من تريد وظيفة في أوروبا عليها خلع الحجاب أولا

من تريد وظيفة في أوروبا عليها خلع الحجاب أولا


لندن – يقف المسلمون أمام واقع جديد لم يألفوه من قبل، بعدما تحول منع ارتداء الحجاب في أماكن العمل الخاصة في أوروبا من تمييز إلى حياد قد يعيد النظر في أسس علاقة المسلمين بمجتمعات باتوا مع الوقت جزءا لا يمكن فصله عنها.

ومنذ الثلاثاء بات من حق مديري الشركات الخاصة منع ارتداء جميع الرموز الدينية في أماكن العمل من الحجاب والصليب إلى القلنسوة “الكيباه” والعمامة التي يرتديها الكثيرون ممن يعتنقون السيخية خصوصا في المملكة المتحدة.

وقالت أعلى محكمة في الاتحاد الأوروبي إن من حق الشركات الخاصة أن تحظر ارتداء الحجاب وغيره من الرموز الدينية الواضحة تحت ظروف معينة.

وفي أول قرار تتخذه المحكمة في ما أصبح قضية سياسية رئيسية في مختلف أنحاء أوروبا، وجدت المحكمة أن شركة بلجيكية لديها لائحة تمنع الموظفين الذين يتعاملون مع العملاء من ارتداء رموز دينية وسياسية بهدف تأكيد الحيادية لم تقترف أي تمييز إذا ما لبت شروطا معينة.

لكن المحكمة قالت إن شركة فرنسية فصلت مهندسة برمجيات لرفضها خلع الحجاب ربما انتهكت قوانين الاتحاد الأوروبي التي تحظر التمييز على أساس ديني، إذا ما فعلت ذلك ليس التزاما بلائحة داخلية عامة لكن لمجرد اعتراض عميل معين.

وسيحدث الحكم الجديد تغييرات اجتماعية كبرى في صفوف الجاليات المسلمة في بريطانيا، إذ سيقف حائلا أمام عمل الكثير من السيدات اللاتي يرتدين الحجاب.
جوناثان تشامبرلين: الحكم بمنع ارتداء الحجاب في العمل يتماشى مع استراتيجية تبنتها بريطانيا

وسيفتح الباب أمام حرية تأويله من قبل المسؤولين المعادين للمسلمين في القطاع الخاص.

وقد يتحول الحكم مع الوقت إلى سيف اقتصادي مسلط على المسلمين خصوصا. ومن المتوقع أن تعزف الكثير من السيدات المسلمات عن سوق العمل، وهو ما قد يتسبب في تغييرات ديموغرافية لن تكون في صالح المسلمين.

والحكم الجديد هو أحد انعكاسات صعود الشعبوية اليمينية المعادية للمهاجرين، ويتزامن مع انتخابات وشيكة في هولندا وفرنسا من المتوقع أن تصب في صالح ترسيخ توجه متشدد يتسق مع رؤى الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب.

وأصبح توحيد شكل الموظفين في مكان العمل شرطا مطلوبا على نطاق واسع، إذ بات إظهار الانتماء الديني أو الفلسفي أو العقيدة أحد منغصات الحياد الذي تختبئ خلفه انتكاسات متسارعة في رؤى ليبرالية قامت عليها الوحدة الأوروبية خلال الحرب الباردة.

واشترطت المحكمة تضمين الحظر في “لائحة داخلية” للشركات، واعتبرت أن ذلك لا يندرج ضمن أفعال التمييز.

لكن حكم المحكمة لم يجب على سؤال جوهري حول ما إذا كان ارتداء الموظفين رمزا دينيا يقيد حرية الموظفين الآخرين أم لا؟ وهو ما يعرض حيثيات الحكم لانتقادات.

وقد يعزز منع ارتداء الحجاب خصوصا نفوذ حركات إسلامية متشددة تتعايش على “الإسلاموفوبيا”، وتحظى بثقة الجاليات المسلمة كلما تعاظمت مكاسب اليمين المتطرف.

ومنذ صعود اليمين ازدادت وتيرة رفض المسلمات المحجبات في مقابلات الحصول على وظيفة في الكثير من الدول الأوروبية. وبعد تحول الحياد الديني إلى قانون، من المتوقع أن تتعمق معاناة المحجبات، ويهيمن الرجال على قوة العمل المسلمة بشكل عام.

وقال جوناثان تشامبرلين، المحامي المتخصص في قوانين التوظيف في بريطانيا، إن “الحكم يتماشى مع استراتيجية لطالما تبنتها بريطانيا. على سبيل المثال من الممكن لصاحب العمل أن يفرض نهجا معينا في المظهر، لكن يجب فرض ذلك ببعض الحساسية والمرونة اللتين تأخذان المعتقدات الدينية في الاعتبار”.

العرب اللندنية