الخبراء يجيبون: هل تستطيع القوة العسكرية العربية تغيير قواعد اللعبة؟

الخبراء يجيبون: هل تستطيع القوة العسكرية العربية تغيير قواعد اللعبة؟

مجموعة مختارة من أبرز الخبراء العالميين حاولوا الإجابة عن سؤال جديد طرحته عليهم جودي ديمبسي، هو: هل تستطيع القوة العسكرية العربية تغيير قواعد اللعبة؟ وفيما يلي إجاباتهم:

 ناثان براون، زميل في برنامج كارنيغي للشرق الأوسط:

من السهل وضع فكرة وجود قوة عسكرية عربية موحدة في إطار مراقبة المنطقة. والاقتراح الذي أعلن عنه يوم 29 مارس مبني حول تحالف من الحكام المستبدين، الذين لا يمتلكون أي رؤية استراتيجية أخرى سوى الرغبة في حماية الأنظمة القائمة من التهديدات الناشئة نتيجة الانقسامات الاجتماعية، والدينية الطائفية، والحركات السياسية، مثل المجموعات المتحالفة مع جماعة الإخوان المسلمين، والقوة الإقليمية إيران.

ولكن، التحركات في اتجاه هذه القوة لا تزال تشير إلى ثلاثة تغييرات سياسية كبيرة جدًا في السياسة الإقليمية في أعقاب اضطرابات عام 2011:

أولًا: إن نظام ما بعد 1967 الذي يشابه نظام ويستفاليا، والذي اتبعته الأنظمة العربية في إيقاف النزاعات الأيديولوجية عند حدودها، تحطم تمامًا الآن.

ثانيًا: لقد انهار الخط الفاصل بين الهوية الطائفية، من جهة، والمصالح السياسية والأمنية، من جهة أخرى، أيضًا.

وثالثًا: لقد تم الآن استبدال توقع العديد من الأنظمة العربية بأن القوى الخارجية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، سوف تأخذ زمام المبادرة في تنظيم المنطقة، بمستوى غير مسبوق من المبادرة من قبل الجهات الفاعلة الإقليمية.

ولا تشير هذه الاتجاهات إلى قيام نظام إقليمي جديد. وبدلًا من ذلك، هي تشير إلى الفوضى التي يحاول التحالف السلطوي الجديد مقاومتها، ولكنه سوف يعمقها فقط على الأرجح.

كورت دبوف، من المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية:

نعم، سوف تغير القوة العربية الموحدة بالتأكيد قواعد اللعبة. وهذه هي المرة الأولى منذ التحالف العربي الفاشل في حرب عام 1967 ضد إسرائيل التي تقرر فيها الدول العربية دمج قوات بطريقة استراتيجية ومتينة. وحتى الآن، كان هناك الكثير من الحديث عن الوحدة العربية. ومبادرة الجامعة العربية في 29 مارس بإنشاء قوة عسكرية مشتركة قد تجعل من هذا الحلم القديم واقعًا ملموسًا.

وتمامًا كما بدأ كل من التكامل الأوروبي وحلف شمال الأطلسي كاستجابات لخطر الاتحاد السوفيتي، قد يعتبر العرب التوسع الإيراني تهديدًا وجوديًا لهم، وهم يرون بالفعل أن إيران قامت بالاستيلاء على أربع عواصم عربية، هي دمشق وبغداد وصنعاء، وإلى حد ما، بيروت. وتشكل الدولة الإسلامية تهديدًا وجوديًا آخر قد يقوض العالم العربي بأكمله.

وإذا ما أصبحت هذه القوة العربية المتحدة واقعًا، فإنها ستكون بحاجة إلى التعاون السياسي الاستراتيجي. وبهذه الطريقة، قد يؤدي التعاون العسكري إلى التكامل الإقليمي، تمامًا كما أدت اتفاقية الفحم والفولاذ الأوروبية في عام 1952 إلى التكامل الأوروبي الأوسع.

وأخيرًا، هناك دلائل على أن القوة العسكرية العربية هي بالفعل مغيرة لقواعد اللعبة. وقد قرر السودان، وهو حليف قديم لإيران، الانضمام إلى المبادرة، وبالتالي أدار ظهره لطهران. وما يحدث الآن ليس سوى بداية للعبة جديدة في العالم العربي.

كريستينا كوسج، رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في FRIDE:

قد تكون هذه القوة كذلك، ولكن ربما ليس بالطريقة التي يأملها المراقبون الغربيون.

إن فكرة تعاون الدول العربية معًا لخدمة الصالح العام الأكبر جذابة، ولكن الغرض الرئيس للقوة العربية المشتركة المستقبلية التي أعلن عنها يوم 29 مارس، ليس جعل الشرق الأوسط مكانًا أكثر أمنًا؛ بل بدلًا من ذلك، تعزيز الموقف الجيوسياسي للمملكة العربية السعودية وحلفائها وجهًا لوجه مع منافستها إيران، في اللحظة التي ظهرت فيها طهران وهي تحاول سرقة حليف الرياض الأقوى، الولايات المتحدة. وبالتالي، فإن هذه القوة العسكرية العربية المقترحة هي خطوة لإضفاء الطابع المؤسسي على الاستقطاب الذي من المتوقع أن يقود المنطقة نحو صراع كبير.

وأما هدف القوة المعلنة في محاربة التطرف الإسلامي، فهو، وبالنسبة لمعظم الأنظمة العربية، هدف تكتيكي لضمان بقاء النظام دون تغيير على المدى الطويل. ويقدم سرد مكافحة الإرهاب أيضًا إطارًا أنيقًا لاقتلاع المعارضة الداخلية. والحملة الجوية التي تقودها السعودية الآن في اليمن توضح الاستخدام الانتقائي لهذا السرد؛ حيث إنه من المرجح أن مَن سيستفيد من انهيار اليمن هم جهاديو داعش وفرع القاعدة هناك.

لينا خطيب، مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط:

ليست القوة العسكرية العربية تغييرًا للعبة؛ بل أداة في لعبة مستمرة من التنافس السياسي.

كان سيكون من المثير رؤية استراتيجية عربية لمكافحة الإرهاب تستخدم التعاون العسكري بين الدول المختلفة لتخليص المنطقة من التهديدات الأمنية عبر الحدود. وسوف تعتمد مثل هذه الاستراتيجية على إنشاء قوة متناغمة من النخبة العسكرية، وتبادل المعلومات الاستخبارية، وتنفيذ تدابير إصلاح القطاع الأمني ​​المشترك.

ولكن، إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة كما أعلن من قبل جامعة الدول العربية في 29 آذار أبعد ما يكون عن هذه المثل العليا. وهو مجرد خطوة أخرى من المملكة العربية السعودية في محاولاتها لاستعادة مكانتها كقوة سياسية إقليمية في الشرق الأوسط.

القوة العسكرية العربية المشتركة هي رمزية أكثر منها عملية. وحتى لو كان سيتم تنفيذ هذا المشروع؛ إلا أنه يبقى فكرة دون خطط موضوعية لجعلها قابلة للتنفيذ. وبالتالي، يجب أن ينظر إلى المبادرة كإجراء من المملكة العربية السعودية للوقوف في وجه التأثير المتزايد للمنافس الشيعي في إيران في الدول العربية ذات الأغلبية السنية، ولتعزيز تفوقها في مواجهة المنافسين السياسيين العرب مثل قطر وجماعة الإخوان المسلمين، ولتقديم نفسها على أنها الوصي الإقليمي ضد تهديد الجماعات السنية المتطرفة، مثل الدولة الإسلامية.

تومي ستينر، زميل باحث في معهد السياسة والاستراتيجية في مركز (IDC) هرتسليا:

يعكس الاتجاه نحو التعاون العسكري العربي، وعلى نطاق أوسع، فهْم أنه، وفي ظل الحقائق الجيوسياسية الإقليمية الجديدة، لم يعد حلفاء الغرب من العرب قادرين على الاعتماد على مظلة الجيش الأمريكي فقط. وتدرك المملكة العربية السعودية وشركاؤها السنة أنهم بحاجة إلى إعالة أنفسهم، وتجميع الموارد لمواجهة التهديدات التي تشكلها إيران والدولة الإسلامية. ورغم الصعوبات، من المرجح أن تستمر الجهود نحو تعزيز التعاون العربي السني العسكرية، والعمل المشترك في عمليات عسكرية مشتركة، حتى وإن كان لن يكون هناك أي تحالف مماثل لحلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، لا تزال القوى العربية السنية تلجأ إلى دعم الولايات المتحدة. وتعتمد العملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن على المخابرات الأمريكية والدعم اللوجستي للولايات المتحدة. وربما يستطيع الأوروبيون أن يتعلموا درسًا أو اثنين من منطقة الشرق الأوسط في كيفية الوقوف في وجه التهديدات الإقليمية، وعدم الاعتماد حصرًا على إحسان الولايات المتحدة.

بيتر ويزمان، باحث في الأسلحة وبرنامج الإنفاق العسكري في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام:

تمتلك الدول التي ستشكل القوة العسكرية التي أعلنت عنها الجامعة العربية في 29 آذار قوة نيران خطيرة، تم الحصول عليها من عدد كبير من الموردين. وقد أظهرت العديد من هذه الدول استعدادها، وزيادة قدرتها على استخدام هذه الأسلحة في اليمن وليبيا وسوريا.

ومن المتوقع أن يستمر تراكم القدرات العسكرية للدول العربية؛ وذلك بسبب اعتماد الولايات المتحدة وأوروبا الغربية على صفقات السلاح المربحة مع الدول العربية. ولم يؤد استخدام الوطأة الثقيلة للقوة من جانب الأنظمة العربية في قمع الحركات الساعية نحو التغيير السياسي إلى وضع عثرات كثيرة في طريق تدفق الأسلحة إلى المنطقة، وأظهرت روسيا والصين استعدادًا لملء أي ثغرات في هذا المجال.

ولكن، أي لعبة سيتم تغييرها من خلال جمع هذه القوة العسكرية العربية؟ هل هي لعبة الأمن الإنساني، السلام، والاستقرار؟ أم لعبة الهيمنة الإقليمية، وبقاء النظام؟

لقد استخدمت القوة العسكرية العربية في لعبة بقاء نظام الحكم على قيد الحياة في البحرين، ولكنها لم تتعامل مع الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار السياسي هناك. وبدلًا من خلق الاستقرار في المنطقة، قد تدفع زيادة عدم التكافؤ العسكري أيضًا إيران في اتجاه الحصول على بدائل للأسلحة التقليدية المتقدمة. وبالتالي، قد يكون هناك تغيير في قواعد اللعبة، ولكن من غير المعروف لمصلحة مَن!

التقرير