بعد مظاهر الألفة التي طغت خلال إحياء الذكرى الحادية عشرة لاغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبقرفيق الحريري، استفاق اللبنانيون الاثنين على ما بدا أنّه عودة للتوتر بين الحلفاء ضمن قوى 14 آذار، وتحديدا بين زعيم تيار المستقبل سعد الحريريورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
فقد وجه الحريري في خطاب ألقاه الأحد ملاحظات لجعجع، بقوله “ليت المصالحة مع التيار الوطني الحر حصلت قبل زمن بعيد. كم كنتَ وفّرت على المسيحيين وعلى لبنان“. وكان يشير بذلك إلى المصالحة التي تمت بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بزعامة ميشال عون، ونتج عنها تخلي جعجع عن ترشيحه لمنصب رئاسة الجمهورية لصالح عون.
ودفعت ملاحظات الحريري عضو حزب القوات النائب أنطوان زهرا، إلى القول لجريدة “السفير” في عددها الصادر الاثنين، إن كلام الحريري الموجّه لجعجع “لم يكن في محله”. كما قال إن الحريري “لم يوفر أحدا، لا صديقا ولا عدوا، وبالتالي أخذنا في الطريق”.
ولم تقف الأمور عند هذا الحد، إذ -بعد انتهاء كلمته- دعا الحريري الجميع إلى التقاط صورة تذكارية، فوقف بعيدا عن جعجع وأدار له ظهره، وهو ما اعتبره أنصار الأخير إهانة كبيرة له.
وتبلور كل ما سبق على مواقع التواصل الاجتماعي التي حفلت بنقاشات وأخذ ورد بين أنصار الطرفين، دفعت تيار المستقبل إلى إصدار بيان صباح الاثنين أكد فيه أنّ جعجع “كان وسيبقى محل احترام ورفيق مسيرة وطنية طويلة جسدتها انتفاضة الاستقلال في الرابع عشر من آذار”.
وأضاف البيان أنّ العبارة التي توجه بها الحريري “لم تقصد من قريب أو بعيد (تحميل) القوات اللبنانية مسؤولية تأخير المصالحة المسيحية، إنما قصدت التعبير -بكل محبة وأمانة- عن تمنيات الرئيس حصولها منذ سنين. وهو ما نأمل أن يكون موضع تفهم كل المعنيين والحريصين على تفويت الفرص أمام مستغلي المناسبات، والمصطادين في المياه العكرة”.
ردود بالجملة
وبينما قال الحريري في ذكرى اغتيال والده إنه فتح حوارا مع زعيم تيار المردة سليمان فرنجية، وتوصل معه إلى تفاهم لإنهاء الفراغ الرئاسي بعد فشل التوافق على أي مرشح آخر، تتوجه الأنظار إلى مقر الحريري حيث من المتوقع عقد لقاء مع فرنجية الذي لم يحضر الاجتماع التأبيني.
لكن الردود المتوقعة على كلمة الحريري ستكون الثلاثاء في كلمة للأمين العام لحزب الله حسن نصر اللهباحتفال حزبي، وفي مؤتمر صحفي للتيار الوطني الحر وآخر لجعجع.
إذ إنّ الحريري اتهم حزب الله -من دون أن يسميه- بأنه يعرقل انتخاب رئيس للجمهورية، وشن هجوما على إيران.
كما رد على ما كان التيار الوطني الحر يروج له، من أنّ الحوار السابق بين المستقبل وعون نتج عنه اتفاق في الملف الرئاسي، إذ قال الحريري “نحن لم نرشحه -بعكس ما يقول البعض اليوم- ولا حتّى وعدناه بتأييد ترشيحه”، في إشارة إلى ميشال عون.
ولم يتضح إلى متى سيبقى الحريري في لبنان، إذ يقول بعض المقربين منه إنّه سيبقى شهرا على الأقل فيما ينفي ذلك آخرون.
لكن الأكيد أنّه لن يعود إلى السعودية قبل إيلاء بعض الوقت لحل أزمات تياره الداخلية ومحاولة تحسين العلاقة مع الحلفاء قبل الخصوم، وربما التوصل إلى اتفاق مع الفرقاء السياسيين في البلاد على إجراء الانتخابات البلدية، في بلد توقفت معظم مؤسساته عن العمل في انتظار انفراج إقليمي ما.
ديما شريف
الجزيرة نت