كما أثار حديث كيري عن خطة بديلة للتعامل مع الوضع في سوريا في حال ثبتت عدم جدية دمشق وموسكو في العمل على الانتقال السياسي تساؤلات عن خطوة واشنطن القادمة في مشهد سوري مأساوي لا يبدو أفق التسوية فيه قريبا.
واشنطن استخدمت على لسان وزير خارجيتها اصطلاح “تفكيك سوريا” الذي لم يستخدم بشكل رسمي في أميركا من قبل، وحديث التفكيك والتقسيم في سوريا لم يجر تداوله من قبل إلا من خلال وسائل الاعلام ومراكز الدراسات، والأهم أنه قيل في سياق من الأحداث الميدانية في سوريا والتعقيدات الإقليمية التي عززت فرص التقسيم في المنطقة رغم إصرار الجميع على التأكيد على ضرورة الحفاظ على سوريا موحدة.
ضغط أميركي
دأبت الولايات المتحدة ومنذ الثورة السورية على تأكيد ضرورة المحافظة على “سوريا ديمقراطية علمانية موحدة”، ولذلك جاء تصريح الوزير كيري صادما ومؤشرا لمتغيرات قد تكون حدثت في السياسة الأميركية التي لا تبدو في وضع المسيطر على تطورات الأحداث في سوريا.
تصريحات كيري قد تقرأ بصيغ مختلفة، إذ يمكن أن تكون تهيئة نفسية لقبول احتمال اللجوء إلى تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية (سنة وعلويون وأكراد) كما يمكن أن تكون هذه التصريحات ورقة ضغط تجاه كل القوى الفاعلة في سوريا للتشديد على ضرورة التوصل إلى تسوية جادة تقي المنطقة بأسرها -وليس سوريا فقط- جحيم التقسيم الطائفي الذي يتربص بأكثر من دولة.
وفي هذا السياق، يقول الباحث السوري حازم نهّار إن هذا التصريح الأميركي يأتي للضغط على المعارضة والنظام بفرض حالة انقسامية في حال لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية.
وقال نهّار في تصريح للجزيرة نت إن كلا من أميركا وروسيا كان لديهما الوقت الكافي منذ خمس سنوات للتوصل إلى وقف إطلاق النار حتى لا تصل سوريا إلى ما وصلت إليه.
وبخصوص الخطة الأميركية البديلة التي لمح إليها وزير الخارجية الأميركي، قال نهّار إن واشنطن لا تملك فعليا خطة بديلة واضحة المعالم.
غاية إسرائيلية
من جانبه، اعتبر الباحث الكويتي ظافر العجمي أن تصريح كيري مؤشر سيئ مهما كانت النوايا وراءه، كما أن هذا الطرح لا يخدم الدول المجاورة لسوريا.
وقال العجمي في حديث مع الجزيرة نت إن ما يحدث في سوريا ليس خلافا بين إثنيات طائفية متصارعة، بل يتعلق الأمر بمعارضة الطغيان والاستبداد المتمثل في نظام الأسد.
وأضاف أن لا أحد من أطياف المعارضة يؤمن بتقسيم سوريا، مشيرا إلى أن التصريحات الأميركية تتقاطع مع ما نشرته مراكز دراسات بشأن مساع تهدف إلى تقسيم المنطقة لطوائف.
وسبق أن نشر موقع “غلوبال ريسيرش” وثيقة للصحفي الإستراتيجي الإسرائيلي أوديد ينون أعدها في فبراير/شباط 1982 تحمل عنوان “الخطة الصهيونية للشرق الأوسط في الثمانينيات”، حيث دعا إلى تقسيم سوريا والعراق ولبنان ومصر وباقي الدول العربية على أسس عرقية أو طائفية وفقا لحالة كل دولة.
وتتأكد هذه الرؤية مع قراءة تل أبيب الحالية للمشهد السوري اليوم، حيث وصف مدير عام وزارة المخابرات الإسرائيلية رام بن باراك تقسيم سوريا بأنه “الحل الممكن الوحيد”.
وتابع بن باراك بالقول “أعتقد أنه في نهاية الأمر يجب أن تتحول سوريا إلى أقاليم تحت سيطرة من يكون هناك، العلويون في المناطق التي يتواجدون فيها، والسنة في الأماكن التي يتواجدون فيها”.
مصطفى فرحات
المصدر : الجزيرة