الكويت تستولي على اراض عراقية مع سبق الاصرار والترصد

الكويت تستولي على اراض عراقية مع سبق الاصرار والترصد


تعود مشكلة الحدود بين العراق والكويت، الى مطلع ثلاثينيات القرن  الماضي عندما طلبت بريطانيا من العراق ترسيم الحدود مع الكويت؛ ليتسنى له الحصول على استقلاله والانضمام الى عصبة الأمم ، اذ بعث عام 1932، رئيس الوزراء العراقي وقتذاك نوري السعيد رسالة الى السلطات البريطانية في 21 تموز 1932 تتضمن وصفاً تفصيلياً للحدود البرية بين البلدين، وكانت منطقة المطلاع هي الحدود مع الكويت .

استمرار مشكلة الحدود
ولا تزال مشكلة الحدود البحرية والبرية بين العراق و الكويت تلقي ظلالها على مسار العلاقات بينهما وعلى دول الخليج العربي ، وذلك جراء النتائج المترتبة عن استثمار نتائج حربي الخليج الثانية والثالثة في عامي 1991 و2003 ، لصالح الكويت في فرض وجهة نظرها ومصالحها في ترسيم الحدود بينها وبين العراق وخصوصا” في توسيع سيطرتها على الواجهة البحرية في خور عبدالله العراقي ، التي اكدته لجنة تابعة للأمم المتحدة في القرار الدولي رقم 833 لسنة 1993.
وتعد المياه الإقليمية للدول المتشاطئة شمال الخليج العربي متداخلة وذات خصوصية معينة يصعب معها تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لقانون أعالي البحار لعام 1982 عليها دون اتفاق جميع الدول ذات العلاقة .
قانون أعالي البحار 1982:
تعد اتفاقية الأمم المتحدة لأعالي البحار لسنة1982 والتي تعرف، “بقانون أعالي البحار لسنة 1982″ من أهم المراجع القانونية الدولية التي تحكم القواعد المتعلقة بالمناطق البحرية الخاضعة للولاية الإقليمية للدول الساحلية و المناطق البحرية الخارجة عن الولاية الإقليمية للدول الساحلية في صوره مبسطة وشاملة .
و لقد كررت المادة الحادية عشرة من اتفاقية الأمم المتحدة لأعالي البحار لسنة1982 ما جاء في المادة الثامنة من معاهدة البحر الإقليمي من اعتبار أبعد أجزاء المنشآت الدائمة في الموانئ جزءاً لا يتجزأ منه وتخضع بالتالي لنظامها القانوني حيث نصت على أنه: “لأغراض تعيين حدود البحر الإقليمي تعد جزءاً لا يتجزأ من الساحل أبعد المنشآت المرفئية الدائمة التي تشكل جزءاً أصيلاً من النظام المرفىء ولا تعد المنشآت المقامة في عرض البحر والجزر الاصطناعية من المنشآت المرفئية الدائمة ” .
وهذا لم يجر أخذه بعين الاعتبار في ترسم الحدود البحرية بين العراق والكويت والدليل على ذلك أن التفويض الممنوح للجنة ترسم الحدود الدولية كما حدده مجلس الأمن نفسه في القرار 687 (1991) وتقرير الأمين العام طبقاً للفقرة 3 من ذلك القرار، لم يخول اللجنة التعامل مع مسار الحدود اي ارتباط خور الزبير مع خور عبد الله (أي بعبارة أخرى، ما وراء تلك النقطة حتى البحر) ما لم توافق الأطراف(العراق والكويت) على غير ذلك وان اللجنة لم يكن بمقدورها توسيع حدود تفويضها على مسؤوليتها الخاصة لولا الضغوط الكويتية والأمريكية والبريطانية التي مورست على اللجنة الدولية لترسيم الحدود البحرية .

وهنا يجب التوضيح أن المسطحات البحرية المشتركة, بين العراق والكويت وإيران, لم تخضع بعد لاتفاقية مشتركة بينها, حول استغلال الجرف القاري, والمنطقة المتاخمة, والمنطقة الاقتصادية الخالصة, إضافة لمناطق الصيد والتجارة البحرية لما تمثله كل تلك العناوين من موارد لا تستنزف بسهولة, ولتداخل هذه المناطق فيما بينها بالنسبة للدول الثلاث سيكون من الضروري السعي المشترك لاستغلالها في صالح الجميع.
ويؤكد المراقبون ان الازمة مستمرة بين العراق والكويت بعد التصديق العراقي على الاتفاقية الملاحية مع الكويت في خور عبد الله, حول الحدود البرية والبحرية ، بسبب انحياز مجلس الأمن الدولي لصالح الكويت ، دون الاخذ بنظر الاعتبار مصالح العراق الاقتصادية والاستراتيجية.
وكشف النائب السابق القاضي وائل عبد اللطيف، عن حقائق مهمة تؤكد استيلاء الكويت للأراضي والمياه العراقية .
* الكويت اخذت قاعدة أم قصر البحرية.
* الكويت اخذت ارضا عراقية بعمق 10 كيلو مترات وطول 60 كيلو مترا تعد خزينا استراتيجيا للنفط العراقي.
* اخذ قرية أم قصر.
* الكويت اخذت خور عبد الله العراقي الذي لم يكون يوما كويتيا.
* الكويت اخذت ثلاثة حقول نفطية عراقية، وهي: السجيل الاعلى ، قبة الصفوان ، الدجيل .
خور عبد الله: يقع شمال الخليج العربي بين جزيرتي بوبيان و وربة الكويتيتين و شبه جزيرة الفاو العراقية، حيث وضعت الحكومة العراقية، البنية الاساسية لإنشاء ميناء الفاو الكبير.
و يمتد خور عبد الله على طول الأراضي العراقية مشكلا خور الزبير، الذي يقع به ميناء أم قصر العراقي،
أم قصر هي مدينة عراقية تقع في أقصى جنوبي العراق ضمن محافظة البصرة وتضم ميناء أم قصر الذي بني عام 1958م وكانت قبل بنائه قرية صغيرة يمتهن سكانها صيد السمك.
وتعرضت ام قصر في حرب الخليج الثانية لقصف شديد مما أدى إلى شل الحركة فيها، وبني في وسط المدينة الصغيرة سياج يفصل بين العراق والكويت وفقد العراق بذلك سيطرته على مدخل الميناء الذي اصبح تحت سيطرة الكويت.
في غزو دول التحالف الدولي للعراق 2003 كانت ام قصر من أوائل المناطق التي شهدت هجوما عليها من قبل قوات التحالف حيث تمت السيطرة عليها من قبل القوات البحرية البريطانية بعد قتال مع الجيش العراقي دام عدة ايام.

ومما ينبغي استذكاره أن مجلس الأمن طالب العراق والكويت في القرار660 (1990) “بالبدء فوراً بإجراء مفاوضات مكثفة لحل خلافاتهما”، التي من بينها حل المسألة الحدودية الأكثر أهمية ، وبموجب الأحكام المذكورة في القرار آنفا ، إلا أن مجلس الأمن اعتمد إجراء مغايراً تماماً لقراره رقم 660 (1990) ! عندما تعامل مجلس الأمن مع مسألة الحدود بموجب الفصل السابع من الميثاق ، من خلال القسم (أ ) من القرار 687 (1991)، لا من خلال فرض “صيغة التحديد” فقط وإنما أيضا بفرض” اسس ” رسم الحدود مسجلاً بذلك سابقة غير معروفة حتى الآن. ولهذا السبب، صوتت كوبا ضـد القرار 687 (1991) فيما امتنعت الإكوادور واليمن عن التصويت.
وان القرار 687 (1991) الذي وضح الحدود المبينة في رسالة رئيس وزراء العراق المؤرخة في 21 تموز/يوليو 1932 والتي وافقت عليها الكويت في الرسالة المؤرخة في 10 آب/ أغسطس 1932، طالب بأن يحترم العراق والكويت حرمة الحدود الدولية وتخصيص الجزر، على النحو المحدد في “المحضر المتفق عليه بين دولة الكويت والجمهورية العراقية بشان استعادة العلاقات الودية والاعتراف والأمور ذات العلاقة” ، الذي وقعاه، ممارسة منهما لسيادتهما، في بغداد في 4 تشرين الأول /أكتوبر 1963 ؛ وسجل لدى الأمم المتحدة ؛ نص في احد فقراته العاملة على ما يلي” يطلب إلى الأمين العام أن يساعد في اتخاذ الترتيبات اللازمة مع العراق والكويت لتخطيط الحدود بين العراق والكويت، مستعينا بالمواد المناسبة، بما فيها الخرائط المرفقة بالرسالة المؤرخة 28 آذار/مارس 1991 الموجهة إليه من الممثل الدائم للمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية لدى الأمم المتحدة، وأن يقدم إلى مجلس الأمن تقريرا عن ذلك في غضون شهر واحد”.
حيث سمح مجلس الأمن لنفسه بالتدخل بمسألة الحدود بين العراق والكويت من خلال القسم ( أ ) من القرار 687 (1991)، لا من خلال فرض “صيغة التحديد” بفرض “أسس” و “أسلوب” رسم الحدود.
مع ان صلاحيات مجلس الأمن ووظائفه بموجب الميثاق لا تمنحه الحق في فرض عملية تعيين حدود على دولة عضو وذلك لان هذه الصلاحية تخضع بموجب القانون الدولي لقاعدة الاتفاق بين الدول ذات العلاقة ! وبعبارة أدق من خلال الحوار و المفاوضات المباشرة بين العراق والكويت.

و شكل مجلس الأمن الدولي لجنة لترسيم الحدود العراقية الكويتية من خمسة أعضاء وفقا” للقرار 687 (1991)، اثنان يمثلان العراق والكويت وثلاثة خبراء مستقلين يختارهم الأمين العام للأمم المتحدة الذي يعين احدهم رئيساً للجنة ، وان تتخذ قرارات اللجنة على أساس أصوات الأغلبية وان تكون هذه القرارات نهائية ، وان تكون اللجنة مسئولة أمام الأمين العام .
وقد لاحظ العراق أن تلك المقترحات لا توفر التوازن التام بين الآراء التي قد تعتمد من قبـل كل طرف من الأطراف خلال عملية الترسيم، وانه طالما لا يكون له أي دور في اختيار الخبراء فانه لن يكون قادراً على التأكيد مسبقاً على حقيقة استقلالهما.
ومن هنا فان رأيه في سياق عملية الترسيم سيمثل من قبل عضو واحد فقط من أصل خمسة أعضاء هم من الناحية الواقعية من التحالف الدولي.

مجلس الامن
ان مجلس الأمن وبالنسبة لأسس ترسيم الحدود فرض استخدام تعبير “مادة مناسبة ” مدرجاً ضمنها خارطة بريطانية مرسومة في عام 1989-1990 من قبل مدير عام المساحة العسكرية في المملكة المتحدة , وتم اعتمادها وثيقة من وثائق مجلس الأمن بناءً على طلب الممثل الدائم للمملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة في رسالته المؤرخة 28/آذار/1991، أي قبل خمسة أيام من اعتماد القرار 687 (1991).
علما انه لا يوجد أساس قانوني بسبب عدم إشراك العراق في رسمها وعدم اعترافه أو إقراره بها بأي شكل من الأشكال ، اذن قانونيا لا يمكن ان يعتمدها مجلس الأمن “الخارطة” المشار إليها في القرار 687 (1991) أساسا لترسيم الحدود.
وعليه فان إدراج مجلس الأمن هذه الخارطة في المادة المناسبة لأغراض ترسيم الحدود كان يعني حكماً جرى تصوره سلفاً بشأن مسار خط الحدود على الأرض وقبل المباشرة بعملية الترسيم ، التي ضد مصلحة العراق دون أي أساس أو اعتبار قانوني لاعتماد خارطة رسمها مدير عام المساحة العسكرية في المملكة المتحدة في عام 1989-1990، وكان الأجدر والأصح قانونيا” اعتماد الخرائط أو المخططات التي رسمت أو شارك برسمها أو وضعها طرفا العلاقة في الترسيم وهما العراق والكويت.

وناقشت عملية ترسيم الحدود البحرية بين العراق والكويت ، اللجنة الدولية المشكلة وفق الفقرة 3 من القرار 687 (1991)” الصادر عن مجلس الأمن هذه المسألة في جلستها الثالثة المنعقدة في جنيف للفترة من 12-17آب/1991.
وخلال النقاش اعرب رئيس اللجنة مختار كوسوما أتماجا (اندونيسيا) عن وجهة نظره بأنه وفي ضوء طبيعة ومدى تفويض اللجنة فانه سيكون من الصعب التعامل مع ترسيم الحدود البحرية.
ويُعزى ذلك إلى أن التفويض المذكور لم يخول اللجنة التعامل مع مسار الحدود فيما وراء نقطة ارتباط خور الزبير مع خور عبد الله (أي بعبارة أخرى، ما وراء تلك النقطة حتى البحر) ما لم توافق الأطراف(العراق والكويت) على غير ذلك وان اللجنة لم يكن بمقدورها توسيع حدود تفويضها على مسؤوليتها الخاصة.
ولم يتردد رئيس اللجنة في الكشف عن اعمال الضغط الكويتي على عمل اللجنة والتدخل فيه، والتي مارستها على مساعد المستشار القانوني لسكرتارية الأمم المتحدة ، والخبيرين المحايدين بغية حملهم على تبني موقف الكويت فيما يخص ترسيم الحدود البحرية.

اذ كان عملها يجري في ظروف خاصة أعقبت غزو العراق للكويت وطبقاً للقرار 687 (1991) وتقرير الأمين العام للأمم المتحدة الخاص بتنفيذ الفقرة 3 من ذلك القرار.
ونص القرار 733 (1992) والمعلومات الأساسية الواقعية لمناقشات اللجنة تعبر بشكل لا لبس فيه ودون أدنى شك عن الجهود المنظمة والمنسقة للكويت وجهات معينة في السكرتارية، علاوة على دول أعضاء معينة في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وبريطانيا ) لتوجيه عمل اللجنة خلافاً للتفويض الممنوح لها كما حدده مجلس الأمن نفسه في القرار 687 (1991) وتقرير الأمين العام طبقاً للفقرة 3 من ذلك القرار.
وأدى ذلك الجهد إلى النتيجة التي تم الابلاغ عنها دون تعديل واضح لمعالم تفويض اللجنة وذلك لأن هذا الأمر من شأنه أن يكون في عداد فضيحة سياسية وقانونية واضحة.

واعلن رئيس اللجنة رئيس اللجنة مختار كوسوما أتماجا (اندونيسيا) استقالته في 20/تشرين الثاني/1992 في رسالته الموجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ، مبينا ان اسبابها الاول “شخصي” والاخر بحسب ما جاء في نص الرسالة، “انه تكون لديه منذ بعض الوقت تحفظات بشأن شروط الرجوع إلى اللجنة” لقد طرح رئيس اللجنة في رسالته كيف انه أثار “في مناسبات عدة مع المستشار القانوني”، بعض النواحي الخاصة بشروط الرجوع إلى اللجنة وكيف انه جلب الانتباه إلى أن الحدود في القسم البحري (خور عبد الله) لم يشر إليها بدقة في وصف الحدود كما تضمنه تبادل الرسائل لعام 1932، ولذلك فان تعيين الحدود كان غير متاح” للجنة والتي يمكن أن تتم على أساسه عملية ترسيم هذا الجزء من الحدود”.
وكشف كيف أن المستشار القانوني أوضح له في نيسان 1992 أن “أي تغيير في تفويض اللجنة من جانب مجلس الأمن هو خارج حدود هذه المسألة”.
و لاحظت الرسالة أن هذه المسألة نوقشت مرة أخرى بين رئيس اللجنة والمستشار القانوني في أيار، ثم نوقشت مرة أخرى أيضا في اجتماعين عقدا بين رئيس اللجنة من جهة والمستشار القانوني والأمين العام من جهة أخرى في تموز وأيلول عام 1992 حينما اكد رئيس اللجنة تعذر استمراره في العمل ما لم تجر هناك تعديلات لتفويض اللجنة”.
ثم عين نيكولاس فالتيكوس من ( اليونان) رئيساً لها وتم عقد الجلسة السادسة للجنة في جنيف للفترة من 14-16/كانون الثاني/1992، واتخذت اللجنة خلالها قراراً سريعاً يؤكد ان المبدأ الجوهري الذي يحكم عملية ترسيم الحدود في (خور عبد الله) ينبغي أن يكون الخط المار في الوسط مما يفهم منه أن هدف وغرض تسوية الحدود هو تسهيل مرور الملاحة البحرية لكلا الطرفين.

مخالفات قانونية في ترسيم الحدود
إن تدخل الكويت والإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية في عمل اللجنة والضغوط يعد مخالفات قانونية ، أدت إلى نتيجة تثير عدداً من التساؤلات القانونية، ويمكن إيجازها بالآتي:
– إن صيغة تعيين الحدود التي اعتمدها مجلس الأمن أساسا لترسيم الحدود في القرار 687 (1991)، والتي تم التوسع فيها في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي قدمه طبقاً للفقرة 3 من القرار المذكور، لا تتضمن أية إشارة لوصف الحدود في خور عبد الله.
وعلى هذا الأساس فانه من المستحيل الاعتماد على تلك الصيغة في اية عملية ترسيم للحدود من النوع الذي قامت به اللجنة لأن الترسيم ينبغي أن يعتمد على وصف للحدود، أي بعبارة أخرى تعيين للحدود متفق عليه من جانب الأطراف المعنية.
– خور عبد الله لا يمكن أن تكون من طبيعة المياه البحرية الإقليمية نفسها على أساس عملية تعيين الحدود التي اقرها القرار 687 (1991) بغية التمكين من تطبيق قواعد قانون البحار في تقسيم المناطق البحرية بين الدول التي تمتلك سواحل متقابلة أو متجاورة.
– واكد الخبيران المحايدان في اللجنة، أن منطقة خور عبد الله هي جزء من المنطقة البحرية الإقليمية، وتخضع لمفهوم “الظروف الخاصة” ، بين الأطراف، وعلى ذلك فان القواعد التي يمكن تطبيقها في غياب “الظروف الخاصة” تكتسب قوة خاصة لصالح العراق لعدم وجود صيغة متفق عليها لتعيين الحدود بين العراق والكويت في خور عبد الله، وبعبارة أخرى، أن عملية تعيين الحدود في هذه المنطقة تُجري للمرة الثانية وهكذا يصبح من الممكن تطبيق قاعدة الظروف الخاصة.
وهنا يؤكد العراق ان يمتلك حقوقاً تاريخية منذ عام 1870م ، في منطقة خور عبد الله التي لم تمارس فيه الكويت عمليات ملاحية ذات معنى، وعليه فان المنطقة ، تقع خارج إطار تطبيق قاعدة الخط المار في الوسط طبقاً لاتفاقية قانون البحار لعام 1982.
وانفق العراق على مدى عقود من الزمن ملايين الدولارات على عمليات كري وتوسيع وصيانة طرق الملاحة والقنوات الرئيسية والثانوية التي تؤدي إلى خور عبد الله وتمر من خلاله، وإقامة الموانئ والمراسي في المنطقة من اجل ضمان تدفق تجارته في البحر.
ان فرض الحدود في خور عبد الله بالطريقة التي مارستها اللجنة شكل إنكارا خطيراً لحق العراق التاريخي في التمتع بمنفذ حر إلى البحر من خلال عمليات ملاحية آمنة وغير مقيدة في خور عبد الله والى الحد الذي يصبح معه العراق عملياً دولة برية مغلقة.

ومن أهم الأضرار التي يتحملها العراق من ترسيم الحدود البحرية مع الكويت من قبل لجنة ترسيم الحدود الدولية المشكلة وفق القسم (أ ) من القرار 687 (1991) والتي تضمن نتائج عملها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 لسنة 1993، واهمها: ـ

• فقدان العراق أراض واسعة غنية بالبترول والقاعدة البحرية الوحيدة له المطلة على الخليج العربي ألا وهي قاعدة( الخليج العربي) البحرية في ام قصر بكل مراسيها ومنشاتها ومداخلها البحرية بسبب ضمها إلى الكويت أيضا حسب قرارات مجلس الأمن التي حرمت العراق من إطلالته الوحيدة على الخليج العربي حيث سبب استيلاء الكويت على الممر الملاحي في خور عبد الله من تعطيل العمل بموانئ عراقية عدة مثل الأرصفة العشرة والبتروكيمياويات وميناء خور الزبير والحديد والصلب وأخيرا الميناءان التجاري والنفطي في أم قصر.
• إن الخط الحدودي بشكله الحالي المرسوم على الخرائط البحرية يقطع الممر الملاحي العراقي بالكامل, ويمتد من جنوب ارصفة قاعدة الخليج العربي(المسلوبة) إلى الضفة العراقية الأخرى المقابلة لها, ويقترب من جزيرة (حجام), بحيث يلامس الجزء الأسفل منها, بمعنى أن مقتربات جزيرة (حجام) نفسها صارت من ضمن ممتلكات الكويت.

• عندما تغادر السفن العراقية وغير العراقية, ميناء أم قصر نحو البحر، عدة امتار تكون قد دخلت في حدود المياه الإقليمية الكويتية ، وهذا يعني حتمية قيام السفن العراقية برفع العلم الكويتي, وطلب الاذن من الحكومة الكويتية عند الانتقال من أم قصر إلى الفاو, أما السفن الأجنبية الوافدة للعراق فمن المرجح أن الكويت ستسمح لها بممارسة ما يسمى بحق المرور البريء, أو حق المرور العابر، مما يحرم العراق في ضوء المرتسمات الجديدة من أي منفذ سيادي على البحر.
• اصبح وصف العراق حسب اتفاقية الأمم المتحدة لأعالي البحار, من البلدان المتضررة جغرافيا لامتلاكه ساحلا جغرافيا محدودا جدا لا يتجاوز طوله (29) ميلا بحريا أي (57) كيلومترا يبتدئ من ( رأس البيشة ) ولغاية أم قصر, في حين تقلصت المسافة بين الحدود الزاحفة لكل من إيران والكويت إلى أقل من 18 ميل بحري , الأمر الذي نجم عنه تكدس الموانئ العراقية (الأسمدة، النفط, الحديد, والصلب, والبتروكيمياويات, والبضائع العامة) في منطقة واحدة محدودة وضيقة.

• القناة الملاحية صارت بالكامل , من ضمن المياه الإقليمية الكويتية، حيث استحوذت الكويت على القناة الملاحية برمتها، الأمر الذي يعني أن العراق أصبح معزولا تماما عن المسطحات البحرية العالمية، بعد أن صارت نافذته البحرية خاضعة لنفوذ وسيادة الحكومة الكويتية, وربما ستفرض الكويت على السفن المحلية والأجنبية رفع العلم الكويتي, والحصول على الإذن المسبق من السلطة البحرية الكويتية بالدخول والمغادرة.

• وهذا ما شرعت بتطبيقه السفن الحربية الكويتية المكلفة بالاستطلاع العميق في خور عبد الله , والتي دأبت على توجيه نداءاتها الصارمة لربابنة السفن المتوجهة إلى الموانئ العراقية, وإلزامها برفع العلم الكويتي وإنزال العلم العراقي بالقوة. وبهذا فقد العراق سيادته على منافذه البحرية بموجب الحدود المثبتة على الخرائط الملاحية الأدميرالية .

• اختارت الكويت أن تنفذ مشروعها ميناء (مبارك الكبير) عام 2005 في أضيق الأماكن, وتحشره حشرا في خاصرة ساحل الفاو على الساحل الشرقي لجزيرة بوبيان, لتخنق الرئة البحرية الوحيدة, التي يتنفس منها العراق في هذا المكان الحساس، الذي يعترض خطوط السفن المتوجهة إلى الموانئ العراقية, وتصر على فرض واقع جيوبوليتيكي في منطقة تعد من أحرج المناطق الملاحية في العالم, وكأنها تريد غلق آخر ما تبقى من بوابات الموانئ العراقية, وبالتالي حرمان العراق من ارتباطاته البحرية. والتساؤل عن الدوافع الحقيقية التي تقف وراء إقامة وبناء هذا الميناء في هذا الموقع بالذات (جزيرة بوبيان), وفي هذه الظروف الحساسة التي تمر بها المنطقة،
على الرغم من أن السواحل الكويتية , يزيد طولها على 499 كيلومترا, أي بطول المسافة بين البصرة وبغداد , وتنشر على طول سواحلها موانئ تخصصية واسعة في الشعيبة, والأحمدي, والدوحة, والشويخ, والقليعة, وعندها مجموعة كبيرة من المرافئ والمراسي العميقة ؟
دوافع بناء ميناء مبارك الكبير ونتائجه
• ان الميناء سيعمل على تحييد الموانئ العراقية(الأسمدة، النفط, الحديد, والصلب, والبتروكيمياويات, والبضائع العامة) وممارسة الضغط عليها, فمنشآت وأعمال هذا الميناء ستؤثر على مياه العراق الإقليمية.
• سيكون لبناء مشروع بهذه الضخامة تأثيرات سلبية على الاقتصاد العراقي بشكل مباشر, حيث ستفقد الموانئ العراقية لتعاملاتها المعتادة مع خطوط الشحن البحري العالمية, وبالتالي فقدان آلاف الأيدي العاملة العراقية التي تعمل في تلك الموانئ أعمالها.
• إن الامتدادات الناجمة عن أرصفة هذا الميناء الاستفزازي حسب مراحل المشروع, سوف تلحق الضرر الأكيد بمساحة الجرف القاري العراقي الذي لم يتم تحديده أو الاتفاق عليه لحد الآن .
• ان عمليات الحفر والردم, وإنشاء السواتر الخراسانية في خور عبد الله سوف تلحق الضرر بالثروة السمكية في المياه الإقليمية العراقية, والتي تعد مصدر رزق آلاف العراقيين من سكان المناطق الجنوبية.
• إجهاض مشروع ميناء العراق الكبير أو ميناء الفاو الكبير، وجلب استثمارات وأموال عربية وأجنبية لتوظيفها في جزيرة بوبيان لكي لا تكون أي جدوى اقتصادية محتملة من إنشاء ميناء الفاو الكبير.
وقال الخبير اللواء البحري الركن المتقاعد الدكتور عماد علّو ان الميناء سيلحق بالبيئة الكثير من الأضرار ستلحق من جراء الفضلات الناجمة عن المشروع, والسفن الراسية فيه, أو من المشاريع الخدمية المزمع إلحاقها بالميناء.
واكد وائل عبد اللطيف  : ان ديون  الكويت على العراق فاسدة؛ وعلى العراق عدم الالتزام بها؛ لانتهاء حرب الخليج الثانية وخروج العراق من الكويت وسقوط نظام صدام حسين الذي دخل الكويت مخالف راي الشعب العراقي .
ودعا الكويت عبد اللطيف الى ان تعي مصلحة العراق في هذه الاتفاقــــــــية طالما هي دولة عربية وجارة وان تفتح باب الحوار مع العراق وترفع حالة التشنج بإيجاد طريقة تحفظ حق العراقيين ومصالحهم طالما لا يوجد منفذ واسع وعميق يمكن العراق ان يرتبط بالملاحة البحرية الدولية ، وخلاف ذلك تبقى هذه المنطقة بؤرة للنزاعات والخلفات التي حصيلتها الحروب والدمار في النهاية.

الباحثة شذى خليل
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية