فشل أمريكا في باكستان

فشل أمريكا في باكستان

منذ عام 2001، استخدمت الولايات المتحدة تقريبًا كل الاستراتيجيات المتاحة لإقناع الجيش الباكستاني بالتعامل مع خطر التشدد بشكل أكثر جدية. ولكن، وبعد 12 عامًا و28 مليار دولار من المساعدات، ما زال ينظر إلى النهج الأمريكي على نطاق واسع بأنه كان فاشلًا.

وبعد أن انهالت إدارة بوش بالثناء على الرئيس الباكستاني السابق، برويز مشرف، وافقت الإدارة على مساندة الجيش الباكستاني في العمليات العسكرية ضد طالبان، وشنت هجمات الطائرات بدون طيار التي قتلت قادة تنظيم القاعدة والمتشددين المطلوبين من قبل الحكومة الباكستانية. ومن ثم، جاءت إدارة أوباما التي تبنت نهجًا أكثر مواجهة، وقامت من جانب واحد بالغارة التي قتل فيها أسامة بن لادن، وزادت بشكل كبير المساعدات الملحة للمؤسسات المدنية الضعيفة في باكستان؛ وفي بعض الأحيان، قطعت المساعدات عن الجيش الباكستاني.

ومع ذلك، لا يزال المتشددون يعملون، وبطريقة أكثر وقاحة من أي وقت مضى، كما يتضح من هجوم الثلاثاء المروع على مدرسة في بيشاور، والذي أدى إلى مقتل 132 طالبًا على يد فصيل من حركة طالبان باكستان. ومع تركيز الولايات المتحدة بشكل متزايد على الأزمات الأخرى، تبدو خيارات واشنطن لإحداث تغيير في باكستان غير المستقرة بشكل متزايد وكأنها تتضاءل بسرعة.

وقال كاميرون مونتر، الذي شغل منصب السفير الأمريكي لدى باكستان من عام 2010 إلى عام 2012: “هناك إرهاق كبير بسبب باكستان في واشنطن”. وأضاف: “ليس فقط لأن الـ 12 سنة الماضية كانت صعبة للغاية، ولكن أيضًا، لأن التحديات الأخرى من سوريا إلى أوكرانيا إلى إيران، على سبيل المثال، تتطلب المزيد من اهتمامنا”.

وعلى الرغم من إثارة هجوم الثلاثاء إدانة واسعة النطاق، أعرب مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون عن سخريتهم من التوقعات التي تقول بأن إراقة الدماء الأخيرة من شأنها أن تتسبب في تغيير الجيش الباكستاني لوجهة نظره تجاه المتشددين.

وقال مونتر، ومسؤولون آخرون، إن الولايات المتحدة لم تكن يومًا قادرة على كسر السرد القوي، والمدعوم من الجيش في باكستان، بأن الهجمات المسلحة هي نتيجة لحرب أمريكا على الإرهاب. القوى الأجنبية، وليست باكستان، هي المسؤولة عن تصاعد التشدد في البلاد، وفقًا لهذا السرد. وباكستان ليست مسؤولة عن المشكلة، وغير قادرة على وقفها.

وقد تم وضع هذا السرد على الفور محل التنفيذ، عندما طار قائد الجيش الباكستاني، الجنرال رحيل شريف، إلى أفغانستان قبل مرور 24 ساعة على الهجوم، للقاء القادة الأفغان. وقال الباكستانيون إن لديهم معلومات تفيد بأن الهجوم على المدرسة كان موجهًا من قبل المسلحين المختبئين داخل أفغانستان. وقال المتحدث باسم الجيش الباكستاني، اللواء عاصم سليم باجوا: “نحن نأمل بأن نرى إجراءات قوية من الجانب الأفغاني في الأيام المقبلة”.

واعتبر مسؤول أمريكي رفيع المستوى أن هذه الرحلة تهدف إلى تحويل اللوم عن الفشل في وقف الهجوم بعيدًا عن الجيش الباكستاني. وقال محللون إن الجيش فشل في الاستفادة من عقود طويلة من التدريب، والتمويل، وهو يحتمي ببعض الجماعات المسلحة، ويستخدمهم كوكلاء لمواجهة منافسيه في الهند، وفي أفغانستان، وكشمير.

ومنذ عام 2001، حذر عدد كبير من المسؤولين الأمريكيين، من بينهم مدراء في الـ CIA، مرارًا وتكرارًا جنرالات باكستان من أنهم سوف يفقدون السيطرة على وكلائهم من المتشددين في نهاية المطاف، وسيقوم هؤلاء المتشددون بالهجوم عليهم بدلًا من العمل معهم. إلا أن الرد الباكستاني كان دائمًا نفي إيواء البلاد للمسلحين.

ولكن بعض المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين قالوا إن الوحشية الهائلة لهجوم هذا الأسبوع تكثف مطالب الجمهور الباكستاني للجيش بمواجهة التشدد. وقال جيمس دوبينز، الذي شغل منصب ممثل إدارة أوباما الخاص إلى أفغانستان وباكستان 2013-2014، إن هناك ضغوطًا متزايدة على باكستان أيضًا من قبل حليفتها الصين. وأضاف: “أعتقد أن الصين تضغط على باكستان للتعامل مع هذا التهديد بجدية أكبر”.

وأما مونتر، فقد جادل بأن المشكلة تعكس سؤالًا أكثر جوهرية، وهو ما إذا كان المتشددون قد أصبحوا راسخين بحيث إنه لا يمكن للجيش الباكستاني إلحاق الهزيمة بهم. في حين كان مسؤول كبير آخر في الإدارة الأمريكية أكثر تفاؤلًا، معتبرًا أنه، وحتى قبل الهجوم على المدرسة، كان الجمهور الباكستاني قد رفع من ضغوطه على الجيش للتحرك. وقال المسؤول الكبير، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: “كان هناك شعور متزايد في باكستان بأن هناك حاجة كبيرة للتعامل مع هذه المسألة”.

وبدوره، حذر شاميلا تشودري، الذي شغل منصب مدير أول لشؤون باكستان وأفغانستان في مجلس الأمن القومي لعامي 2010-2011، من أن اهتمام الولايات المتحدة قد تحول إلى أماكن أخرى، بينما يستمر التدهور المطرد للمؤسسات، وقوات الأمن، والاقتصاد الباكستاني.

وقال تشودري إن عدم قدرة قوات الأمن الباكستانية على حماية مدرسة يديرها الجيش، قد زاد حتى من الشكوك حول قدرة البلاد على حماية ترسانتها النووية. وأضاف: “سوف يجدون صعوبة الآن في القول للناس بأن المتشددين لن يمكنهم أبدًا سرقة الأسلحة النووية الباكستانية”.

ديفيد رود – أتلانتك (التقرير)

http://goo.gl/W7nFAy