العبادي : خصخصة الكهرباء حماية للفقراء من مافيات المولدات

العبادي : خصخصة الكهرباء حماية للفقراء من مافيات المولدات

بدأت الحكومة العراقية بخصخصة قطاع الكهرباء ادراكا منها لالتزاماتها واحتياجاتها المحلية، وتكمن مشكلة الكهرباء في زيادة الطلب عليها والمقدر ان يصل الى 35 الف ميغا واط بحلول عام 2030.
ويرجع العجز في توفير الكهرباء في العراق، الى تهالك مولدات الكهرباء المملوكة للدولة بسبب الحروب والعقوبات الدولية في تسعينيات القرن الماضي فضلاً عن أن توفير الكهرباء يكلف الاقتصاد العراقي مليارات الدولارات سنوياً.
ويواجه قطاع الكهرباء تحديات في الانتاج والنقل والتوزيع والادارة الكفؤة، ووجود سرقات وتجاوزات نتيجة لارتفاع مستويات مستهلكي الطاقة دون وجود عدادات وعدم وجود نظام جباية فعال ، وعدم تحصيل المستحقات المالية من الفواتير الكهربائية؛ مما دعا الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي المصلح لقطاعات الدولة والمحارب للفساد لبحث الخصخصة.
واكد العبادي ان الجهات التي تثير الرأي العام ضد خصخصة الكهرباء، هي مافيات تحصل على مئات المليارات مستفيدة من المولدات الاهلية على حساب دخل المواطن، داعيا لتوعية المواطن العراقي بان الخصخصة لمصلحة الموطنين وبخاصة الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
واوضح العبادي ان مشروع خصخصة استثمار الكهرباء لا يضغط على محدودي الدخل” بل العكس هو لصالحهم، مشيرا الى ان “الحكومات العراقية أنقفت مليارات الدولارات سابقا على الكهرباء ولم تحل تلك المعضلة، ومازال المواطن مستمرا بالدفع للمولدات الاهلية”.
وبين العبادي ان الخصخصة ستعمل على تفعيل “مشروع الجباية لصالح المواطن بإيقاف الهدر”.
وقال العبادي: “هناك استغلال من قبل اصحاب المولدات”، كاشفا عن وجود مافيا مولدات وجهات سياسية ومسؤولين وزعوا مولدات ولهم حصص فيها”، وهم يريدون تعطيل مشروع الجباية مؤكدا ان الحكومة ستعمل جاهدة ضد الزمرة الفاسدة ”.
وأكد خبراء عراقيون يعملون في مجال الطاقة ان الكهرباء في البلاد ومنذ أكثر من عقد “تحولت لحقل تجارب فاشل”، وهذا ما يشجع الحكومة العراقية على تحويل هذا الملف للقطاع الخاص منعاً لهدر المال العام.
وبينوا ان الحكومة العراقية تعمل على تطوير مشروع خصخصة القطاع الكهربائي بسبب فشل مؤسسات الدولة «التي أثبتت أنها مبذرة وغير فعّالة، وتقدم خدمات ذات جودة منخفضة بتكلفة مرتفعة».
ويعد الاصلاح في قطاع الكهرباء بتحويله الى القطاع الخاص أمر ضروري لتلبية الاحتياجات المحلية، وجذب الاستثمار، الذي يعوقه عدم توافر البنى التحتية اللازمة.

وفي السياق ذاته كشفت وزارة الكهرباء عن ضياع 70% من الوقود المدعوم الذي يقدم لـ 30 ألف مولد كهربائي أهلي ويباع في السوق السوداء، وقالت مديرية توزيع كهرباء البصرة إن استثمار الجباية في المحافظة سيوفر الطاقة للمدينة بشكل كامل وبالتسعيرة الحكومية ذاتها المدعومة من الدولة.

وأضاف العبادي “اننا نسعى الى توفير فرص العمل للجميع ولكن نريد وظائف انتاجية وتوفير الضمان الاجتماعي”.
واكد العبادي “ تشجيعه لكل الاعمال التي تعمل لمصلحة الوطن والمواطنين، مشيرا الى ان هدف قانون التأمينات الاجتماعية هو توفير ضمانة لمن هو خارج الوظيفة الحكومية ليضمن مستقبلهم ولكن بعضهم يحاربه للاستئثار بالمال العام وهناك نواب يتسلمون راتبين واكثر ونريد توفير الضمان المالي للجميع، و إزالة كل العوائق أمام الاستثمار العام وفي القطاع الخاص”.
وبين ان “خطوات الحكومة لتشجيع الاستثمار تبدأ بتقليص النفقات بسبب انخفاض اسعار النفط لافتا الى تأسيس لجنة عليا لإزالة المعوقات ومكافحة الفساد”.

وأكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء، مصعب المدرس، أن خصخصة جباية الكهرباء نجحت في بعض مناطق بغداد بشكل ملحوظ ووفرت الطاقة الكهربائية لأحياء العاصمة على مدار اليوم وبتكلفة أقل من المولدات الأهلية، حيث تدعم الدولة أسعار وقود تشغيل 18700 مولدة أهلية و6000 مولدة حكومية و1800 مولدة للقطاع الصناعي، وجميع هذه المولدات تأخذ وقودها بسعر مدعوم من قبل الشركة العامة لتوزيع المنتجات النفطية الذي يباع 70% منه في السوق السوداء.

وأشار المدرس إلى أن تجار السوق السوداء المتلاعبين بالوقود المدعوم يقفون ضد خصخصة جباية الكهرباء، لأنه عندما تتوقف هذه المولدات سيتوقف تجهيزها بالوقود المدعوم وهذا يعني ضرب مصالح المستفيدين من الوضع الحالي.

ويقول سكان محليون في منطقة زيونة بالعاصمة بغداد، إنهم كانوا “متخوفين” في البداية من خصخصة الجباية في منطقتهم ولكنهم سرعان ما استمتعوا بوجود الكهرباء بمنازلهم على مدار اليوم دون انقطاع.
واكد مواطنون ان “خصخصة جباية أموال الكهرباء ضمنت إجراء الصيانة وتصليح الأعطال بالشكل الصحيح وبزمن قياسي و قراءة المقاييس الكهربائية إلكترونيا وإنهاء حالة التقدير العشوائي لقراءة المقاييس”.

من جهة أخرى، أشار مهندس الصيانة في مديرية توزيع كهرباء بغداد الرصافة، هاشم كرار، إلى أن “خصخصة الجباية جنبت المديرية الكثير من مشاكل التجاوزات على شبكة التوزيع لأن الشركات المستثمرة تكفلت بإزالتها ونتج عن ذلك تخفيف الأحمال على الشبكة الكهربائية وتأهيل الأخرى منها في المناطق السكنية القديمة”.

واوضحت وزارة الكهرباء أن “نسبة دعم الحكومة في هذا المشروع تصل إلى 94% للذين يستهلكون لأقل من 500 وحدة ويقل الدعم مع زيادة الاستهلاك”.

وقال مدير مبيعات الطاقة في شركة توزيع كهرباء الجنوب المهندس علي رحيم، إن محافظة البصرة وقعت عقود خصخصة الجباية لمنطقة شمال البصرة وسيتم تزويد سكان المحافظة بـ 24 ساعة يومياً من الطاقة الكهربائية.
وأوضح رحيم أن المشروع، الذي نجح في عدد من مناطق العراق، يلاقي رفضاً من قبل بعضهم إلا إننا نعمل بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والجامعات ووسائل الإعلام لتوعية المواطن بأهمية مشروع الجباية الذي سيوفر الكهرباء بشكل مستمر.
وعن مخاوف الأهالي من خصخصة الجباية، قال رحيم “المخاوف مشروعة لأنهم لم يجربوا هذا النظام العالمي لكنها بكل تأكيد ستكون تجربة جيدة لنا في البصرة”، مضيفاً ان التسعيرة الكهربائية هي نفسها التي أقرت من قبل الحكومة الاتحادية ووزارة الكهرباء في 1 كانون الثاني 2016، مؤكدا عدم وجود زيادة مالية عليها.
من جهة اخرى ولأهمية القطاع الخاص في تقليل العجز الحاصل في موازنة 2018، اكد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، توجه الحكومة لزيادة الإيرادات غير النفطية في الموازنة لتحقيق نوع من التوازن بين الانفاق الحكومي والايراد المالي للدولة.
وبين صالح ان الموازنة المقبلة ترتكز على تنشيط الموارد غير النفطية وبالأخص، قطاع الكهرباء كجباية الكهرباء والجمارك”، مشيرا الى “ عزم الحكومة على تطبيق التعرفة الكهربائية على مجمل المحافظات العراقية مطلع العام المقبل لتقليل الهدر المالي في قطاع الكهرباء ودعم الطبقة الفقيرة في المجتمع”.
وأوضح أن” قطاع الكهرباء يستهلك 14 تريليون دينار عراقي من موازنة الحكومة الاتحادية في حين يبلغ الوارد المالي من الجباية تريليون دينار عراقي بسبب الضائعات والهدر الكبير لعدم كفاءة قطاع الكهرباء الاقتصادية ”.
وبين صالح أن “تعميم تجربة الخصخصة في قطاع الجباية من شأنه تقليل الهدر المستمر وزيادة ساعات التجهيز للكهرباء دون المساس بطبقات المجتمع ذات الدخل المحدود”.
ولتكون خصخصة الكهرباء على اتم وجه تضمنت عقود الخصخصة ان يلتزم المستثمر بما يلي:-
1- تجهيز منظومة مقياس ذكية لاستبدال المقاييس الميكانيكية لكل المستهلكين ،في المنطقة المغطاة بالمقاييس الذكية، ونصب مقاييس ذكية جديدة للمستهلكين الجدد ، على ان تتوافق مع منظومة المقاييس الذكية المركزية التي تنفذها الوزارة.
2- استحصال قراءة مقاييس استهلاك الطاقة لجميع اصناف المستهلكين وبضمنها الحكومي شهريا حيث ان دورة العمل ستكون شهرية .
3- جباية مبالغ الطاقة المباعة والاجور ان وجدت والتي تظهر في قوائم المستهلكين بكل اصنافهم في المنطقة المغطاة وحسب التعرفة المقررة من قبل وزارة الكهرباء، والاخذ بالمقررات الحكومية ، على ان تقوم الوزارة بتحديد كمية الطاقة المستلمة من خلال المقاييس المثبتة على مغذيات 11ك ف في محطات التحويل الثانوية التي تغذي المنطقة المغطاة وتكون الاساس لتحديد كمية الطاقة المستلمة .
4- تسديد المبالغ المجباة بشكل يومي وفق الية تسليم النقد.
5- العمل وفق نظام المستهلكين المركزي
6-استحصال ديون اجور الكهرباء.
7- تقديم خدمة ادارة الشبكة الكهربائية الى المناطق المغطاة وصيانتها .
كما تضمنت العقود ايضا:
1- التزام المستثمر بإقامة الانشاءات وتأهيل المراكز على ان تعود ملكيتها الى المديرية.
2- انشاء مراكز صيانة مستقلة للمناطق وتجهيزها بالأثاث والمعدات والحاسبات ووسائل الاتصال والانترنت وجهاز تقطيع ورق مستلزمات.
3- انشاء مركز جباية نموذجي للنقد، مجهز بالأثاث والحاسبات والطابعات ووسائل الاتصال والانترنت
4- تأهيل مراكز الصيانة المحلية وانشاء مراكز جديدة بدلا عنها.
5- توفير المستلزمات الضرورية في مقرات مديريات المبيعات، ومركز النظم وبحوث عمليات المستهلكين.
6- تشغيل 80% من موظفي المديرية المعنية،
7-تامين الالية اللازمة لتنفيذ كل الالتزامات الفنية.
8-يتحمل المستثمر قيمة مبالغ الضائعات الادارية ان وجدت .
9-يلتزم المستثمر بالتعاقد مع استشاري متخصص للمصادقة على كل الكشوفات والتصاميم، والحصول على شهادة ISO لكل التخصصات خلال مدة لا تتجاوز 24 شهرا من تاريخ العقد.
وحددت وزارة الكهرباء متطلبات اخرى لتقديم العروض الخاصة بالخصخصة، مثل:
1- تكون هناك فترة تحضيرات ونقل ادارة الشبكة مدتها ثلاثة اشهر، وتبدأ من تاريخ توقيع العقد على ان تشمل جرد مشترك لمكونات الشبكة، وتحديد القيمة المالية للشبكة ومكوناتها، واجراء كشف ميداني مشترك ، وتشخيص الاحتياجات الفنية الطارئة، لتحسين اداء الشبكة الكهربائية ، مثل الاختناقات والتوسعات ونصب معدات الحماية وموازنة الاحمال، وازالة التجاوزات المباشرة على الشبكة، وتنفيذ معايير العقد بالحد الادنى والمقبول ، وتحديد تكلفة التأهيل الكلية مع ذكر قيمة نسبة الرسم الشهري لأعمال التأهيل.

 

شذى خليل 

الوحدة الاقتصادية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية