ولادة عصبة الأمم عام 1919 جاءت في أعقاب نهاية الحرب العالمية الأولى، وكان ذلك في سياق تقاسم النفوذ بين الدول الكبرى المُنتصرة في الحرب، وكانت معهم 33 دولة أخرى في مؤتمر فرساي. استمرَّت نمطية عمل العُصبة لغاية نهاية الحرب العالمية الثانية. ومجلس العصبة الذي كان يتألف من 51 دولة، تعطّل عمله بغياب الاتحاد السوفييتي وانسحاب الولايات المتحدة ؛ ولم ينجح في تفادي الحروب، أو حلّ النزعات بالطرق السلمية. وفقاً لما جاء في نظامه. وتجاوز الجنوح النازي كل الحدود، وأوقع أدولف هتلر العالم في حربٍ عالمية ثانية، ما زالت البشرية تعاني ويلاتها حتى اليوم.
وفي أعقاب نهاية الحرب الثانية عقدت الدول المُنتصرة مؤتمراً في سان فرانسيسكو الأمريكية عام 1945، ومعها 46 دولة أخرى، وتفرَّدت الدول الكبرى في صياغة نظام لمجلس الأمن يتماشى مع مصالحها، في سيناريو يُشبه ما حصل عام 1919، مع زيادة لصلاحيات الدول الدائمة العضوية في المجلس وهي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا، حيث أُعطيت هذه الدول حق استخدام «الفيتو» المُعطل لأي قرار يصدر بدون موافقتها. أما الدول الـ 10 الأخرى في المجلس، فهي تُنتخب وفقاً لعرف توزيع جغرافي على القارات كل سنتين، وليس لديها صلاحية تعطيل القرارات.
مجلس الأمن الدولي للعام 1945 يختلف عن مجلس العصبة للعام 1919، فهو يمتلك حق اتخاذ القرارات المُلزِمة، ولديه صلاحية استخدام القوة العسكرية لمواجهة أي تهديد للأمن والسلم الدوليين.
بعد انفراط نمطية الحرب الباردة بين الجبارين (الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة) عام 1990، ساد ما يُشبه الفوضى في عدد من المناطق في العالم، وتراوح نسق العامل الدولي؛ بين التفرد القطبي الأمريكي خلال تسعينات القرن الماضي وفوضى دولية متعددة الأقطاب ما بعدها. ونشأت حالات اضطراب واسعة في عدد من دول العالم، كانت نتاجاً للضياع الدولي لاسيما منه التردد الأمريكي في السنوات العشر الأخيرة، مُترافقاً مع محاولة روسية لاستعادة دور مفقود، سقط مع انهيار الاتحاد السوفييتي.
في قمة رؤساء الدول الإسلامية الذي عُقِد في إسطنبول في 14 ابريل/نيسان2016؛ طالب بعض القادة بإجراء تعديلات على نمطية عمل مجلس الأمن وتركيبته الهيكلية، على خلفية حق الدول الإسلامية – التي تُشكل 22% من سكان العالم في التمثيل الدائم بالمجلس، بما في ذلك حق استخدام «الفيتو» على القرارات.
في الشكل قد يكون المطلب فيه أحقية واضحة، خصوصاً كون الدول الخمس الدائمة العضوية؛ لا ينتمي أي منها إلى العالم الإسلامي – برُغم أن ملايين المُسلمين يعيشون في هذه الدول، وأغلبيتهم مواطنون أصليون فيها – أمَّا في الواقع؛ فإن الدول الدائمة العضوية لم تدخل في قفص مجلس الأمن الذهبي على خلفيتها الدينية، بل لأنها انتصرت في الحرب العالمية الثانية، ولكونها كانت تتمتع بقوة عسكرية واقتصادية عند تأسيس الأمم المتحدة التي انبثق عنها مجلس الأمن عام 1945.
خريطة توزع القوى الدولية تغيرت كثيراً منذ العام 1945 حتى الآن. وإحجام الدول وقوتها تغيرت أيضاً، لاسيما في المجال الاقتصادي والعسكري، وهناك دول نمت بشكل كبير، وتجاوز دخلها القومي دخل أكثر من دولة من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهناك دول تعاظمت مكانتها على شاكلة واسعة، لاسيما في قدراتها المالية، أو قوة تأثيراتها الجيوسياسية في المُحيط.
نمطية عمل مجلس الأمن سجَّلت بعض النجاحات في الحقبة الماضية، وكان لبعض التدخلات الدولية بقرار من مجلس الأمن، مكانة واضحة في سياق الاستقرار الدولي، منها على سبيل المثال: التدخُل لتحرير الكويت عام 1991 ووقف الحرب العراقية الإيرانية وإجراء بعض المحاكمات الجنائية الدولية، خصوصاً في جرائم يوغسلافيا السابقة، ولكن إخفاقات عمل المجلس كانت أكبر بكثير من النجاحات، فقد تفلَّتت بعض الدول من قيودهِ في مجال امتلاك الأسلحة النووية المحظورة، خصوصاً «إسرائيل»، كما أن الفوضى الدولية توسَّعت أكثر، وانتشر الإرهاب بتشجيع من بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، من دون أن يتخِذ مجلس الأمن قرارات حاسمة تمنع تشجيع الإرهاب، خصوصا من قبل أنظمة تتدخل في الشؤون العربية، ومُستفيدة من انتشار الإرهاب في العراق وسوريا، وحتى في اليمن وليبيا.
العالم الإسلامي أصابه تشويه هائل جراء استفحال الإرهاب في أكثر من مكان. وقد تم إلصاق جزء كبير من الأعمال الإرهابية بالمُسلمين، لكن الدين الإسلامي الحنيف، لا يقرُّ بالقتل وبالترويع، وبالتالي فإن الذين يقومون بالأعمال الإرهابية، لا دين لهم «وفقاً لتوصيف قادة القمة الإسلامية التي انعقدت في اسطنبول».
تغيير نمطية عمل مجلس الأمن أصبح ضرورة دولية، والمقاربة التي اعتمدها العالم لمواجهة الأزمات الاقتصادية من خلال مجموعة «العشرين» الذين يؤلفون أكبر الاقتصادات في العالم، قد تكون صيغة مقبولة لتوسيع المجلس.. بالمقابل فإن المطالبة بمكانة دولية أكبر، يفرض على الدول الإسلامية المزيد من التضامن.
وفي أعقاب نهاية الحرب الثانية عقدت الدول المُنتصرة مؤتمراً في سان فرانسيسكو الأمريكية عام 1945، ومعها 46 دولة أخرى، وتفرَّدت الدول الكبرى في صياغة نظام لمجلس الأمن يتماشى مع مصالحها، في سيناريو يُشبه ما حصل عام 1919، مع زيادة لصلاحيات الدول الدائمة العضوية في المجلس وهي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا، حيث أُعطيت هذه الدول حق استخدام «الفيتو» المُعطل لأي قرار يصدر بدون موافقتها. أما الدول الـ 10 الأخرى في المجلس، فهي تُنتخب وفقاً لعرف توزيع جغرافي على القارات كل سنتين، وليس لديها صلاحية تعطيل القرارات.
مجلس الأمن الدولي للعام 1945 يختلف عن مجلس العصبة للعام 1919، فهو يمتلك حق اتخاذ القرارات المُلزِمة، ولديه صلاحية استخدام القوة العسكرية لمواجهة أي تهديد للأمن والسلم الدوليين.
بعد انفراط نمطية الحرب الباردة بين الجبارين (الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة) عام 1990، ساد ما يُشبه الفوضى في عدد من المناطق في العالم، وتراوح نسق العامل الدولي؛ بين التفرد القطبي الأمريكي خلال تسعينات القرن الماضي وفوضى دولية متعددة الأقطاب ما بعدها. ونشأت حالات اضطراب واسعة في عدد من دول العالم، كانت نتاجاً للضياع الدولي لاسيما منه التردد الأمريكي في السنوات العشر الأخيرة، مُترافقاً مع محاولة روسية لاستعادة دور مفقود، سقط مع انهيار الاتحاد السوفييتي.
في قمة رؤساء الدول الإسلامية الذي عُقِد في إسطنبول في 14 ابريل/نيسان2016؛ طالب بعض القادة بإجراء تعديلات على نمطية عمل مجلس الأمن وتركيبته الهيكلية، على خلفية حق الدول الإسلامية – التي تُشكل 22% من سكان العالم في التمثيل الدائم بالمجلس، بما في ذلك حق استخدام «الفيتو» على القرارات.
في الشكل قد يكون المطلب فيه أحقية واضحة، خصوصاً كون الدول الخمس الدائمة العضوية؛ لا ينتمي أي منها إلى العالم الإسلامي – برُغم أن ملايين المُسلمين يعيشون في هذه الدول، وأغلبيتهم مواطنون أصليون فيها – أمَّا في الواقع؛ فإن الدول الدائمة العضوية لم تدخل في قفص مجلس الأمن الذهبي على خلفيتها الدينية، بل لأنها انتصرت في الحرب العالمية الثانية، ولكونها كانت تتمتع بقوة عسكرية واقتصادية عند تأسيس الأمم المتحدة التي انبثق عنها مجلس الأمن عام 1945.
خريطة توزع القوى الدولية تغيرت كثيراً منذ العام 1945 حتى الآن. وإحجام الدول وقوتها تغيرت أيضاً، لاسيما في المجال الاقتصادي والعسكري، وهناك دول نمت بشكل كبير، وتجاوز دخلها القومي دخل أكثر من دولة من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهناك دول تعاظمت مكانتها على شاكلة واسعة، لاسيما في قدراتها المالية، أو قوة تأثيراتها الجيوسياسية في المُحيط.
نمطية عمل مجلس الأمن سجَّلت بعض النجاحات في الحقبة الماضية، وكان لبعض التدخلات الدولية بقرار من مجلس الأمن، مكانة واضحة في سياق الاستقرار الدولي، منها على سبيل المثال: التدخُل لتحرير الكويت عام 1991 ووقف الحرب العراقية الإيرانية وإجراء بعض المحاكمات الجنائية الدولية، خصوصاً في جرائم يوغسلافيا السابقة، ولكن إخفاقات عمل المجلس كانت أكبر بكثير من النجاحات، فقد تفلَّتت بعض الدول من قيودهِ في مجال امتلاك الأسلحة النووية المحظورة، خصوصاً «إسرائيل»، كما أن الفوضى الدولية توسَّعت أكثر، وانتشر الإرهاب بتشجيع من بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، من دون أن يتخِذ مجلس الأمن قرارات حاسمة تمنع تشجيع الإرهاب، خصوصا من قبل أنظمة تتدخل في الشؤون العربية، ومُستفيدة من انتشار الإرهاب في العراق وسوريا، وحتى في اليمن وليبيا.
العالم الإسلامي أصابه تشويه هائل جراء استفحال الإرهاب في أكثر من مكان. وقد تم إلصاق جزء كبير من الأعمال الإرهابية بالمُسلمين، لكن الدين الإسلامي الحنيف، لا يقرُّ بالقتل وبالترويع، وبالتالي فإن الذين يقومون بالأعمال الإرهابية، لا دين لهم «وفقاً لتوصيف قادة القمة الإسلامية التي انعقدت في اسطنبول».
تغيير نمطية عمل مجلس الأمن أصبح ضرورة دولية، والمقاربة التي اعتمدها العالم لمواجهة الأزمات الاقتصادية من خلال مجموعة «العشرين» الذين يؤلفون أكبر الاقتصادات في العالم، قد تكون صيغة مقبولة لتوسيع المجلس.. بالمقابل فإن المطالبة بمكانة دولية أكبر، يفرض على الدول الإسلامية المزيد من التضامن.
د.ناصر زيدان
صحيفة الخليج