بغداد – يواجه ثلاثة وزراء من الكتلة السياسية السنية في العراق، استجوابات برلمانية يديرها نواب شيعة، فيما يعتقد مراقبون أن البرلمان العراقي على وشك تدشين مرحلة من الصدام الطائفي بين ممثلي الشيعة والسنة، الذي ينطلق في العادة، خلال الشهور الستة الأخيرة من عمر أي دورة برلمانية في بغداد.
وذكرت مصادر سياسية لـ”العرب” أن الكتل السياسية الحليفة لإيران تحاول إرباك حكومة حيدر العبادي بالضغط على عدد من أعضائها في السنة الأخيرة من عمر الولاية الأولى.
وحدد البرلمان الثالث من الشهر القادم لاستجواب وزير التخطيط والتجارة بالوكالة سلمان الجميلي، بناء على طلب تقدمت به عالية نصيف النائبة عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي.
وقرر البرلمان أن يجري استجواب وزير الزراعة فلاح حسن الزيدان بناء على طلب تقدمت به النائبة عن ائتلاف المالكي زينب الطائي، واستجواب وزير الكهرباء قاسم الفهداوي بناء على طلب النائبة حنان الفتلاوي.
وينتمي كل من الفهداوي والجميلي إلى محافظة الأنبار، فيما ينتمي الزيدان إلى عشائر اللهيب التي تنتشر في المناطق الواقعة بين نينوى وصلاح الدين. أما النائبات اللائي تقدمن بطلبات الاستجواب فيحسبن على الكتلة الشيعية المتشددة في البرلمان العراقي.
ويقول مراقبون في بغداد إن “الاستخدام السياسي لعمليات استجواب الوزراء وإقالتهم أمر مألوف في البرلمان العراقي، لكنه يكون على أشده مع اقتراب الدورة البرلمانية من النهاية”.
ويقول هؤلاء المراقبون إن نواب البرلمان الذين لا ترتبط بهم نجاحات في ذهنية الجمهور العراقي، يحاولون دغدغة مشاعر الناخبين وتصدر عناوين الأخبار من خلال الاستجواب أملا في إعادة انتخابهم.
وما يعزز هذه الفرضية أن معظم حالات الاستجواب في البرلمان لم تقد إلى سجن أو تغريم أي وزير أو مسؤول عراقي تمت إدانته، فإما أن يهرب الوزير المدان إلى خارج البلاد على غرار وزيري التجارة والكهرباء السابقين فلاح السوداني وأيهم السامرائي، وإما يتحول إلى بناء مشروعه السياسي الخاص، كما فعل وزيرا الدفاع والمالية السابقان؛ خالد العبيدي وهوشيار زيباري.
لكن مصادر سياسية في بغداد تقول إن “حلفاء إيران يصعدون الضغط على حكومة العبادي من خلال جر وزراء لا تحميهم كتل سياسية قوية إلى الاستجواب، ما يسهل الإطاحة بهم”.
وتشير هذه المصادر إلى أن “جبهة الإصلاح البرلمانية التي ترتبط بالمالكي، تفعّل من جديد نشاطها ضد العبادي في إطار المنافسة الشرسة بين رجلي حزب الدعوة على السلطة”.
وقال مراقبون عراقيون إن الأحزاب الموالية لإيران تستثمر هذه الفترة الحساسة لمهاجمة الوزراء الذين لم يبدوا أي تعاون معها، أو لهم أجندات عراقية وطنية، فضلا عن المحسوبين على السنة أو الأكراد، وأن الهدف من ذلك تشويههم وقطع الطريق أمام محاولات الاستفادة منهم مستقبلا كوزراء أو كشخصيات سياسية.
وأشار مراقب عراقي في تصريح لـ”العرب” إلى أن الوزراء الذين سعوا لدعم العبادي في مواجهة ضغوط الأحزاب الدينية، أو الذين عارضوا مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران في معركة تحرير الموصل سيكونون على رأس المستهدفين في المستقبل القريب.
وذكر المراقب أن هناك استجوابات مفتعلة في الكثير من الأحيان هدفها الإيهام بقوة مجلس النواب، لكن باطنها التغطية على استهداف بعض الوزراء وكبار الموظفين الذين يحملون أجندة وطنية عراقية ويحاولون تقليص الهيمنة الإيرانية على المشهد السياسي العراقي، أو كشخصيات سياسية.
وكان البرلمان حدد موعدا في مايو الماضي لاستجواب وزير التجارة، لكنه لم يتحقق وسط تسريبات عن التوصل إلى صفقة بين النائبة المستجوبة عالية نصيف والوزير سلمان الجميلي.
ووفقا لمصادر برلمانية فإن الصفقة بين الطرفين لم تكتمل، ما دفع نصيف إلى الضغط مجددا على هيئة الرئاسة لتحديد موعد جديد.
وتشير المصادر إلى أن البرلمان سيبدأ خلال الشهر القادم سلسلة استجوابات لوزراء سنة، لكنها قد تؤجل جميعا إذا توصلت أطرافها إلى ترضيات.
ويقول مصدر في مكتب رئيس الوزراء العراقي، إن “النائبة عالية نصيف تحاول توريط العبادي في ملف استجواب الجميلي لتحييد كتلته عند التصويت”.
واتهمت نصيف علنا العبادي، بمحاولة تأجيل استجواب الجميلي من خلال مخاطبة المحكمة الاتحادية في العراق بأن الأخير لا يملك صلاحيات وزير التجارة بل يدير الحقيبة بالوكالة.
وعادت نصيف إلى تقديم طلب جديد إلى البرلمان يتضمن استجواب الجميلي بصفته مسؤولا عن وزارتين، التخطيط أصالة، والتجارة وكالة.
وتؤكد المصادر النيابية لـ”العرب”، أن “رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري سيحاول حماية الجميلي من الإقالة، من خلال التنسيق مع كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، وكتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى، فضلا عن حث النواب السنة على دعمه”.
العرب اللندنية