“أغلقت مصنعي في عام 2003، ولم يعد الإنتاج ذا جدوى اقتصادية”، هكذا يصف الصناعي موفق يونس حال الصناعة العراقية بعد عام 2003.
يونس الذي كان يزود الأسواق العراقية بإنتاجه من مواد التنظيف المنزلية أوضح للجزيرة نت أن عدم دعم المنتج المحلي من الحكومات المتعاقبة أدى إلى تدهور الصناعة العراقية، إذ بات العراقيون يستهلكون كل ما هو مستورد بعد أن أضحى البحث عن المنتجات العراقية في أسواق البلاد كالباحث عن الإبرة في كومة قش.
وباتت أسواق العراق الذي عاش سكانه في سنوات الحصار في تسعينيات القرن الماضي معتمدين على الصناعة والزراعة المحلية مكتظة بالمنتجات الأجنبية.
زيادة الاستيراد
تجاوز حجم التبادل التجاري بين العراق والصين 21 مليار دولار في عام 2018 وفق بيانات عراقية رسمية، إذ إنه يصدر إليها ما قيمته 15 مليار دولار من النفط مقابل استيراد سلع تفوق قيمتها سبعة مليارات دولار.
أما قيمة ما يستورده العراق من إيران، فإن العراق -بحسب أمين لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية الإيرانية مع العراق حسن دانائي- تبوأ المكانة الأولى في استيراد السلع الإيرانية في عام 2018 بـ11 مليار دولار، وهو مجموع قيمة السلع والطاقة المستوردة من إيران التي تطمح لزيادة قيمة الصادرات إلى العراق.
أما السفير التركي لدى العراق فاتح يلدز فأكد أن بلاده تهدف إلى رفع حجم التجارة مع العراق إلى عشرين مليار دولار في عام 2019.
من جانبه، أعلن الجهاز المركزي للإحصاء في العراق عبر حسابه الرسمي أن إجمالي الاستيرادات السلعية غير النفطية لعام 2016 بلغ ما يقارب خمسين مليار دولار.
ويرى المحلل الاقتصادي باسم جميل أنطوان أن قرار الحاكم المدني للعراق بول بريمر الذي خفض الرسوم الجمركية عن جميع السلع المستوردة إلى 5% فقط ساهم بشكل كبير في تدهور الصناعة العراقية.
ويعتقد أنطوان في حديثه للجزيرة نت أن أغلبية من تبوؤوا السلطة في العراق يعملون في التجارة والاستيراد، ومن مصلحتهم عدم نمو القطاع الإنتاجي في البلاد.
وعلى الرغم من أن العراق شرع في عام 2010 قوانين التعرفة الجمركية وحماية المستهلك والتنافسية ومنع الإغراق السلعي فإنها غير مفعلة، بحسب أنطوان.
ويؤكد أنطوان أن العراق يفتقد لمنهجية استيراد مدروسة، وأن جميع البضائع المستوردة لا تخضع للسيطرة النوعية.
أما أمين سر اتحاد رجال الأعمال موفق الدركزلي فيرى في حديثه للجزيرة نت أن الفساد الإداري والمالي ساهم في تدمير القطاع الصناعي بالبلاد.
ويشير الدركزلي إلى أن مصلحة جميع الدول المجاورة تكمن في عدم عودة العراق للإنتاج الصناعي كونه سوقا استهلاكيا كبيرا ونهما.
ويقول التاجر رغيد دريد للجزيرة نت إنه بعد أن كان لديه مصنع لإنتاج الألبان قبل عام 2003 تحول إلى استيراد منتجات الألبان من تركيا وإيران بعد أن باتت تكلفة الاستيراد أقل بكثير من تكلفة الإنتاج.
ويرى دريد أن غياب الحماية الحكومية للمنتجات المحلية أدى إلى إغلاق آلاف المصانع الحكومية والخاصة.
أما فارس القزاز الذي يعمل في مجال استيراد الألبسة والمفروشات فيؤكد للجزيرة نت أنه لا توجد أي منتجات عراقية، وأن جميع ما يلبسه العراقيون أو يلتحفون به منتجات صينية وإيرانية وتركية، بحسبه.
الاستيراد الزراعي
ليست المنتجات الصناعية وحدها من تراجعت، إذ بات جل ما يأكله العراقيون من فواكه وخضراوات مستوردا.
وبحسب الناطق باسم وزارة الزراعة حميد النايف، فإن جميع الدول المجاورة للعراق تدعم فلاحيها المصدرين.
وبضيف النايف أن العراق يفتقر إلى هذه الإستراتيجية، ويفتقر للتسويق والتعليب الجيدين، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تصدير محاصيل زراعية خام يعود العراق إلى استيرادها بأضعاف سعرها بعد دخولها في الصناعات التحويلية.
وعلى الرغم من أن وزارة الزراعة قد خاطبت المنافذ الحدودية بمنع إدخال 12 مفردة زراعية لحماية الزراعة المحلية -ومن ضمنها التمور والطماطم- فإن تلك المفردات تدخل بطرق غير قانونية، ولا سلطة لوزارة الزراعة على منعها، حسب النايف.
وفي ختام حديثه للجزيرة نت أوضح النايف أن الأعوام الماضية شهدت استيراد محاصيل زراعية لا تقل قيمتها عن 12 مليار دولار كل عام.
المصدر : الجزيرة