لم يكد غبار معركة الرمادي -مركز محافظة الأنبار– ينقشع حتى بدأ الحديث يتزايد إعلاميا عن ترتيبات بين أطراف محلية والولايات المتحدة، ربما تفضي بتحول المحافظة مستقبلا إلى إقليم فدرالي، وكان استبعاد الحشد الشعبي من معارك تحرير المدينة هو أول اختبار للثقة بين الطرفين، ستتلوه -وفقا للكثيرين- خطوات أخرى.
لكن هذه الخطوات غير ممكنة حاليا حسبما يرى عضو لجنة الأقاليم والمحافظات البرلمانية رسول أبو حسنة، الذي يؤكد أن أكبر عائق أمام الإقليم حاليا هو الظرف الاقتصادي الذي تمر به البلاد.
فإنشاء الإقليم وفقا لأبو حسنة يتطلب تخصيصات مالية لبناء حكومة محلية وبرلمان ومؤسسات مختلفة، ستقع على عاتق الحكومة المركزية، كما أن الأوضاع الأمنية في الوقت الراهن تحول أيضا دون الشروع في إعلان هذا الإقليم، مبينا أن ما يشاع اليوم من أحاديث حول الموضوع مجرد أوراق ضغط يستخدمها بعض الساسة ضد الحكومة.
أما النائب عن الأنبار محمد الكربولي فيرى أن اللجوء لخيار اللامركزية أمر دستوري، ولكن لا توجد أدوات أو إمكانية له حاليا، ولا قوى تتبناه بشكل رسمي.
لكنه أضاف أنه إذا استمر تجاهل المحافظة وغمط حقوق أهلها وعدم العمل على عودة نازحيها إليها، فإن هذا سيجعل العديد من القوى السياسية تتبنى خيار الفدرالية، مشيرا إلى أن الأنباريين يفضلون البقاء ضمن عراق واحد مركزي مع حصولهم على حقوقهم بشكل كامل، لكنهم قد يلجؤون لخيارات مختلفة في المستقبل.
ارتفاع المؤيدين
وتشير إحصاءات لمراكز بحثية إلى ارتفاع نسب المؤيدين لإقامة إقليم الأنبار في الآونة الأخيرة بين سكان المحافظة، ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي مجاهد الطائي بأن أغلب الأطراف المحلية من عشائر وقوى سياسية في المحافظة، “باستثناء بعض الشخصيات المحسوبة على أطراف في الحكومة المركزية، تؤيد خيار الإقليم أو اللامركزية الإدارية، خاصة بعد فشل جميع الحلول السابقة في إعادة التوازن السياسي والشراكة في السلطة وتنفيذ المطالب الشعبية.
ويؤكد الطائي للجزيرة نت أن الولايات المتحدة عادت بقوة إلى العراق عسكريا وسياسيا بعد سيطرة تنظيم الدولة على العديد من المناطق السنية وإحياء دور المليشيات الشيعية، وأن دورها العسكري لا يقتصر على مشاركتها في التحالف الدولي بل بوجود مستشارين عسكريين في قواعدها، والقيام بمهام خاصة ضد تنظيم الدولة في مناطق متفرقة من العراق.
كما أنشأت واشنطن -وفق الطائي- قوة عسكرية شبيهة بالصحوات من مقاتلي العشائر السنية بعيدا عن الحكومة المركزية، متوقعا أن تكون هذه القوة نواة لجيش محلي يحفظ الأمن ويحمي المدينة من عودة “التطرف”، وهي حجر الزاوية لأي إقليم مستقبلي في الأنبار، وفقا لتعبيره.
ويرى الطائي أن مطالبات بعض الساسة الشيعة بضم منطقة النخيب الحدودية إلى محافظة كربلاءأسهمت في رفض الأميركيين مشاركة الحشد الشعبي في معركة الرمادي، “لأن من شأن هذه الخطوة إن تحققت أن تقطع التواصل بين المملكة العربية السعودية وإقليم الأنبار إذا ما أقيم مستقبلا”.
وعدّ السرحان عدم مشاركة الحشد الشعبي في هذه المعركة أمرا يخص الحكومة والأميركيين ولا شأن لهم به، متوقعا أن تقوم الولايات المتحدة بتقديم المزيد من الأسلحة والخبرات العسكرية لمسلحي العشائر في المستقبل.
الجزيرة نت