عادت للمشهد السياسي العراقي مرحلة جديدة من مراحل تكوين الكتلة الأكبر لدى الكتل والأحزاب السياسية بعد الإعلان عن إنتهاء عملية الفرز والعد اليدوي ليبدأ مسار الإجتماعات والتفاهمات وتبادل الأراء التي إبتدأت بعد 12 مايس 2018 والتي لم تصل الى ثوابت ومراحل واضحة بسبب إختلاف الرؤى السياسية لفهم الواقع السياسي العراقي وكيفية التعامل مع المشهد العام القادم في العراق وتباعد المصالح المشتركة التي تسعى اليها الأحزاب والكتل السياسية بحيث ترضي بعض الأطراف الدولية والإقليمية التي ترتبط بها وتعمل على إدامة وتمتين العلاقة معها .
من هنا برزت العديد من الأولويات التي على جميع السياسيين العراقيين العمل بها ضمن توجهات فعالة تؤخذ على عاتقها مبادئ العمل المشترك والتفاهم المستمر والرؤية الصحيحة لقيادة العراق لمرحلة حاسمة قادمة من حياة العراقيين وعلى أساس هذه الرؤية التحليلية يمكن أن نسلط الأضواء على طبيعة الأوضاع السياسية في العراق والتي ستكون صورة واضحة وملزمة للأحزاب والكتل السياسية في تشكيل الحكومة العراقية القادمة وفق الأتي :
1.تبقى الإنتفاضة الشعبية بكل ملامحها الجماهيرية وقوتها وإستمرارها عامل مهم يلقي بظلاله على البرنامج السياسي والإجتماعي والإقتصادي القادم للحكومة العراقية وهو الهاجس الذي يقض مضاجع بعض السياسيين لأنهم أصبح يعري مصالحهم وإنتماءاتهم وإرتباطاتهم وأهدافهم السياسية .
2.الإلتزام بأهداف وتوجهات ومطاليب الجماهير المنتفضة والتي أصبح لها توجه عام يمثل الإرادة الشعبية المستقلة في البحث عن حكومة عراقية متمكنة مستقلة لديها القدرة على إحكام القرار العراقي وجعله يستند الى معايير تخدم الشعب وتسعى الى تطوير الأوضاع المعاشية في جميع المجالات والميادين الحياتية للعراقيين بعيدا عن المصالح الفئوية والحزبية للكتل والأحزاب السياسية .
3.لا زالت الخلافات السياسية تحكم العلاقات السياسية تحكم العلاقات بين التحالفات السابقة التي شهدتها الحكومات التي تشكلت بعد الغزو الأمريكي للعراق ،فلا وجود للتحالف الوطني ولا لإتحاد القوى السنية ولا للتحالف الكردستاني بسبب الأحداث السياسية التي شهدها العراق في السنوات الأخيرة إضافة الى طبيعة التفاعلات والرؤى السياسية في التعامل مه هذه الأحداث وعدم وجود رؤية مشتركة لجميع المتحالفين مما إنعكس سلبا على إستمرار تحالفاتهم وإرتباطاتهم .
4.أصبح الجميع أمام تحديات أوجدتها المرجعية الدينية في العراق بعد عدة خطابات وجهت للسياسيين العراقيين يضرورة الإلتزام بأولويات مهمة وجادة في إختيار رئاسة الوزارة القادمة وشخصها الذي عليه أن يتمتع بجوانب مهمة تتعلق بإمكانيته القيادية من شجاعة وحزم وقراءة واضحة وميدانية للواقع العراقي المؤلم وضرورة النهوض والتقدم بإتجاه إيجاد معايير جديدة تحكم العملية السياسية والإلتزام بمطاليب الجماهير المنتفضة .
5.الدور الأممي المتمثل بالرؤية الميدانية للأوضاع في العراق والتي أشار اليها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق (يان كوبيتش) في إجتماع مجلس الأمن الدولي بجلستة التي عقدت في8 أب 2018 والتي أشار فيها للنظام السياسي في العراق المستند على المحاصصة الطائفية التي إعتبرها المنتفضون شكلا من أشكال الفساد والخلل والجمود ومعربين عن إستنكارهم للتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للعراق ،وهذا ما يحتم على الكتلة الأكبر التي يسعى اليها السياسيين العراقيين أن تبتعد عن المعايير الطائفية التي أحكمت الحياة السياسية في العراق طيلة الخمسة عشر سنة الماضية .
6.يبقى العامل الدولي والإقليمي من العوامل الرئيسية والأساسية في توجيه الدفة القادمة في تشكيل رئاسة الوزارة العراقية وأختيار رئيسا لها بسبب المصالح الإمريكية الحيوية في العراق واستمرار الدعم السياسي الإمريكي للنظام السياسي القائم في بغداد مع تعاظم وتواجد النفوذ والهيمنة الإيرانية على مقدرات الوضع السياسي والأمني والإقتصادي في العراق ، وكلاهما يسعيان الى حليف إستراتيجي قادم يلبي طموحاتهما وأهدافهما السياسية في العراق ،ولا بد من التوافق الدولي والإقليمي للإعلان عن تشكيلة الحكومة العراقية القادمة وأختيار رئيسا لوزاراتها .
هذه أبرز الملامح التي تشكل البنية السياسية التي على الجميع مراعاتها في تشكيل الحكومة العراقية القادمة ،فهل يتمكن سياسيو العراق الحالي من إدراك وفهم هذه المعاني والدلالات والعمل بموجبها أم ستكون مصالحهم وأهدافهم الشخصية هي أولويات عملهم السياسي القادم ؟.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية