طهران – حذّر الرئيس الإيراني حسن روحاني الثلاثاء من أن بلاده قد تنسحب “خلال ساعات” من الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في 2015 إذا واصلت الولايات المتحدة سياسة “العقوبات والضغوط”.
وانتقد روحاني في كلمة ألقاها أمام مجلس الشورى الإيراني ونقلها التلفزيون نظيره الأميركي دونالد ترامب، معتبرا أنه أثبت للعالم أنه “ليس شريكا جيّدا”.
وتأتي تصريحات روحاني في وقت يواجه فيه الاتفاق النووي ضغوطا متزايدة بعد إجراء طهران تجربة إطلاق صاروخ لحمل الأقمار الصناعية إلى المدار، ردت عليها واشنطن بفرض عقوبات جديدة وسط اتهامات متبادلة بخرق روح الاتفاق.
وأكد روحاني في كلمته أن إيران مستعدة للانسحاب من الاتفاق النووي، الذي رفعت بموجبه أغلب العقوبات الدولية مقابل كبح البرنامج النووي الإيراني، إذا أصرّت واشنطن على عقوباتها. وقال “أولئك الذين يريدون العودة إلى لغة التهديد والعقوبات هم أسرى أوهام الماضي”.
وأضاف الرئيس الإيراني “إن أرادوا العودة إلى هذه التجربة، سوف نعود بالتأكيد وخلال فترة قصيرة لا تعد بالأسابيع والأشهر، بل في غضون ساعات وأيام إلى وضعنا السابق ولكن بقوة أكبر بكثير”.
وقال روحاني إن إيران تفضّل التمسك بالاتفاق النووي الذي اعتبره “نموذجا لانتصار السلام والدبلوماسية على الحرب والسياسة الأحادية”، مشيرا في المقابل إلى أن هذا التمسك ليس “الخيار الوحيد”.
ويؤكد خطاب روحاني الاتهامات الموجهة للنظام الإيراني بعدم الالتزام بوقف كامل أنشطته النووية إلى جانب الحفاظ على عدد من المواقع مغلقة أمام لجان التفتيش التابعة للوكالة الذرية للطاقة النووية والتي يرجح أن طهران تواصل عبرها عمليات تشغيل الآلاف من أجهزة الطرد المركزي واستعمال الماء الثقيل لتخصيب كميات من اليورانيوم بشكل سري.
ويرى مراقبون أن تلويح القيادة الإيرانية بإلغاء الاتفاق النووي واستئناف أنشطة التخصيب في المنشئات النووية يحمل في طياته ردا على تعهدات ترامب منذ وصوله إلى الرئاسة بمراجعة الاتفاق النووي و”تمزيقه” إن تطلب الأمر.
ولا يخفي الرئيس الأميركي انتقاداته الشديدة لإدارة الرئيس السابق باراك أوباما والتي يتهمها بالتساهل مع النظام الإيراني عبر بنود الاتفاق.
قرار الترفيع في موازنة الحرس الثوري سيتسبب في مزيد استنزاف الاقتصاد الإيراني المنهك نتيجة العقوبات الاميركية
ويؤكد المتابعون أن العقوبات الجديدة التي أقرتها واشنطن ستسلط المزيد من الضغوط الاقتصادية والسياسية على إيران وتحد من مشاريع تطوير ترسانتها العسكرية وخاصة برنامجها الصاروخي، وهو ما يفسّر لهجة قيادات النظام المتشنّجة.
وقال روحاني إن “الرئيس الأميركي يتهم إيران بنقض روح الاتفاق النووي، في حين أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أيّدت في سبعة تقارير أن إيران نفذت الاتفاق النووي بشكل كامل”.
وأوضح روحاني أن إيران لا تعتبر الاتفاق النووي تهديدا ضد الآخرين ولا استسلاما، مضيفا أن “الاتفاق النووي هو اتفاق متوازن يصب في مصلحة جميع الأطراف، حيث افتتح طريق التعاون مع العالم”.
ويرجّح عدد من المختصين في الشؤون الإيرانية أن تهديد روحاني يمثل مناورة لتسليط ضغوط مباشرة على شركاء واشنطن من مجموعة الدول الست الداعمة للاتفاق النووي بهدف التوسّط بين طهران وترامب بشأن العقوبات.
وتزعم طهران أن الاتفاق النووي لا يرتبط بالبرامج التسليحية الإيرانية وخاصة برنامج الصواريخ غير المشمول بالبنود الموقعة بينها ومجموعة الدول الست، مشددة أن مشروعها الصاروخي يهدف فقط إلى تعزيز الإمكانيات الدفاعية.
وندّد الرئيس الإيراني بسياسة الإدارة الأميركية قائلا “أولئك (الأميركيون)، الذين حاولوا مجددا العودة إلى لغة التهديد فرضوا العزلة على أنفسهم، ومن خلال سياسة الاستعداء حرموا أنفسهم من فوائد السلام”.
ويأتي تهديد روحاني مباشرة بعيد احتكاك عسكري بين طائرة إيرانية دون طيار والقوات الأميركية في منطقة الخليج، ما يرفع من مستوى التوتر.
وقالت القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية إن طائرة إيرانية دون طيار اقتربت إلى مسافة 300 متر من حاملة طائرات أميركية كانت في مياه دولية بالخليج.
وقالت مصادر أميركية إن الحادث يعد الثالث عشر من نوعه خلال العام الحالي.
ورد الحرس الثوري الإيراني على الانتقادات الأميركية، مشددا على أن من حقه تنفيذ مهام دوريات جوية فوق مياه الخليج.
وقال الحرس الثوري الإيراني في بيان نشرته وكالة “تسنيم” للأنباء، إنه ينفذ “مهام دوريات جوية في منطقة تمييز الدفاع الجوي الخاصة بإيران يوميا ووفقا للضوابط الحالية”.
واتهم روحاني إدارة الرئيس دونالد ترامب بتجاهل الاتفاقيات الدولية، قائلا إن “العالم أجمع شاهد بوضوح خلال الأشهر الماضية على أن أميركا، وخاصة في عهد الرئيس ترامب تتجاهل الاتفاقيات الدولية. وفضلا عن الخروقات المستمرة والمتكررة للاتفاق النووي فقد نقضت جميع الاتفاقيات من اتفاقية باريس (للمناخ) إلى الاتفاق مع كوبا، وأثبتت للعالم أنها ليست شريكا جيدا حتى لحلفائها وليست مفاوضا موضع ثقة”.
وأقر مجلس الشورى الإيراني الأحد الماضي، زيادة كبيرة في المخصصات المالية للبرنامج الصاروخي للجمهورية الإسلامية ولعمليات الحرس الثوري في الخارج تفوق نصف مليار دولار ردا على العقوبات الأميركية الجديدة.
ويشير متابعون إلى أن زيادة الميزانية المخصصة للبرنامج الصاروخي وأنشطة الحرس الثوري تمثل محاولة للضغط على واشنطن عبر التلويح بتوسيع مجال نشاط الحرس الثوري العسكري والاستخبارتي في المنطقة.
ويجمع المتابعون على أن هذا القرار سيؤدي إلى المزيد من استنزاف الاقتصاد الإيراني المنهك نتيجة حزمة العقوبات الدولية والأميركية، ما سينعكس على الوضع الداخلي.
العرب اللندنية