اعتمدت حركة الخدمة كباقي الحركات الإسلامية في تركيا على التنظيم السري ومبدأ التقية السياسية. وهي تعتمد بشكل أساسي من الناحية الفكرية على فكر غولن وآرائه ومواقفه. وتتميز بأنها من أكثر المجموعات الدينية انفتاحاً على الغرب في تركيا.
وابتعدت الحركة منذ نشأتها عن العمل السياسي المباشر، مركزة على فكرة إنشاء الكوادر من خلال التركيز على التعليم، وبناء المدارس داخل وخارج البلاد، لتعمل على اختراق المجتمع والدولة عبر العديد من المؤسسات الاقتصادية والإعلامية والطبية والإغاثية. وجاءت القفزة الأكبر في نشاط الجماعة بعد انقلاب 1980، بما رافقه من انفتاح على اليمين الديني لمواجهة اليسار التركي. لتبدأ معها رحلتها في إنشاء المدارس خارج تركيا، مروراً بتكوين وقف الصحافيين والكتاب الأتراك، الجهة الممثلة للجماعة بشكل شبه رسمي.
وحتى قبل اندلاع الصراع بينها وبين حزب “العدالة والتنمية“، كانت الحركة تدير أكثر من 1500 مؤسسة بمختلف مراحل التعليم، إضافة إلى 15 جامعة منتشرة في أكثر من 140 دولة في مختلف أنحاء العالم. وأهم ملامح هذه المؤسسات التعليمية، أنها تتفق مع علمانية تركيا، ولا تطبق برامج تحمل مواصفات دينية. أما في قطاع الإعلام، فكانت الحركة تمتلك عدة مؤسسات إعلامية منها وكالة “جيهان” للأنباء، وصحيفة “زمان”، ومجموعة “سامانيولو” التلفزيونية، والتي تضم ست قنوات تلفزيونية متنوعة، إضافة إلى ثلاث إذاعات، قبل أن تقوم الدولة التركية بوضع يدها عليها.
وفي القطاع الاقتصادي تمتلك الحركة ”بنك آسيا”، بينما يتجمع رجال الأعمال الذين يدورون في فلكها في جمعية “توسكون”.
ودعمت قيادة الحركة في عام 1997 الانقلاب الأبيض الذي قام به الجيش. ولم تشكل في تاريخها أي حزب. غير أنها تحالفت مع “العدالة والتنمية” بعد وصوله إلى السلطة عام 2002. ثم تحالفت مع حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة) بعدما اندلع الخلاف مع “العدالة والتنمية”، إثر قيام الحركة بمحاولة الانقلاب على الحكومة التركية، على خلفية عمليات الفساد التي قادها مدعي الحركة في القضاء ضد عدد من الوزراء والمقربين من رئيس الوزراء التركي حينها رجب طيب أردوغان.
وكان للحركة الدور الأكبر في تأمين كوادر لحزب “العدالة والتنمية” للقيام بإدارة الدولة. وتمكنت من خلال تغلغل عناصرها في القضاء والشرطة التركيين، أن تلفق عدداً من القضايا لضباط الجيش التركي منها المطرقة والإرغنكون، ليتم توجيه ضربة قاصمة للجيش التركي منعته من القيام بأي انقلاب عسكري في مراحل مختلفة.
استغلت الحركة بعدها تحالفها مع “العدالة والتنمية” كي تتغلغل ضمن الكوادر البيروقراطية في الدولة. غير أن الصدام الأول كان مع قيادة الاستخبارات التركية عام 2012، بعدما شكل وجود رئيس الاستخبارات حاقان فيدان، المقرب من أردوغان، سدّاً في وجه تغلغل الحركة في الاستخبارات. عندها، أقدمت الحركة على تلفيق تهم لفيدان بالتعامل مع الإرهاب، بعد اللقاءات التي عقدها مع قيادات “الكردستاني” في العاصمة النرويجية أوسلو، في إطار عملية السلام.
قامت الحكومة، خلال العامين السابقين، بوضع حركة “الخدمة” على لائحة المنظمات الإرهابية. وشنت حملة تطهير واسعة في صفوف القضاء والشرطة ضد أنصار الحركة وكذلك ضد رجال الأعمال الموالين لها. كما صدر قرار قضائي بالسجن المؤبد على زعيم الحركة المتواجد في ولاية بنسلفانيا منذ 1999.
وتتمتع الحركة بعلاقات قوية للغاية مع الاستخبارات الأميركية، بحيث تدير عددا كبيرا من الاستثمارات والمدارس والعلاقات ضمن الولايات المتحدة.
وقد اتهمت الحكومة التركية حركة الخدمة التي تسميها “الكيان الموازي” بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية. وطالبت الولايات المتحدة بتسليم غولن المقيم في ولاية بنسلفانيا منذ عام 1999. فيما أكد وزير الخارجية الأميركية جون كيري أن بلاده ستعمل ما في وسعها لمساعدة الحكومة التركية في التحقيقات، مشيراً إلى أن واشنطن لم تتلق طلباً بتسليم غولن، داعياً إلى تقديم الأدلة التي تثبت تورط الحركة في المحاولة الانقلابية.
باسم الدباغ
صحيفة العربي الجديد