بغداد – يسعى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى كسب أكبر تأييد ممكن عبر الترويج لرفضه المشاركة في حكومة قائمة على المحاصصة قبل يوم من الانتخابات العامة في البلد الذي يتنافس على إدارته أحزاب وشخصيات سياسية متهمة بالموالاة لإيران.
وجدد العبادي رفضه المشاركة في حكومة جديدة تقوم على المحاصصة في آخر تصريح قبل دخول موعد الصمت الإعلامي للمرشحين للانتخابات العراقية.
ويرى محللون أن العبادي يتقدم بفارق ضئيل على منافسيه، لكن فوزه ليس مضمونا في ظل منافسة حامية مع قادة أحزاب سياسية ومجموعات محسوبة على إيران.
وقال العبادي في مقابلة مع تلفزيون العراقية إنه أجبر على الدخول في الانتخابات البرلمانية الحالية. وأشار إلى أنه “على المستوى الشخصي، لا يرغب بالترشح لمنصب رئيس الوزراء للمرحلة المقبلة”. وأوضح أنه أراد الخروج من الحكومة في قمة “انجازاته ونجاحه”.
وقال العبادي “على المستوى الشخصي سأكون سعيدا في حال عدم دخولي في الحكومة المقبلة، وإذا أراد الشركاء في العملية السياسية تشكيل حكومة محاصصة مثل السابق لن أكون مشاركا فيها، لأن ذلك سيعيدنا إلى المربع الأول من المحاصصة والامتيازات، وتوزيع المناصب فيما بينهم وهذا خداع للناس ولن أكون شريكا في انهيار ثان للدولة وسأقف ضدهم”.
وأضاف “لا أقبل العودة إلى الماضي بغض النظر بقيت في منصبي أم لا”.
وتخوض الجماعات الطائفية والعرقية الثلاث الرئيسية في العراق، وهي الأغلبية الشيعية والأقلية السنية والأكراد، صراعا منذ عشرات السنين ومازالت الانقسامات العرقية متأججة بعد مرور 15 عاما على سقوط النظام العراقي السابق صدام حسين.
وأيا كان الفائز في الانتخابات التي ستجرى في 12 مايو فإنه سيواجه تحديا يتمثل في إعادة إعمار العراق بعد حرب استمرت أربع سنوات مع تنظيم داعش وإنعاش الاقتصاد المتداعي وتحقيق قدر من التوازن بين مصالح الأطراف الأجنبية القوية والإبقاء على الوحدة الهشة للبلاد في مواجهة توترات طائفية ونزعات انفصالية.
ورغم إعلان العبادي هزيمة تنظيم داعش خلال فترة ولايته الأولى التي استمرت أربع سنوات وتمكن من تهدئة التوترات الطائفية التي أججها سلفه وحافظ على وحدة العراق في مواجهة مساعي الأكراد للانفصال فإنه يواجه معركة انتخابية شرسة.
وواجه العبادي انتقادات بشأن الفساد الحكومي المستمر والظروف الاقتصادية الصعبة والإجراءات التقشفية التي اتخذتها حكومته بعد تراجع أسعار النفط العالمية وللمساعدة في دفع تكاليف قتال تنظيم الدولة الإسلامية.
ولا يمكنه كذلك الاعتماد فقط على أصوات طائفته لأن أصوات الأغلبية الشيعية مقسمة على غير العادة هذا العام. لكنه يتطلع لحشد التأييد من جماعات أخرى.
ويعتبر كثيرون من السنة، وليس كلهم، العبادي بديلا أقل طائفية من منافسيه الرئيسيين الشيعيين وينسبون له الفضل في تحرير مناطقهم من تنظيم داعش.
لكن العلاقات ليست على ما يرام بين العبادي والأكراد منذ أن فرضت بغداد عقوبات على إقليم كردستان شبه المستقل في أعقاب محاولة فاشلة للاستقلال العام الماضي.
وحتى إذا فازت “قائمة النصر” التي تضم مرشحي العبادي بأغلب المقاعد سيتعين عليه خوض مفاوضات معقدة من أجل تشكيل حكومة ائتلافية. ومنافساه الرئيسيان هما سلفه نوري المالكي وهادي العامري قائد فصيل شيعي مدعوم من إيران.
وكلاهما يتمتع بقاعدة ناخبين أكثر حماسا مما لدى العبادي الذي يحظى بتأييد الناخبين البراغماتيين الذين ينظرون إليه باعتباره يتمتع بعلاقات أوثق مع العالم الخارجي وبقبول عابر للطوائف وهو أمر مطلوب لتجنب المزيد من إراقة الدماء ولجذب الاستثمارات.
ومثل العبادي، يعتمد العامري على برنامج يرتكز على الانتصار على تنظيم داعش. أما المالكي الذي نحي جانبا بعد أن أمضى ثماني سنوات في السلطة بعد أن خسر ثلث مساحة البلاد لصالح تنظيم داعش فيتطلع للعودة.
وعلى عكس الرسالة العابرة للطوائف التي يوجهها العبادي، يصور المالكي نفسه مرة أخرى باعتباره البطل الشيعي ويقترح التخلي عن نموذج اقتسام السلطة غير الرسمي المطبق في البلاد والذي يضمن لجميع الأحزاب الرئيسية تمثيلا في الحكومة.
وتُقسم المناصب الحكومية العليا بشكل غير رسمي بين الجماعات الرئيسية في البلاد منذ 2003. وخُصص منصب رئيس الوزراء وفقا لهذا التقسيم للشيعة فيما خُصص منصب رئيس البرلمان للسنة أما الرئاسة، وهي منصب شرفي في نظام الحكم العراقي، فقد خُصصت للأكراد فيما يختار البرلمان الشخصيات التي تشغل تلك المناصب.
وفي انتخابات هذا العام ترشح أكثر من سبعة آلاف في 18 محافظة للتنافس على مقاعد البرلمان البالغ عددها 329 مقعدا.
ويحدد الدستور العراقي مهلة 90 يوما لتشكيل حكومة بعد إعلان نتائج الانتخابات رسميا فيما يطول أمد المساومات السياسية في تلك الفترة. وسيكون على الحكومة الجديدة أيضا أن تتعامل مع التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وإيران.
العرب