يعيش سكان مدينة الموصل مركز محافظة نينوى شمالي العراق، أوضاعا إنسانية واقتصادية بالغة الصعوبة منذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة قبل نحو عامين.
ويرزح السكان تحت وطأة حصار من تنظيم الدولة الذي يمنعهم من النزوح ويفرض عقوبات صارمة تصل حد القتل على كل من يحاول الهروب أو الخروج من المدينة، كما تفرض القوات العسكرية الكردية والعراقية طوقا على المدينة، مما أدى إلى قطع معظم طرق المواصلات.
ويعتمد السكان الذين يقدر عددهم بنحو مليوني نسمة على “شريان” وحيد يغذي حياة المدينة باليسير من الحاجات الرئيسية، وهو عبارة عن طريق قديم ومهترئ من الجهة الغربية للمدينة ويمتد عبر أراض صحراوية إلى محافظة الرقة السورية، التي تستورد منها المواد الغذائية والطبية التي تنقل عبر شاحنات تستهدف أحيانا من قبل طائرات التحالف الدولي.
ويقول سكان في الموصل تواصلت الجزيرة نت معهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ورفضوا الكشف عن هوياتهم، إن الشلل أصاب معظم نواحي الحياة في المدينة، وهو ما أدى إلى ارتفاع قياسي في نسبة العاطلين عن العمل تجاوزت 70%.
وتحدث المواطنون عن غلاء فاحش للسلع الاستهلاكية لا يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن، التي لا يتجاوز متوسطها في اليوم الألف دينار عراقي (أقل من دولار أميركي واحد).
وفاقمت غارات التحالف الدولي من وضع المدينة، فقد تسببت في تدمير معظم البنى التحتية للمدينة وشبكات الاتصالات الأرضية والبنوك ومحطات الكهرباء والماء، وشملت حتى مبان في جامعة الموصل.
ويفتقد سكان المدينة للعديد من الخدمات، فالكهرباء تصل المواطن بمعدل ساعتين كل 36 ساعة، والماء بنحو ثلاث ساعات يوميا. ورغم وجود “ديوان الخدمات” لدى تنظيم الدولة فإن مهمته تكاد تنحصر -بحسب ناشطين- في تأجير العقارات والمباني التجارية الحكومية التي تخضع لإدارته حاليا للمواطنين، إضافة إلى إدارة الطرق وتنظيمها ورفع القمامة مقابل مبالغ مالية.
من جانبه، قال الطبيب “س.م” إن مستشفيات الموصل تعمل بأقل من نصف طاقتها بسبب النقص الحاد في المستلزمات الطبية وغياب الكوادر المتخصصة وشح الأدوية خاصة لذوي الأمراض المزمنةوالمستعصية، كما أن التنظيم خصخص المستشفيات بعد أن كانت تقدم خدماتها للمواطنين بالمجان.
ومما زاد في معاناة السكان امتناع الحكومة العراقية عن دفع رواتب موظفي المدينة منذ أكثر من عام.
وقال محافظ نينوى نوفل حمادي السلطان للجزيرة نت إن أوضاع الموصل “مزرية” وإن المحاصرين فيها يمرون بظروف إنسانية صعبة، وأكد أن اللقاءات بمسؤولين في الحكومة العراقية فشلت في التوصل لاتفاق على صرف جزء من رواتب موظفي الموصل.
ودفع الكساد المالي وقوانين التنظيم المتشددة نحو بعض الحرف الكثير من التجار وأصحاب المهن إلى توقيف نشاطهم أو تغييره، وقال أحد التجار في الأجهزة الإلكترونية إنه “اضطر لغلق متجره بعد توقف شبكات الهاتف النقال في المدينة، والتضييق الذي يمارسه التنظيم على استخدام شبكات الإنترنت”.
في المقابل، أكدت مصادر مقربة من تنظيم الدولة أن التنظيم يولي النواحي الإنسانية والخدمية الاهتمام المطلوب، لكن طبيعة المرحلة تفرض عليه التركيز على الجهد العسكري والإعداد للحرب والدفاع عن “أرض الخلافة”.
عبدالقهار جمعة
الجزيرة نت