إيران.. توظيف الإعلام لضرب استقرار البحرين

إيران.. توظيف الإعلام لضرب استقرار البحرين

ايران تحارب البحرين اعلاميا

أكد نبيل يعقوب الحمر، مستشار الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين لشؤون الإعلام ووزير الإعلام سابقا خلال مشاركته في فعاليات “مؤتمر صناعة التطرف.. قراءة في تدابير المواجهة الفكرية” الذي نظمته مكتبة الإسكندرية أخيرا، أن المنطقة ملتهبة وتموج بالصراعات وانتشار الإرهاب، وأن ذلك يطال دولها وشعوبها.

وقال نبيل يعقوب الحمر “نواجه أطماعا توسعية تدعمها قوى إقليمية تعمل بكافة أذرعها العسكرية والإعلامية على نشر الإرهاب وإشعال الفتنة وبث الفرقة، فضلا عمّا تتعرض له المنطقة من حملات وضغوط ممنهجة وتدخلات خارجية في شؤونها بأشكال متنوعة لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية عبر ممارسة الابتزاز الإعلامي والسياسي والأمني والاقتصادي واستغلال ملفات حقوق الإنسان والديمقراطية وغيرها، ولعل ما شهدته مملكة البحرين خلال الأزمة الأخيرة المدعومة من إيران، والتي مرت بها في العام 2011 يجسد بوضوح كامل حجم هذا الابتزاز الإعلامي والسياسي والأمني والاقتصادي، من خلال مخطط شامل للفوضى تتكامل فيه الأدوار بين عناصر داخلية وخارجية بهدف تقويض أمن البحرين واستقرارها وهدم مقومات الدولة المدنية ومؤسساتها الدستورية، كمقدمة لتدمير المنطقة ككل وإحلال الفوضى والإرهاب فيها”.

سلاح الإعلام

ورأى المستشار البحريني أن وسائل الإعلام تعد أحد الأسلحة التي استخدمت في هذا المخطط، حيث واجهت مملكة البحرين حملة إعلامية ممنهجة ومسعورة من وسائل إعلامية غربية وأخرى إيرانية وقنوات فضائية تابعة لحزب الله الإرهابي، استهدفت تشويه سمعة البحرين وقلبت الحقائق والأحداث لخدمة أجندة كانت تستهدف النيل من سيادة البحرين واستقرارها.

وأوضح نبيل يعقوب الحمر “يمكنني القول إن الإعلام منذ ظهوره وحتى عصر العولمة الراهن قام بدور كبير ليس فقط في إبراز الاتجاهات الاجتماعية والثقافية والدينية، وإنما في صناعة الاتجاهات. وعمل الإعلام كذلك كمنبر تنويري ليصل الصوت إلى الآفاق والملايين من البشر. إنني أتحدث عن قوة هائلة للإعلام وتأثيره في الرأي العام، وحين نتحدث عن صناعة التطرف وتدابير المواجهة الفكرية، فإن هذا الجانب من التأثير الإعلاميي لا بد أن يكون محورا رئيسيا في المواجهة الفكرية.

لقد بات للمؤسسة الإعلامية دورها المؤثر في تشكيل بنية المجتمعات ورسم ملامحها بشكل ربما يفوق المؤسسات الأخرى المعنية بعمليات التنشئة كالأسرة والمدرسة والمسجد والجامعة نتيجة عوامل مختلفة، منها قدرة المؤسسة الإعلامية على الوصول بشكل أسرع وأكثر جاذبية للمتلقي مما يستوعب استثمار الإعلام في توجيه شبابنا. ومن دون شك هناك من استغل هذا التأثير بشكله الإيجابي، لكن هناك من استغله بشكله السلبي المضر للمجتمعات العربية والإسلامية بهدف السيطرة على عقول الناشئة والشباب والكبار بشكل مخيف وجعلهم على درجة عالية من التبعية، بحيث أصبحت ملامح أجيالنا وهويتها الاجتماعية والثقافية والدينية مسخة، حيث غابت القيم السائدة في المجتمعات العربية والإسلامية لتحل محلها قيم أخرى مشوّهة لا علاقة لها بتاريخنا وحضارتنا وتراثنا.

وأشار إلى “أن حركات التطرف وخاصة الدينية منها نبتت كالفطر في العديد من دولنا العربية والإسلامية، وهي تحاول فرض قواعد غريبة عن الأديان بكل ما فيها من قيم إنسانية. وهي تفرض ممارسات متناقضة لهذه الأديان بصفة عنيفة وإرهابية ودموية.. إننا في هذه الحقبة نتواجه مع التطرف والإرهاب بشكل مستمر منذ أكثر من عام ولا شك أن التطرف حالة فكرية احتكارية للحقيقة والإلغاء للآخر المختلف، فكل حركات التطرف التي عرفها العالم اتخذت الإرهاب أداة لها. وأستطيع أن أجزم أنه ليست الثقافة الإلغائية للآخر على أساس ديني هي المصدر الوحيد للإرهاب.. الإرهاب له من يرعاه ومن يموله ومن يوظفه في استراتيجيات بعيدة المدى، ولذلك فإنه يقوم على مثلث متساوي الأضلاع، فكرا وتمويلا ورعاية”.

التجفيف الفكري لمنابع الإرهاب

قال نبيل يعقوب الحمر “إن تجفيف منابع الإرهاب ماليا ورعائيا والكشف عن مستغليه ومستثمريه في المشاريع السياسية التي تستهدف تدمير مجتمعاتنا بما تتسم من تعددية دينية ومذهبية وعرقية، لا بد أن تترافق بالضرورة مع تجفيف الثقافة والتربية الأحادية وتحديدا من خلال التربية وتصحيح الدين والعقيدة”.

وأضاف أن الإرهابيين لم يأتوا من كوكب آخر، إنهم بيننا وتمت السيطرة عليهم بعملية غسل دماغ جرت بالمفاهيم المغلوطة والمشوهة، ومن أجل ذلك يتحتم العمل على تصحيح بعض المفاهيم الدينية ووضعها في إطارها الفقهي السليم وتعميم هذا التصحيح بحيث يصبح ثقافة عامة، وهذه مسؤولية المتنورين والمتمكنين من أسس العقيدة الإسلامية السمحة.

ولفت إلى أن المجتمعات العربية والإسلامية اليوم تستيقظ على حاجة تفرضها تحولات وتطورات القرن الحادي والعشرين، وقال “تحتاج هذه المجتمعات إلى اجتهادات جديدة معاصرة تستجيب إلى حاجاتها ومتطلباتها. إن غياب هذه الاجتهادات الفقهية التي تستند على الشريعة فتح الأبواب على مصراعيها أمام مدعي الاجتهاد ومنتحلي صفة الإفتاء لتقويل الإسلام ما لم يقله، بل لتقويله عكس ما يقوله وما يدعو إليه من تراحم واحترام للكرامة الإنسانية”.

وأكد المستشار البحريني أن الاعتقاد بأن ثمة مؤامرة تستهدف الإسلام ليس خطرا، لكن الخطر بكل تأكيد في إدراك الحقيقة المؤلمة بأن مسلمين مضللين تحولوا إلى أداة من أدوات تنفيذ هذه المؤامرة. ومن هنا فالمسؤولية الأخلاقية في مواجهة التطرف والإرهاب هي مسؤولية تبدأ وتنطلق من تصحيح المفاهيم المنحرفة والمنسوبة ظلما إلى الإسلام. ولم يعد مجديا أن نقول إن الإسلام براء مما يرتكبون ويزرعون، ولا مجديا بأن نردد دين سلام وتسامح بل ليس مجديا أن نرفع الصوت مستهجنين الممارسات الإرهابية الإجرامية باسم الإسلام، لقد أصبح من الواجب أن نبيّن ذلك فقهيا من خلال صياغة قواعد عامة تستند إلى النص القرآني الكريم وما أكثرها والحديث النبوي الشريف وما أغزره.

ونبّه إلى أن صوت الاعتدال الذي يمثله الأزهر الشريف ودوره المشهود في النهضة التنويرية لا شك أنه يحفزنا على أن ندعو القائمين عليه إلى زيادة فاعلية نشر ثقافة التسامح والقبول بالآخر ونشر ثقافة الإسلام العدل والإنسانية التي شوهت من قبل جماعات وعصابات الإسلام السياسي والإرهابي. ولا شك أن القوانين والتشريعات المغلظة وتطبيقها تعتبر من ضمن تدابير مواجهة التطرف والإرهاب، ولنا في ما نفذته المملكة العربية السعودية أخيرا خير مثال، فلا يمكن أن يترك مرتكبو الإرهاب دون عقاب وقول الحق “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”.

محمد الحمامصي

صحيفة العرب اللندنية