بوساطة سعودية محتملة.. هل تنتهي خصومة أردوغان والسيسي؟

بوساطة سعودية محتملة.. هل تنتهي خصومة أردوغان والسيسي؟

large-278193565790467350

حسمت أنقرة جميع التكهنات بشأن دعوة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لحضور قمة منظمة التعاون الإسلامي في نيسان/أبريل المقبل، بإعلان الخارجية التركية رسمياً أنها ستوجه لمصر دعوة لحضور اجتماع على مستوى الرئاسة بين البلدين.

وذكر المتحدث باسم الخارجية التركية، تانجو بيلجيتش، خلال المؤتمر الأسبوعي، بحسب صحفية “حرييت التركية”: “منذ الآن فصاعداً ستتولى تركيا رئاسة الدورة، وفي هذا الشأن سيتم دعوة مصر لحضور القمة الثالثة عشرة التي ستعقد في إسطنبول في الفترة ما بين 10-15 نيسان (أبريل) القادم”.

ونفى بيلجيتش وجود وساطة إسرائيلية بين تركيا ومصر، إلا أنه لم ينف الحديث عن قيام السعودية بوساطة للتصالح بين البلدين.

وكان الناطق الرسمي باسم الرئاسة المصرية، السفير علاء يوسف، أعلن في بيان صحفي، الخميس الماضي، “أن مسألة زيارة الرئيس المصري إلى تركيا غير مطروحة من الأساس، وترجيحات الزيارة لحضور مؤتمر القمة الإسلامي أمر سابق لأوانه”.

ووفقاً للاعتبارات البروتوكولية، فإن مؤتمر القمة الإسلامي الذي تترأس أنقرة دورته الجديدة، يتم تسليم رئاسته من قبل رئيس الدورة الحالية وهي القاهرة، وهو ما أثار جدلاً حول مدى إمكانية أن ينطوي ذلك على زيارة رئاسية مصرية لتسليم رئاسة الدورة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في أبريل/نيسان المقبل.

ويأتي ذلك في الوقت الذي تثار فيه تكهنات حول وجود وساطة سعودية لإزالة توتر العلاقات بين القاهرة وأنقرة، ولا سيما أن الدولتين أصبحتا من أعضاء تحالف عسكري واحد وهو التحالف الإسلامي ضد الإرهاب بقيادة السعودية.

كما يأتي في وقت تسعى فيه أنقرة للانسحاب التدريجي من قضايا المنطقة، والإبقاء على دورها “البروتوكولي”، في عودة إلى عهد سياسة “صفر مشاكل” والتي نظر لها رئيس الحكومة التركية الحالي، أحمد داود أوغلو.

– استقبال بروتوكولي

وتدهورت العلاقات التركية المصرية بعد إطاحة السيسي بالرئيس محمد مرسي بانقلاب عسكري في تموز/ يوليو 2013، إلى جانب انتهاكات حقوق الإنسان التي تلت الانقلاب.

وقد عبر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن دعمه لمرسي وللإخوان المسلمين منذ تعرضهم للقمع الدامي من قبل النظام المصري، وذلك على حساب العلاقات مع الحكومة المصرية الجديدة.

محمد زاهد غول، المحلل السياسي التركي، استبعد من جهته أن يقوم السيسي بزيارة تركيا، إلا أنه ذكر في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، “أنه لو تمت الزيارة فسيتم استقباله بشكل رسمي بروتوكولي، بعيداً عن أي اجتماعات قد تعقد بين الجانب المصري والتركي”.

لكن زاهد غول عبر عن اعتقاده بأن يكون الحضور المصري “منخفضاً”، على مستوى وزير الخارجية أو رئيس الوزراء، وهو أمر على حد قوله “لن يكون سابقة بين البلدين منذ اندلاع الأزمة بينهما، إذ سبق وأن حضر الجانب الوزراي المصري والتركي في أكثر من مناسبة دولية”.

وبشأن الوساطة السعودية رأى المحلل السياسي التركي، “أنها ستكون مبنية على الاعتراف بالأمر الواقع لما وصلت العلاقة بين تركيا ومصر، ولن تتجاوز لتصل إلى مرحلة الضغط المباشر على الجانب التركي لفتح صفحة جديدة؛ لأن أساس الاختلاف بين تركيا ومصر لم يحل والمتمثل بانقلاب السيسي وتداعياته المستمرة”.

وسبق أن صرح الرئيس التركي في أبريل/نيسان الماضي، بأن هناك شروطاً أربعة ينبغي استيفاؤها قبل الحديث عن استعداد تركيا لإعادة العلاقات مع مصر.

وتتمثل شروط أردوغان في إطلاق سراح محمد مرسي، وإلغاء أحكام الإعدام التي صدرت بحق الآلاف من المعارضين السياسيين لنظام الانقلاب الذين يواجهون الإعدام الآن في مصر.

أما الشرط الثالث، بحسب الرئيس التركي، فهو أن مصر بحاجة إلى إطلاق كل السجناء السياسيين، وعددهم نحو 18 ألف شخص، وأخيراً، رفع الحظر عن كل الأحزاب السياسية وذلك بهدف إعادة العملية الديمقراطية إلى طبيعتها.

– توحيد الجهود

وفي لقاء جمع الرئيس التركي بالعاهل السعودي، سلمان عبد العزيز، في أبريل/نيسان الماضي، أبلغ أردوغان السعوديين بأنه “من المستحيل لتركيا إهمال مصر”، مؤكداً “أن مصر وتركيا والسعودية هي الدول الأهم في المنطقة”.

ويرى مراقبون أن السعودية تسعى لإنجاز مصالحة تركية-مصرية للنهوض بتحالفها العسكري الإسلامي الوليد، الذي لم يتقدم حتى اللحظة خطوة واحدة على الأرض اتجاه تنظيم “الدولة” أو مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة.

إذ ما يعطل أعمال التحالف وفق مراقبين، وبشكل واضح الخلاف المصري التركي بالتحديد؛ لأنهما يكونان مع السعودية المحور الذي تسعى إليه المملكة لمواجهة تصعيد إيران في اليمن والبحرين ولبنان والعراق وسوريا وتنظيم “الدولة”، وكلها ملفات مفتوحة يرى السعوديون أنها لن تحل إلا بتعاون ثلاثي يضم القاهرة والرياض وأنقرة، خصوصاً بعد قطع المملكة علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وفق مراقبين.

– “سويسرا تركية”

لكن المتابع للسياسة التركية، بات يدرك أنها تعيش مرحلة انكفاء نحو الداخل في حالة يمكن أن يطلق عليها “سويسرا تركية”، والمتمثلة ببدء مرحلة الحياد اتجاه قضايا المنطقة، وعودة إلى عهد سياسة “صفر مشاكل”.

فقد فرضت الحكومة التركية مؤخراً العمل بنظام تأشيرة دخول الأراضي التركية (فيزا) للسوريين الوافدين من خارج بلادهم، ما يعتبره مراقبون إنهاء سياسة الباب المفتوح التي مارستها تركيا تجاه السوريين، وما فُسر بأنه “انسحاب ناعم” من القضية السورية.

كما فتحت أنقرة عدداً من الملفات كانت جمدتها خلال السنوات الست الماضية في سياستها الخارجية؛ منها تطبيع العلاقة مع إسرائيل، وإعادة الحديث بشأن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، والتقارب التركي أكثر نحو الغرب والولايات المتحدة الأمريكية.

ويشير خبراء إلى أن تركيا باتت في حاجة إلى المصالحة مع مصر، بعد أن تلقت ضربات موجعة منذ التدخل الروسي في سوريا، وموقفها المتوتر في العراق.

وبُعيد الانتخابات النيابية التركية التي جرت في يونيو/ حزيران الماضي، التي لم تُمكن حزب العدالة والتنمية من الحصول على أغلبية مطلقة في المجلس النيابي، راجع رئيس الحكومة التركية، أحمد داود أوغلو، البرنامج الانتخابي لحزبه وسياسة بلاده الخارجية، وفق خبراء، وكان عنوان الحكومة التركية في انتخابات الإعادة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي الاهتمام بشؤون المواطن التركي، وإرساء استقرار البلاد ومواصلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي تساعد على تحقيق تطلعات تركيا وتعزيز سياساتها الداخلية والخارجية.

عبدالله حاتم

موقع الخليج أونلاين