يتظاهر السودانيون، منذ يوم الأربعاء الماضي، ويسقط بعض منهم قتيلاً برصاص الأمن، وهدفُ المتظاهرين هو الضغط على الدولة لتأمين الخبز في بلدٍ لا يفتقر إلى الأرض الخصبة أو الماء؛ فالسودان، منذ قديم الزمان، بلد زراعي بامتياز. وهنا المفارقة العجيبة التي لا تجد معادلة اقتصادية مقنعة تفسّرها، وتجيب على سيل الأسئلة التي يطرحها المراقبون من الخارج عن الأسباب التي أوصلت السودانيين إلى هذا الوضع المزري، في حين أن بإمكانهم أن يصبحوا شعباً غنياً، لا فقيراً يبحث عن رغيف الخبز ولا يجده.
ليس لدى الحكومة السودانية سوى الرد بالرصاص على مواطنين يتظاهرون من أجل الخبز، وبدلاً من البحث عن حلولٍ لإسكات البطون، فإنها تمعن في الهرب إلى الأمام. ويظهر من خلال التعاطي العام مع المظاهرات أن موقف حكومة الرئيس السوداني عمر البشير لا يختلف عن بقية الحكومات العربية التي واجهت احتجاجاتٍ شعبيةً بالعنف وإسالة الدماء، وأدت بذلك إلى مفاقمة الموقف، وانتهت إلى حروب طويلة الأمد، مثلما هو الحال في سورية وليبيا واليمن، وهي بلدان تتشابه كثيراً مع الحالة السودانية، لجهة الاحتجاجات والمطالب الشعبية، وطبيعة السلطة الحاكمة التي وصلت بالانقلاب، وحكمت بقوة الحديد والنار والسجون.
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، وقد كشفت المظاهرات، في الأيام القليلة الفائتة، أن السودان واجه خلال هذه السنة تردّياً متسارعاً، لم يسبق له أن عاشه خلال الأزمات السابقة، فمنذ أشهر والبلد يشكو من شحّة السيولة النقدية، وسط تدهور مريع في قيمة العملة الوطنية والمرتبات، بالإضافة إلى تراجع موازنات التعليم والصحة والمواصلات وارتفاع موازنة الدفاع بشكل مهول.
لا ينقص السودان الخبز ومتطلبات الحياة فقط، بل الحرية أيضاً؛ فحكم الرئيس البشير منذ عام 1989 لم يجوّع السودانيين فقط، بل برع في تصحير الحياة السياسية، ودمر كل المشاريع التي تقدّمت بها الأطراف السودانية من أجل بناء دولة ديموقراطية، ولم يترك معارضاً إلا وأقصاه من المشهد، ليظل وحيداً يرقص في الساحات، ملوّحاً بعصاه الماريشالية أمام شعبٍ لا يجد أي أمل في توفير الخبز والطبابة والتعليم.
يحكم الرئيس البشير السودان منذ عام 1989، وبعد قرابة ثلاثين عاماً على رأس السلطة، لم يحقق لهذا البلد إنجازاً يمكن أن يسجل في تاريخه، لا في السياسة أو الاقتصاد، بل على العكس هناك تراجع مستمر على جميع الأصعدة، وصار البلد على صورة الحاكم ومقاسه. وفي حين أن البشير وعد السودانيين مرات، خلال العقد الأخير، بعدم الترشّح للرئاسة، وفتح الباب أمام انتخابات ديموقراطية، لكنه تراجع عن وعوده، وزاد عدد السجون والمعتقلات، وأهمل الاقتصاد، وترك البلاد للنهب والفساد من طرف البطانة التي تساند حكمه. وليس الاقتصاد والسياسة وحدهما من ضحايا هذا الحكم العسكري، بل القضاء والصحافة وحقوق الإنسان.
لا يوجد مخرج للوضع السوداني الراهن، طالما أن البلد يستمر وفق هذه الطريقة في الحكم، وحتى لو تمكّن البشير من قمع المظاهرات، وتوفير بعض الحاجيات الملحة، مثل الخبز والوقود، فذلك سوف يؤجل المشكلة لا أكثر. وبعثت المظاهرات بعدة إشارات سياسية مهمة، في مقدمتها أن حكم الرئيس البشير وصل إلى نهاية الشوط، ولم تعد أمامه أي فرصة من أجل حكم السودان من جديد. والحل الذي يجنب هذا البلد الذهاب في طريق الفوضى هو العودة إلى الديموقراطية التي تأتي بحكم يأخذ على عاتقه معالجة قضايا الناس.
لا يحتاج الوضع السوداني إلى خبراء ومحللين لشرح ما وصل إليه حال السودانيين؛ فالحكومة نفسها تبرّعت، منذ أيام، بتقديم جردة عن صعوبة توفير رغيف الخبز، وبعض المواد الأولية الأساسية، وتعهدت بحل مشكلة الخبز، وفق جدول زمني ينتهي في إبريل/ نيسان المقبل.
يتظاهر السودانيون، منذ يوم الأربعاء الماضي، ويسقط بعض منهم قتيلاً برصاص الأمن، وهدفُ المتظاهرين هو الضغط على الدولة لتأمين الخبز في بلدٍ لا يفتقر إلى الأرض الخصبة أو الماء؛ فالسودان، منذ قديم الزمان، بلد زراعي بامتياز. وهنا المفارقة العجيبة التي لا تجد معادلة اقتصادية مقنعة تفسّرها، وتجيب على سيل الأسئلة التي يطرحها المراقبون من الخارج عن الأسباب التي أوصلت السودانيين إلى هذا الوضع المزري، في حين أن بإمكانهم أن يصبحوا شعباً غنياً، لا فقيراً يبحث عن رغيف الخبز ولا يجده.
ليس لدى الحكومة السودانية سوى الرد بالرصاص على مواطنين يتظاهرون من أجل الخبز، وبدلاً من البحث عن حلولٍ لإسكات البطون، فإنها تمعن في الهرب إلى الأمام. ويظهر من خلال التعاطي العام مع المظاهرات أن موقف حكومة الرئيس السوداني عمر البشير لا يختلف عن بقية الحكومات العربية التي واجهت احتجاجاتٍ شعبيةً بالعنف وإسالة الدماء، وأدت بذلك إلى مفاقمة الموقف، وانتهت إلى حروب طويلة الأمد، مثلما هو الحال في سورية وليبيا واليمن، وهي بلدان تتشابه كثيراً مع الحالة السودانية، لجهة الاحتجاجات والمطالب الشعبية، وطبيعة السلطة الحاكمة التي وصلت بالانقلاب، وحكمت بقوة الحديد والنار والسجون.
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، وقد كشفت المظاهرات، في الأيام القليلة الفائتة، أن السودان واجه خلال هذه السنة تردّياً متسارعاً، لم يسبق له أن عاشه خلال الأزمات السابقة، فمنذ أشهر والبلد يشكو من شحّة السيولة النقدية، وسط تدهور مريع في قيمة العملة الوطنية والمرتبات، بالإضافة إلى تراجع موازنات التعليم والصحة والمواصلات وارتفاع موازنة الدفاع بشكل مهول.
لا ينقص السودان الخبز ومتطلبات الحياة فقط، بل الحرية أيضاً؛ فحكم الرئيس البشير منذ عام 1989 لم يجوّع السودانيين فقط، بل برع في تصحير الحياة السياسية، ودمر كل المشاريع التي تقدّمت بها الأطراف السودانية من أجل بناء دولة ديموقراطية، ولم يترك معارضاً إلا وأقصاه من المشهد، ليظل وحيداً يرقص في الساحات، ملوّحاً بعصاه الماريشالية أمام شعبٍ لا يجد أي أمل في توفير الخبز والطبابة والتعليم.
يحكم الرئيس البشير السودان منذ عام 1989، وبعد قرابة ثلاثين عاماً على رأس السلطة، لم يحقق لهذا البلد إنجازاً يمكن أن يسجل في تاريخه، لا في السياسة أو الاقتصاد، بل على العكس هناك تراجع مستمر على جميع الأصعدة، وصار البلد على صورة الحاكم ومقاسه. وفي حين أن البشير وعد السودانيين مرات، خلال العقد الأخير، بعدم الترشّح للرئاسة، وفتح الباب أمام انتخابات ديموقراطية، لكنه تراجع عن وعوده، وزاد عدد السجون والمعتقلات، وأهمل الاقتصاد، وترك البلاد للنهب والفساد من طرف البطانة التي تساند حكمه. وليس الاقتصاد والسياسة وحدهما من ضحايا هذا الحكم العسكري، بل القضاء والصحافة وحقوق الإنسان.
لا يوجد مخرج للوضع السوداني الراهن، طالما أن البلد يستمر وفق هذه الطريقة في الحكم، وحتى لو تمكّن البشير من قمع المظاهرات، وتوفير بعض الحاجيات الملحة، مثل الخبز والوقود، فذلك سوف يؤجل المشكلة لا أكثر. وبعثت المظاهرات بعدة إشارات سياسية مهمة، في مقدمتها أن حكم الرئيس البشير وصل إلى نهاية الشوط، ولم تعد أمامه أي فرصة من أجل حكم السودان من جديد. والحل الذي يجنب هذا البلد الذهاب في طريق الفوضى هو العودة إلى الديموقراطية التي تأتي بحكم يأخذ على عاتقه معالجة قضايا الناس.
العربي الجديد