عقدت عدة اجتماعات ولقاءات واتصالات بين أبناء الموصل/ نينوى، وشخصيات من أساتذة وشيوخ ورجال أعمال ونخب مثقفة عديدة في العراق وفي بلاد المهجر، وخصوصا في الأردن وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وتركيا وكندا والولايات المتحدة الأميركية وأستراليا والإمارات وقطر ومصر وغيرها. ونوقشت في الاجتماعات أوضاع مدينة الموصل، ومحافظة نينوى، وهي تمر بأصعب مراحلها التاريخية، وتتطلّب من الجميع الوقوف مع أي مشروع للإنقاذ وتقرير المصير، وتوصّل المجتمعون إلى “مشروع” من أجل الحفاظ على مصير الموصل/ نينوى من الضياع والتفكك، والحفاظ على عراقيّتها، خوفاً من التدخلات الخارجية وخصوصاً بعد تحريرها من عناصر داعش الإرهابية، وعودتها إلى الحياة الطبيعية ثانية، وتخوّف كل أبنائها من المستقبل، كيلا تندلع أية حرب أهلية، أو طائفية، خصوصاً بعد حرب الدعايات وحجم التهديدات لأخذ الثارات، ومن أجل إبعادها عن شبح كل الأطماع الإقليمية والثارات الطائفية والصراعات القومية في المنطقة الساخنة.
هنا، في السطور التالية، حصيلة ما تمّ، أخيراً، في ستة شهور من جهود كبرى لاجتماعات موسّعةٍ واتصالاتٍ مكثفة، حيث تم التوصل إلى “إعلانٍ”، يحدّد صيغة مشروع وخطة طريق من أجل ولادة إقليم الموصل/ نينوى في إطار السيادة العراقية، بغية الحفاظ على هوية هذا الإقليم وخصوصياته الثقافية والحضارية، ومن أجل أن يكون مستقراً وآمناً ومتطوراً، على أيدي أبنائه، وعودة الملايين من سكانه اللاجئين والمهاجرين والنازحين إليه، من داخل العراق ومن شتات العالم، ليساهموا جميعاً في إحيائه وتقدّمه وتطوره. ويأتي نشر “الإعلان” بهدف مناقشته وإثرائه من كل المهتمين والمراقبين والمتابعين، وخصوصا من أبناء الموصل/ نينوى وكل العراقيين.
أولاً: ضرورة المشروع وأهميته
في ظل المأزق التاريخي الصعب الذي تعيشه الموصل، وكل توابعها الإدارية في إقليم/ محافظة نينوى اليوم، وفي ظل التخوّف على مصيرها ومستقبل سكانها من الضياع، من الأجدى البحث استراتيجياً عن “مشروعٍ واقعي”، يجيزه الدستور العراقي، ويقّره السكان بعد طول المعاناة، من أجل أن يحفظ لها قيمتها ومكانتها، ويحافظ على أهلها وخصوصيتها جغرافياً وتاريخياً وثقافياً وحضارياً، ويدرأ عن الإقليم كلّ التحديات الصعبة التي يعيشها في الداخل والخارج، ناهيكم عن ضرورة التفكير والتخطيط لما سيؤول إليه الوضع لما بعد التحرير من هيمنة داعش التي دامت أكثر من سنتين، وخشيةً من نشوب حربٍ أهلية، لا سمح الله.
من هنا، يبدو طرح مشروع إقليم الموصل/ نينوى في مجال العراق وإطاره السياسي، ضرورةً
تاريخيةً أساسية، من أجل إبعاد شبح الصراع الأهلي والتناحر الطائفي عن الموصل ونينوى. وعليه، سيكون انبثاق هذا “المشروع” وتطبيقه تطوراً نوعياً في عملية بناء مستقبل العراق وتحديد مصيره، اذ يجمع كلّ العلماء والخبراء والمؤرخين والمراقبين على أن الموصل تعد “رأس العراق”، فلا حياة للعراق من دونها. وأن الحاجة باتت ماسّة لتحديد ما سيؤول إليه المصير على أيدي أبنائها، وعلى العراقيين أن يفكّروا في الحفاظ على هذا الرأس سليماً، من أجل إبقاء بغداد قلبا نابضا بالحياة، والبصرة بوابة بحرية منفتحة أمام العالم.
لا يهدف هذا “المشروع” أبداً إلى تقسيم العراق أولاً، وهو ينأى بنفسه عن جعل الموصل وإقليمها جزءاً من مشروع مذهبي أو طائفي ثانياً، كما يحفظها من تدخلات الآخرين في شؤونها ثالثاً، بل يرمي، أساساً، إلى أن يكون إقليماً وحده في إطار السيادة العراقية رابعاً، من أجل الحفاظ على خصوصية الإقليم، أمنياً وحضارياً وثقافياً وتنموياً من الناحيتين الجغرافية والتاريخية خامساً، وتحدّد العلاقة الفيدرالية بين الإقليم والمركز ضمن نظام اللامركزية سادساً. والقيام بالفصل بين السلطات سابعاً، وأن يبتعد “المشروع” عن التحزبات الدينية والطائفية والعنصرية ثامناً.
هكذا، انبثق هذا “المشروع” عن إرادة وطنية خالصة جمعت كل أبناء الطيف لسكان هذه المدينة والمحافظة، بمختلف أديانهم ومللهم وإثنياتهم وعناصرهم في الداخل والخارج .. وهو “مشروع” عقلاني، يحافظ على عراقية الموصل/ نينوى، من خلال الارتقاء بها إلى مرتبة الإقليم، كما يبيح ذلك دستور العراق، ومن أجل الحفاظ على ترابهم وأهلهم ووحدتهم وتاريخهم ومصيرهم، ضمن ستة مبادئ أساسية تجمعهم مع العراق أولاً، ومع بعضهم ثانياً، وإبقاء العلاقة عضويةً بين مركز الموصل والمحافظات التي ستنبثق في الإقليم الجديد من أجل الارتقاء بالخدمات لها، وأن تنبثق حكومة إقليم له، حسب الأصول الديمقراطية المعروفة، تراعي مصالحه، وترتقي بأمنه وخدماته، واستثمار ثرواته، وتسعى إلى تطويره وتعزيز علاقته اللامركزية بالعاصمة الأم بغداد وبإقليم كردستان والمحافظات العراقية الأخرى، مراعين في ذلك خصوصيات إقليم الموصل/ نينوى، مع ضرورة أن تمر الموصل/ نينوى بمرحلة نقاهة وطور انتقالي بعد التحرير، وانبثاق هيئة تحضيرية، لنقل هذا “المشروع” إلى أرض الواقع، بعد استفتاء كل سكان الإقليم عليه. وقد تضمن “المشروع” هذا البيان الذي يؤكد شرعيته الدستورية والوطنية، من خلال الأسس والركائز التالية:
مشروع حياة ومستقبل
في ظل المأزق التاريخي الصعب الذي تعيشه الموصل، وكل توابعها الإدارية في إقليم محافظة نينوى اليوم، إذ تعد ثاني أكبر مدينة في العراق بعد بغداد، وقد عانت طويلاً، خصوصا منذ العام 2003 إثر الاحتلال الأميركي، وفي ظل الممارسات العقيمة والطائفية التي مورست ضد الموصل، وصولاً إلى احتلالها من عصابات داعش، وجعلها عاصمةً لدولة الخلافة الإسلامية. ولذا لا بد من:
مشروعية الاقليم دستورياً:
أولاً، يستند إنشاء الإقليم إلى المواد (116, 117, 119, 120, 121) من الدستور العراقي، وباتباع الخطوات العملية الواردة في قانون الإجراءات الخاصة بتكوين الأقاليم رقم ١٣ لسنة ٢٠٠٨.
ثانياً، حسب المادة 120 من الدستور العراقي، يقوم الإقليم بوضع دستور للإقليم، يحدّد فيه هيكل سلطات الاقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على أن لا يتعارض ذلك مع هذا الدستور العراقي
دستورية إقليم نينوى/ الموصل
ينبغي إقرار دستور لإقليم نينوى/ الموصل، يتضمن مشروعية التأسيس ودستوريته، ويكون
بمثابة القانون الأساسي للإقليم، وأن يتضمن في بنوده كل ما يختص به الإقليم من النواحي السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، شريطة إقرار منظومة تشكيلاته على النحو التالي:
أولاً، يضمن دستور إقليم نينوى تحديد العلاقة السلمية والتعايشية بين المكونات السكانية الموجودة في داخل محافظة نينوى، وما تحتاجه جميع المكونات للشعور بالأمان على ضوء تجربة المرحلة السابقة، بالاعتماد على المفاهيم المدنية الحديثة، بعيداً عن التوجهات الدينية والمذهبية.
ثانياً، يكون الإقليم مشاركاً بقوة في كل ما ورد في الصلاحيات والسلطات الاتحادية للدولة العراقية، حسب المواد (47-115) من الدستور العراقي، ويسعى إلى تقوية السلطة الاتحادية بمشاركة أقاليم قوية .
ثالثاً، مشاركة الكرد في إدارة إقليم نينوى بطبيعة نفوذهم “في المناطق المتنازع عليها”، ما سيفتح الباب واسعاً لعلاقاتٍ مميزة بين إقليمي نينوى وكردستان، ويضمن تعامل سلمياً هادئاً وحضارياً مع المناطق المتنازع عليها من الجانبين، بينما تضمن الأغلبية العربية علاقات تعاون مع المحيط العربي.
رابعاً، تكون موارد الإقليم على حسب ما أقره الدستور العراقي من العوائد الوطنية، بالإضافة إلى الموارد الداخلية في الإقليم، شريطة التوزيع العادل للموارد والعمل على بناء الإقليم وتطوره وعمرانه.
خامساً، تعمل الإدارة في جميع المحافظات المستحدثة في إقليم نينوى بأسلوب الإدارة اللامركزية، وتبقى مرتبطةً بالموصل مركز الإقليم.
سادساً، يستوجب من أجل ضمان حماية الإقليم وأمنه أن تتضمن الإجراءات إنشاء حرس إقليم (درك وشرطة محلية) يحتوي على جميع القوى التي ساهمت في محاربة داعش والقضاء عليها، ومكونة من جميع المكونات، وتتشكّل منظومة واحدة، يعاد تدريبها سويةً على أيدي التحالف الدولي (يمكن تغطية هذا الأمر في تشريع داخلي للإقليم).
سابعاً، تتضمن هيكلية الإقليم إنشاء 6-8 محافظاتٍ، تتوزع على الشكل التالي:
سنجار، وتضم قضاء سنجار مع المجمعات اليزيدية ناحية القحطانية (أغلبية يزيدية). تلعفر، وتضم مدينة تلعفر وضواحيها مع العياضية والمحلبية (أغلبية تركمانية)، ويمكن فصل أو إضافة ربيعة وزمار (عرب وكرد)، حسب رغبة أهالي المنطقة. سهل نينوى (مسيحيون- ويزيدية- وشبك- وعرب- وكرد)، ويمكن أن تكون محافظة واحدة أو محافظتين، حسب رغبة أهالي المنطقة. جنوب الموصل، (حمام العليل، الشورة، القيارة، الحضر البعاج.. ). مخمور (أغلبية كردية). مدينة الموصل، تكون محافظةَ وحدها، بجناحيها الأيمن والأيسر لنهر دجلة وتوابعهما من القرى والأرياف والأديرة وسد الموصل والمناطق الأثرية القديمة، وهي عاصمة الإقليم.
مبادئ وركائز أساسية
يقوم تأسيس إقليم نينوى/ الموصل على ستة ركائز، تعتبر بمثابة مبادئ مدنية أساسية له، وتعد
بمثابة ثوابت وطنية لإقليم عراقي، له خصائصه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويمكن إيجازها بالآتي:
الارتباط العضوي بالوطنية العراقية. احترام التنوع السكاني والأعراق والأديان والمذاهب والتعددية الثقافية. المسالمة الاجتماعية والتعايش الاجتماعي والأمن الداخلي والخارجي. تحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية والحياة المدنية. التمدن الحضاري والنمو الثقافي واحترام التاريخ والفنون. التنمية الإنتاجية والتطور الاقتصادي والسياحي والإعلامي.
الجيوستراتيجية والتاريخ
تعد الموصل/ نينوى رأساً للعراق، إذ لا يمكن للعراق أن يحيا من دون هذا الرأس، مدينةً وإقليماً، نظرا لما يمتلكه من توابع جغرافية، وما يتمتع به من مكانةٍ حيويةٍ واستراتيجية منذ القدم، فضلاً عن أنّ الموصل وقعت في “قلب الشرق الأوسط”، إذ تقع في قلبه، فموقعها الجغرافي تتوازى منه المسافات بينها وبين البحار، إذ تتقارب المسافات البرية بين الموصل وكلّ من بحر قزوين والبحر الأسود والبحر المتوسط، وبينها وبين الخليج العربي نهران، عبر دجلة وشط العرب.
وكانت الموصل، تاريخياً وعبر العصور، عاصمة دول متعدّدة، فإن كانت نينوى أعظم عاصمة للامبراطورية الآشورية في الأزمنة الكلاسيكية، ثم غدت من أقدم مراكز الديانة المسيحية في الشرق، على امتداد ألفي سنة، ثم غدت ثاني أكبر مدينة بعد دمشق إبان العهد الأموي (41- 132هـ / 662- 750 م)، إذ انطلقت منها الفتوحات الإسلامية نحو الأناضول وبلاد القوقاز وأرمينيا والشرق البعيد، ثم غدت عاصمةً لدول ودويلات إسلامية، كالدولة الحمدانية 317- 394 هـ/ 929- 1003م والدولة العقيلية 386-489هـ /966-1096م. ودولة الأتابكة الزنكيين (521- 660 هـ/ 1127- 1261م)، وصولاً إلى كونها عاصمة لحكومة الجليليين، إبّان العهد العثماني (1724– 1834م)، ومن ثم ثاني أكبر مدينة عراقية في العراق حتى اليوم. وعليه، تمتلك مشروعية تاريخية في تأسيس أيّ كيانٍ فيها، ضمن مجال العراق اللامركزي.
كانت نينوى والموصل وتوابعهما مركزاً حضارياً متقدماً في التواريخ القديمة والوسيطة والحديثة، ولم تزل آثارها المادية والحضارية تشهد على عظمتها الحضارية وتطورها في تاريخها الإنساني عبر العصور، فقد ازدهرت، بمواريثها القديمة وعمرانها وقلاعها ورموزها الحضارية وبمنتجاتها المادية والروحية، إذ حفلت بمراكزها الدينية وبأنبيائها وأوليائها ومطارنتها، وازدهرت، بعلمائها وأدبائها وفنانينها، ونسوتها ورجالاتها الذين رفدوا كل من الحضارة والثقافة العربية والسريانية، وبكل من أنتجته من تصانيف ومأثورات أدبية وعلمية ودينية وفقهية ولغوية وتاريخية وفنية، من خلال مدارسها ومكتباتها ومتاحفها ومراكزها وجوامعها وكنائسها وأديرتها.
منظومة التكوينات الاجتماعية
كانت نينوى/ الموصل، على امتداد التاريخ، مدينةً حيةً وإقليما متجانساً، تعايش فيه مختلف السكان تعايشاً رائعا، إذ كانت هناك، ولم تزل، خصوصية اجتماعية وتنوعاً ثقافية ضمن خصوصية مشتركة من العادات والتقاليد والأعراف، مع تعدّدية دينية، سواء بين المسلمين والمسيحيين والمسلمين، أو بين الملل المسيحية المتنوعة. وكانت ولم تزل تمثل مجتمعاً إثنياً منسجماً بثقافاته المنصهرة بين العرب والكرد والتركمان والآشوريين والكلدان والسريان واليزيدية والشبك، وغيرهم من الأقوام المختلطة. وتعتبر الموصل من المدن الجاذبة للسكان في الشرق الأوسط، وتتميز المنظومة الاجتماعية فيها بالأنشطة والروح العملية والبنائية المنتجة. وعليه، هي مؤهلة لاستيعاب هذه المنظومة، وجعلها آمنة ومستقرة ومسالمة ومنتجة، وهي متحفزّة للتنمية المستدامة.
الثروات وعراقة المكانة الاقتصادية
كانت نينوى/ الموصل، على امتداد العصور التاريخية، مركزاً اقتصادياً وتجارياً، زراعياً
وصناعياً، نتيجة عظمة ثرواتها الاقتصادية الغنية، وخصوصياتها المنتجة، وموقعها الاستراتيجي، وأنشطة سكانها الذين تميزوا بتدابيرهم وحرصهم ونمو ثرواتهم، وكونهم امتلكوا بيئةً منتجةً من الطراز الأول في العالم، فكانت أن تميّزت الموصل بأسواقها وخاناتها وقيصرياتها، وبقيت اقتصاداتها حيةً. ويكفي أن نستشهد بعظمة صناعاتها وخصوصية منتجاتها في صناعة الأنسجة ودباغة الجلود وصنع المعادن وإنتاج الأغذية، كما اشتهر أهلها بمختلف المهن وأصناف الصناعات. وكانت مركزاً لإقليم زراعي من الطراز الأول في السهول والسهوب والشواطئ والجبال، وامتلكت الموصل ثلاثة أنواع من التجارات: الدولية والإقليمية والمحلية. اعتمدت انكلترا على أنسجتها من الموسلين، واعتمدت عليها الهند في الخيول، واعتمدت عليها بلاد الشام في الأغنام، واعتمدت عليها إيطاليا في تصدير حنطة صابر بيك في صنع المعجنات. وامتلكت الموصل، ولم تزل، أكبر ثروةٍ حيوانيةٍ في الشرق الاوسط ، خصوصا الأغنام والخيول والأبقار، ويضاف إليها، أخيراً، ثروة سد الموصل من الأسماك.
أدوار وطنية
كان للموصل دورها التاريخي الأساسي في التشكيل الوطني العراقي، وكان لأبنائها وبناتها دورهم الفعّال في تأسيس العراق الحديث والمعاصر. ومن قبله، كان لهم دورهم في مشروع النهضة العربية الحديثة، إذ ساهم نسوة ورجال في التشكيلين التاريخيين لعلماء وشيوخ وأعيان ومطارنة وأدباء وفنانين وتشيكيليين ومؤرخين وعلماء مشهورين، فضلا عن ضباط عثمانيين (أصبحوا شريفيين وعراقيين لاحقاً)، وقضاة ووزراء ورؤساء وزارات ووكلاء وزراء ومستشارين وسفراء وقادة ودكاترة ورؤساء جامعات وعمداء كليات وأطباء وصيادلة وصحافيين وإذاعيين وآلاف التربويين من المعلمات والمعلمين. كلهم ساهموا في بناء العراق.
كما ساهم أبناء هذا “الإقليم” في نمو الحركات الوطنية والأحزاب السياسية مساهمة تاريخية فعالة على امتداد العهود السياسية، وضحى الآلاف من أبنائها وبناتها بأرواحهم وأنفسهم في سبيل المبادئ التي حملوها، وفي سبيل الدفاع عن العراق. وهاجرت الآلاف المؤلفة من عوائلها، هرباً من الظروف الصعبة التي ألمّت بها، سواء في القرن العشرين ، وخصوصا عام 1959، أو في احتلالها من أشرس منظمة إرهابية تمثلها داعش، ونضال أهلها الميامين ضد أحكامهم الجائرة، وما نزل عليهم من ظلم وأذى.
النتائج في تنفيذ “المشروع”
وعليه، أعظم مكافآة للموصل ونينوى ولأبنائها اليوم أن تمنح درجة “إقليم مدني” في العراق، يقوم بتدبير شؤونه، ويحمي نفسه ويبقى يخدم العراق من خلال أجياله المقبلة بالطرق الديمقراطية والسلمية والمدنية وتشكيل المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية للإقليم مع تشكيل قوة درك عسكرية، وقوة من الشرطة الإقليمية والمحلية، فضلا عن تأسيس أحزاب سياسية مدنية، وأن تنبثق حكومة بالوسائل الانتخابية، تشرع مباشرة بإعادة البناء والإعمار ضمن خطط خمسية للارتقاء بالإقليم إلى مصاف التطور، وأن ينعم السكان بالأمن والاستقرار، بعد مرورهم بأصعب مراحل التاريخ. سيحمي هذا “المشروع” الموصل، وإقليمها نينوى، من كل الشرور والتداعيات الصعبة، ويهيب بكل أصحاب الضمائر التوافق معه والتحاور بشأنه، من أجل كسب الثقة، ليحظى بموافقة العالم عليه، وتحويله إلى ممارسة وفعل على أرض الواقع، متمنين أن يحقق، بكل خطواته، لكي يبدأ التاريخ عمله من جديد في إقليمٍ يتوسط مجال الشرق الأوسط، وهو يمثل رأس العراق، يسمى بالموصل/ نينوى.
وأخيرا، يتمنى كل الذين ساهموا في الاجتماعات والاتصالات وتقديم الأفكار من أجل إعلان هذا “المشروع” بتحقيقه، بعد أن تتحرّر الموصل، مدينةً وأطرافاً وتوابع، من سيطرة داعش والتخلص من آثاره المدمرة. هذا “المشروع” هو الوحيد الذي يمكّن الموصل وإقليمها من تستعيد عافيتهما من خلاله.
سيار جميل
صحيفة العربي الجديد