تثار شكوك كثيرة حول وصول المعركة في الموصل إلى آخرها دون انفجار الأجندات بين “الحلفاء” الذين يقاتلون داعش، وذلك وفق تصريحات تتسم بالتصعيد في ضوء تناقض المصالح والحسابات.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رسميا ليل الأحد الاثنين عن “انطلاق عملية تحرير محافظة نينوى”، وأن “ساعة التحرير دقت، واقتربت لحظة الانتصار الكبير (…) بإرادة وعزيمة وسواعد العراقيين”.
ويشارك في معركة الموصل عدد هائل من الأطراف، مكون من الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب القوي والشرطة الاتحادية والمحلية والمجموعات الشيعية المسلحة المدعومة من طهران والمقاتلين الأكراد (البيشمركة) والحشد الوطني (السني) وتركيا والولايات المتحدة ودول التحالف الدولي…
واعتبر وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في واشنطن أن العملية العسكرية تشكل “لحظة حاسمة في حملتنا لإلحاق هزيمة دائمة” بتنظيم داعش، مؤكدا ثقته “في أن شركاءنا العراقيين سيهزمون عدونا المشترك ويحررون الموصل وبقية العراق من وحشية وعداء” داعش.
وتوقع القائد الجديد للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش اللفتنانت جنرال ستيفن تاونسند، أن استعادة السيطرة على المدينة “ستستغرق أسابيع ومن الممكن أكثر من ذلك”.
وفيما تناقلت وسائل الإعلام المحلية والدولية التقارير الواردة من الجبهات، وفيما يفترض، حسب خبراء عسكريين، أن تقتصر الحملة في مرحلة أولى على تطويق المدينة، كان المراقبون يرصدون الطابع السياسي الداخلي والإقليمي للمعركة.
فقد أعلن العبادي أن القوات التي ستدخل المدينة مؤلفة من الجيش والشرطة الوطنيين، بما يفترض أن يضع حدا للجدل الذي دار حول مشاركة قوات الحشد الشعبي في المعركة، والتي جرى الاعتراض عليها من قبل قوى سنية وكردية في العراق، إضافة إلى تركيا ودول الخليج.
ويخشى السنة دخول قوات الحشد الشعبي التي يغلب عليها الشيعة والمدعومة من إيران والداعمة للحكومة، إلى المدينة، ما يعني إمكان حصول مواجهة سنية شيعية أو أعمال انتقامية.
وتفيد تقديرات أميركية أن عدد الجهاديين في المدينة يتراوح بين 3500 وأربعة آلاف مقاتل أمضوا أشهرا طويلة في الاستعداد لهذه المعركة.
ولا يكمن تعقّد المعركة في الحجم الهائل من القوات التي يفترض أن تشارك في العمليات، لا سيما من الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب أو الشرطة الاتحادية والمحلية، بل في التنوعات المذهبية والقومية للميليشيات المشاركة.
ويستند الهجوم ضد “داعش” أيضا على مشاركة الميليشيات الشيعية المسلحة المدعومة من طهران (ضمن “الحشد الشعبي” الذي أوكلت إليه، على ما يبدو، مهام خارج مدينة الموصل) وتلك السنّية المدعومة من تركيا (ضمن “الحشد الوطني”) والمقاتلين الأكراد (البيشمركة)، ناهيك عن مشاركة القوات التركية والأميركية، ومساهمات أخرى من دول التحالف الدولي.
وتجري العمليات بدعم من طائرات التحالف الدولي و600 جندي أميركي إضافي سيتم إرسالهم إلى العراق، ما يرفع عدد العسكريين الذين تنشرهم واشنطن في العراق إلى 4600، فيما يتمركز الجنود الأتراك في قاعدة بعشيقة العسكرية القريبة من الموصل، إضافة إلى تواجد داخل إقليم كردستان.
ورغم رفض بغداد لتواجد هذه القوات ورفضها لمشاركة تركيا في معركة الموصل، إلا أن موقف أنقرة كان حازما في هذا الصدد.
وقد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قائلا “سنشارك في العملية، سنجلس على الطاولة، ليس من الممكن أن نظل في الخارج”، مضيفا “لن نتحمل مسؤولية عواقب أي عملية تتم من دون مشاركة تركيا”.
وقد لفت في هذا الصدد تقرير إخباري نشرته صحيفة “حرييت دايلي نيوز” التركية إلى أن أنقرة أرسلت وفدا إلى بغداد الاثنين لإجراء محادثات مع الإدارة العراقية، بهدف إقناع بغداد بإعادة النظر في معارضتها لوجود القوات التركية في شمال البلاد.
ونقلت الصحيفة عن مصادر، طلبت عدم الكشف عنها، أن الوفد، يترأسه أوميت يالجين نائب وزير الخارجية، ويضم مسؤولين من مختلف الأجهزة الأمنية.
وتطالب بغداد بانسحاب الجنود الأتراك، بينما تصر أنقرة على المشاركة في الهجوم بدرجات متفاوتة، بهدف الحد من قوة الأكراد واستعادة بعض التأثير الذي كانت تتمتع به في منطقة الموصل الغنية. وتنظر تركيا إلى هذه الأراضي على أنها منطقة نفوذ لها.
وأكد المحافظ الأسبق لديالى العراقية، عبدالناصر المهداوي، “مشروعية” تواجد تركيا في بلاده لحماية أمنها القومي ودفع المخاطر عنها لا سيما أنه جاء بعد دعوة من حكومة بغداد قبل أن تغير موقفها، مشددا على أن أنقرة ليست لها مطامع في العراق سوى دحر الإرهاب.
صحيفة العرب اللندنية