية التقليدية.

واعتبر النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، أن التنمية من زاوية اقتصادية تقوم على ضرورة “التقييم المستمر للمقاربات المعتمدة في مجالات التصنيع والاستثمار”.

وأكد خلال افتتاح المنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية في دورته الثامنة تحت شعار “العمل اللائق من أجل التنمية المستدامة الاثنين الماضي على الحاجة إلى إثرائها اعتبارا للدور المحوري الذي يضطلع به الاقتصاد في توليد الثروة وفرص الشغل.

وقال ميارة إنه “في ظرف أقل من سنة نجحت في إخراج ميثاق الاستثمار، وبموجبه نمنح 30 في المئة لكل مستثمر يرغب في إنجاز مشروعه، وبهذه الطريقة سنحرك عجلة التنمية”.

ورغم رهان الحكومة على الاستثمار لتحريك عجلة وتوفير المزيد من فرص الشغل هو التحدي الأبرز في السنوات المقبلة، لكن ساري استبعد قدرتها على تعويض فرص العمل المفقودة في الفترة الحالية.

وتطرق إلى مجموعة من المشكلات، خاصة في ظل استمرار التقلبات المناخية والجفاف، ما سيؤدي إلى مزيد من الارتفاع في هذه الأرقام.

وأوصى ساري بـ”إعادة النظر في ظروف مناخ الأعمال بالمغرب، خاصة في مجال التمويلات، وتسهيل وتبسيط أكثر للإجراءات الضريبية، مع منح امتيازات لجذب التدفقات الاستثمارية”.

ووضعت الحكومة أول مرة خارطة طريق إستراتيجية وعملية لتحسين مناخ الأعمال، تحدد البرامج التي سيتم الاشتغال عليها خلال الفترة 2023 و2026 بتنسيق تام بين كافة الوزارات لإنجاحها.

وقال ساري إن “هذه الخارطة تشكل ثمرة للعمل المشترك بين الحكومة، والقطاع الخاص، والقطاع البنكي، وأيضا الفاعلين المحليين”.

وتم إطلاق 70 في المئة من المبادرات التي تضمنتها خارطة طريق تحسين مناخ الأعمال، منذ الإعلان عنها في مارس الماضي.

وتتضمن الخارطة حوالي 46 مبادرة ذات أولوية في إطار عشرة برامج أساسية تضم مجموعة من المشاريع الهادفة إلى تسهيل عملية الاستثمار وتحفيز المستثمرين.

13 في المئة نسبة البطالة بنهاية 2023 ارتفاعا من 11.8 في المئة في العام السابق

وحسب معطيات مكتب الصرف، فإن سنة 2023 لم تتجاوز خلالَها قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمغرب 1.03 مليار دولار بنسبة انخفاض تقدر بنحو 53.3 في المئة على أساس سنوي، بينما حجم التدفقات في 2021 نحو 1.9 مليار دولار.

وبعد انتعاش قوي في أعقاب جائحة كورونا، تعرض الاقتصاد المغربي إلى ضغوط متزايدة بسبب تداخل صدمات سلاسل الإمداد وموجة جفاف شديدة وزيادة هائلة في أسعار السلع أدت إلى زيادة كبيرة في معدلات التضخم.

وتوقع البنك الدولي، في تقرير أصدره حديثا أن يتعافى الاقتصاد المغربي في المدى المتوسط، وأن يصل نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 3.1 في المئة في 2024، و3.3 في المئة في 2025، و3.5 في المئة في 2026.

العرب