اليمن يدشن أكبر مشروع إستراتيجي للطاقة النظيفة

اليمن يدشن أكبر مشروع إستراتيجي للطاقة النظيفة

تختزل أول مزرعة شمسية عملاقة يدشنها اليمن بتمويل إماراتي أن فرص توسيع مشاريع الطاقة المستدامة يبدو ممكنا إذا توفرت الإمكانيات والدعم لتخفيف معاناة الناس مع انقطاع الكهرباء في ظل تهالك المحطات التقليدية ونقص الوقود اللازم لتشغيلها.

بئر أحمد (اليمن) – دشن اليمن أكبر محطة لتوليد الطاقة الشمسية والتي شيدتها شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) الإماراتية، لتعزيز منظومة الكهرباء بالعاصمة المؤقتة عدن، كأول مشروع إستراتيجي للطاقة النظيفة والمتجددة بالبلاد.

وبدأ التشغيل التجريبي للمزرعة الاثنين بطاقة إنتاج تتراوح بين 20 إلى 30 في المئة من إجمالي الطاقة الكاملة للمحطة البالغة 120 ميغاواط على طريق التشغيل الكامل في مدة أقصاها ثلاثة أشهر.

وتعد المحطة أول مشروع ضخم لتوليد الكهرباء من المصادر المستدامة، والتي ستعمل على تقليل كلفة توليد الكهرباء خلال ساعات النهار، كما ستسهم في الحفاظ على البيئة عبر التقليل من الانبعاثات الكربونية.

وأكد محافظ عدن أحمد حامد لملس خلال التدشين على أهمية دخول المحطة للخدمة من أجل “منظومة الطاقة الكهربائية والتقليل من استخدام المحطات العاملة بالوقود”.

وأشاد بدعم أبوظبي لقطاع الكهرباء ومختلف القطاعات بالعاصمة عدن بتوجيهات من رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد. وقال لملس “دولة الإمارات بادرت وقدمت الدعم، والعاصمة عدن وأهلها يستحقون ذلك”.

وأضاف في بيان نشره على صفحته في منصة فيسبوك إن “أملنا كبير في أن يتوسع المشروع في المستقبل ليجعل العاصمة عدن من المدن التي تعتمد على الطاقة المتجددة والنظيفة”.

وشدد لملس، الذي لم يشر إلى تكلفة تشييد المحطة، على أن الجهود ستستمر لتوفير خدمة الكهرباء وتعزيز استقرارها خلال فترة الصيف التي يعاني خلالها سكان عدن كل عام.

ومن شأن الدعم الإماراتي عبر هذا المشروع أن يسهم في تخفيف معاناة الناس من انقطاعات الكهرباء، ويوفر مبالغ ضخمة يتم إنفاقها على المحطات المستأجرة وعلى الوقود، تصل لنحو 100 مليون دولار شهريا.

وتتضمن الاتفاقية التي تتعلق بالمشروع والموقعة في ديسمبر 2022 بين وزارة الكهرباء اليمنية وشركة مصدر إنشاء خطوط النقل ومحطات تحويلية لنقل وتوزيع الكهرباء المولدة من المحطة.

وتم تشييد المزرعة في بلدة بئر أحمد غرب عدن، وهي تمتد على مساحة تبلغ نحو 1.6 مليون متر مربع وذلك بالقرب من ناقل بطول 9 كيلومترات لتصريف الكهرباء.

وقبل دخول محطة عدن الخدمة قدر إجمالي القدرة المركبة لإنتاج الطاقة الشمسية في اليمن بواقع 1650 ميغاواط وفق دراسة صدرت في مايو 2022 بعنوان “التحول المستدام لنظام الطاقة اليمني” عن معهد يوبيرتال للمناخ ومقره ألمانيا.

واليمنيون في أمسّ الحاجة إلى كهرباء مستقرة، إذ تشير إحصائيات منصة ريليف ويب أن حوالي 90 في المئة من السكان يفتقرون إلى الكهرباء من مصادر عامة.

120 ميغاواط قدرة إنتاج الكهرباء للمحطة التي تمت إقامتها في بلدة بئر أحمد غرب عدن

وعلى مدار سنوات عانت المدينة البالغ عدد سكانها 863 ألف نسمة، كما تشير إلى ذلك الإحصائيات، من نقص فادح في الوقود وتراجع عمليات الصيانة لمحطات الطاقة المملوكة للدولة، والتي كانت من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى أزمة كهرباء مزمنة.

وزاد معدل أحمال الطاقة الكهربائية في عدن مع التوسع العمراني والكثافة السكانية الكبيرة، حيث أن إجمالي الطاقة التي تحتاجها عدن يصل إلى 570 ميغاواط، بينما تنتج المحطات أقل من 150 ميغاواط يوميا أي ما يقارب 30 في المئة فقط من الطلب.

وتضررت شبكة إمدادات الكهرباء بشكل كبير خلال سنوات الحرب منذ 2015، والتي جعلت المواطنين يعيشون مشاكل بالإضافة إلى معاناتهم مع نقص الغذاء والدواء مع شح السيولة النقدية من الأسواق والتراجع التاريخي لقيمة الريال أمام الدولار.

وتشير التقديرات إلى أن اليمن ينفق سنويا قرابة 1.2 مليار دولار على واردات الوقود لتوليد غيغاواط واحد فقط من الطاقة الكهربائية، وهي لا تكفي بسبب الفجوة الكبيرة الطلب والإمدادات المتوفرة.

وتُظهر تقارير دولية أن حجم الاحتياج الفعلي للكهرباء في البلاد يبلغ حوالي 14 غيغاواط، ومن المتوقع أن ترتفع إلى ما يقرب من 19 غيغاواط بحلول نهاية العقد الحالي.

ولذلك، فإن الطاقة الشمسية واحدة من مصادر الطاقة المتجددة في اليمن، التي تتّسم بأنها واعدة، حيث تتمتع البلاد بأشعة شمس وفيرة، ويبلغ متوسط سطوع الشمس فيها نحو 3 آلاف ساعة سنويا.

ويقول الخبراء إن هذه الكميات الوفيرة من الأشعة تجعل من اليمن موقعا مثاليا لتطوير مشاريع الطاقة الشمسية، والتي يمكن أن توفر مصدرا نظيفا ومستداما للكهرباء للأعداد المتزايدة من سكان البلاد.

وخلال السنوات الأخيرة، ازداد الاهتمام بالطاقة الشمسية في اليمن، مع تنفيذ العديد من المشاريع الصغيرة في جميع أنحاء البلاد، وقد أظهرت قدرتها على توفير مصدر موثوق وفعال من حيث الكلفة، حتى في المناطق النائية وخارج الشبكة الرئيسية.

وازدهرت في المدن اليمنية تجارة الألواح الشمسية وملحقاتها المستوردة في ظل غياب الرقابة الحكومية، وحوّل التجار نشاطهم إليها حتى باتت تترأس قائمة المبيعات في محلات الأجهزة الإلكترونية ومحلات مواد البناء والمواد الغذائية وحتى المكتبات والصيدليات.

وتظهر بيانات للبنك الدولي أن 50 في المئة من سكان البلاد يحصلون على احتياجاتهم من الكهرباء من المنشآت الشمسية الصغيرة.

وهناك مصدر آخر من مصادر الطاقة المتجددة يحمل إمكانات كبيرة وهو طاقة الرياح، حيث يوفر الخط الساحلي الطويل والتضاريس الجبلية لليمن ظروفا مواتية لتطوير مشاريع من هذه النوعية أسوة بما تقوم به العديد من الدول العربية.

وأظهرت الدراسات أن اليمن لديه القدرة على توليد ما يصل إلى ألف ميغاواط من طاقة الرياح، مما يجعلها تكفي لتلبية جزء كبير من احتياجات البلاد من الطاقة.

ولا يساعد تطوير المحطات الشمسية والرياح التي تحتاج إلى ملايين الدولارات في معالجة أزمة الكهرباء المحلية فحسب، بل تسهم أيضا في توفير فرص عمل لبلد يعاني من أزمة بطالة حادة تبلغ 60 في المئة.

وكان وزير التخطيط اليمني واعد باذيب قد أن قال في يوليو الماضي إن “الحكومة رصدت ارتفاعا في نسبة الفقر في البلاد إلى 80 في المئة وانكمش الاقتصاد بنسبة 50 في المئة، في ظل الصراع”.

العرب