ارتفعت حدّة الأزمة الفنزويلية إلى ذروة سياسية غير مسبوقة مع إعلان رئيس البرلمان المعارض خوان غوايدو نفسه رئيساً بالوكالة للبلاد، وهذه الخطوة المقصود منها نزع الشرعيّة عن الرئيس نيكولاس مادورو ستفرض بالتأكيد مواجهة حتمية بين الرمزين السياسيين، وبين السلطات الرسمية والشعبية الكبيرة التي يمثلانها، الأول عبر البرلمان والجماهير المحتشدة في الشارع، والثاني بسلطته الرئاسية، وأعضاء المحكمة العليا الذين يؤيدونه، والجيش الذي يسيطر على قياداته، والجمهور الذي ما زال مؤيداً له.
لا يقتصر الأمر طبعاً على الصراع الداخلي المحتدم فالطرفان يملكان غطاء خارجياً كبيراً (وإن كان يميل بشكل كبير لصالح المعارضة)، فقد سارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاعتراف بغوايدو رئيساً، وقامت 11 دولة أمريكية لاتينية (مجموعة ليما) بدعمه أيضاً، وتبعتها دول الاتحاد الأوروبي، وعلى الضفة المقابلة واجهت روسيا الحدث بعنف لفظيّ حيث اعتبرته «اغتصابا» للسلطة، و«محاولة انقلابية»، كما أعلنت كوبا وبوليفيا دعمهما لمادورو، وفعلت ذلك تركيا وإيران ودول أخرى قريبة من روسيا، فيما طالبت الصين بـ«حل سياسي» للأزمة.
طالبت الأمم المتحدة الطرفين بـ«تجنب التصعيد» وهو أمر غير ممكن طبعاً فالأحداث اُفلتت من عقالها وكانت نتائجها الأولى ظهور مادورو على جمهور من المؤيدين، وإعلان الجيش ولاءه له. ورغم تحذير وزير الدفاع الفنزويلي من «نشوب حرب أهلية»، فإن تبادل المتظاهرين الهجمات وسقوط 13 قتيلاً إشارة أولى لبدء هذه الحرب الأهلية.
سيكرر مادورو، على الأغلب، سيناريو قمع الاحتجاجات كما فعل عام 2014 و2017، وسيطلب من الجيش والميليشيات المسلحة المؤيدة له، التحرك ضد المعارضين المتظاهرين والمعتصمين في الشوارع (الذين تسلحوا بالدعم والتحريض الأمريكي) وإلقاء القبض على خصمه المعارض وهو ما سيؤدي ذلك إلى حمّام دم جديد.
ورغم الدعم الدولي الكبير للمعارضة الفنزويلية الذي تقوده أمريكا ويساندها فيه الاتحاد الأوروبي ومجموعة كبيرة من دول أمريكا اللاتينية فإن احتمالات إنجاد هذه المعارضة عبر التدخل العسكري ضعيفة، وكان لافتاً بهذا الخصوص أن البرازيل (التي يعتبر رئيسها الجديد جايرو بولسونارو حليفاً أيديولوجياً وثيقاً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب) أعلنت أنها لن تشارك في تدخّل عسكري في فنزويلا، أما ترامب نفسه، فإن ظروفه السياسية الداخلية لا تؤهله لخطوات كبيرة من هذا النوع إلا بموافقة الديمقراطيين المشتبكين معه حول مسألة إقفال الحكومة الفدرالية وعلى قضايا أخرى كثيرة.
غير أن قمع المتظاهرين وتجاهل المنظومة الدولية، لن يقدّم حلاً للاستعصاء السياسي الكبير، فالبلاد التي يعد احتياطيها النفطي الأكبر في العالم (متفوقة على السعودية وكندا وإيران)، انهارت عملتها المحلية وتجاوز التضخم فيها حاجز الألف في المئة واندلعت فيها أزمة غذاء مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية وعجز السلطات عن توفيرها وتراكمت ديون الدولة وهاجر أكثر من مليوني فنزويلي من بلادهم منذ عام 1999.
وإذا كانت المواجهة الدموية لن تؤدي إلا إلى مزيد من الكوارث وتفتح إمكانيات التدخّل العسكري الخارجي فإن الحلّ السياسيّ لا يبدو مطروحاً على الطاولة حالياً.
ارتفعت حدّة الأزمة الفنزويلية إلى ذروة سياسية غير مسبوقة مع إعلان رئيس البرلمان المعارض خوان غوايدو نفسه رئيساً بالوكالة للبلاد، وهذه الخطوة المقصود منها نزع الشرعيّة عن الرئيس نيكولاس مادورو ستفرض بالتأكيد مواجهة حتمية بين الرمزين السياسيين، وبين السلطات الرسمية والشعبية الكبيرة التي يمثلانها، الأول عبر البرلمان والجماهير المحتشدة في الشارع، والثاني بسلطته الرئاسية، وأعضاء المحكمة العليا الذين يؤيدونه، والجيش الذي يسيطر على قياداته، والجمهور الذي ما زال مؤيداً له.
لا يقتصر الأمر طبعاً على الصراع الداخلي المحتدم فالطرفان يملكان غطاء خارجياً كبيراً (وإن كان يميل بشكل كبير لصالح المعارضة)، فقد سارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاعتراف بغوايدو رئيساً، وقامت 11 دولة أمريكية لاتينية (مجموعة ليما) بدعمه أيضاً، وتبعتها دول الاتحاد الأوروبي، وعلى الضفة المقابلة واجهت روسيا الحدث بعنف لفظيّ حيث اعتبرته «اغتصابا» للسلطة، و«محاولة انقلابية»، كما أعلنت كوبا وبوليفيا دعمهما لمادورو، وفعلت ذلك تركيا وإيران ودول أخرى قريبة من روسيا، فيما طالبت الصين بـ«حل سياسي» للأزمة.
طالبت الأمم المتحدة الطرفين بـ«تجنب التصعيد» وهو أمر غير ممكن طبعاً فالأحداث اُفلتت من عقالها وكانت نتائجها الأولى ظهور مادورو على جمهور من المؤيدين، وإعلان الجيش ولاءه له. ورغم تحذير وزير الدفاع الفنزويلي من «نشوب حرب أهلية»، فإن تبادل المتظاهرين الهجمات وسقوط 13 قتيلاً إشارة أولى لبدء هذه الحرب الأهلية.
سيكرر مادورو، على الأغلب، سيناريو قمع الاحتجاجات كما فعل عام 2014 و2017، وسيطلب من الجيش والميليشيات المسلحة المؤيدة له، التحرك ضد المعارضين المتظاهرين والمعتصمين في الشوارع (الذين تسلحوا بالدعم والتحريض الأمريكي) وإلقاء القبض على خصمه المعارض وهو ما سيؤدي ذلك إلى حمّام دم جديد.
ورغم الدعم الدولي الكبير للمعارضة الفنزويلية الذي تقوده أمريكا ويساندها فيه الاتحاد الأوروبي ومجموعة كبيرة من دول أمريكا اللاتينية فإن احتمالات إنجاد هذه المعارضة عبر التدخل العسكري ضعيفة، وكان لافتاً بهذا الخصوص أن البرازيل (التي يعتبر رئيسها الجديد جايرو بولسونارو حليفاً أيديولوجياً وثيقاً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب) أعلنت أنها لن تشارك في تدخّل عسكري في فنزويلا، أما ترامب نفسه، فإن ظروفه السياسية الداخلية لا تؤهله لخطوات كبيرة من هذا النوع إلا بموافقة الديمقراطيين المشتبكين معه حول مسألة إقفال الحكومة الفدرالية وعلى قضايا أخرى كثيرة.
غير أن قمع المتظاهرين وتجاهل المنظومة الدولية، لن يقدّم حلاً للاستعصاء السياسي الكبير، فالبلاد التي يعد احتياطيها النفطي الأكبر في العالم (متفوقة على السعودية وكندا وإيران)، انهارت عملتها المحلية وتجاوز التضخم فيها حاجز الألف في المئة واندلعت فيها أزمة غذاء مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية وعجز السلطات عن توفيرها وتراكمت ديون الدولة وهاجر أكثر من مليوني فنزويلي من بلادهم منذ عام 1999.
وإذا كانت المواجهة الدموية لن تؤدي إلا إلى مزيد من الكوارث وتفتح إمكانيات التدخّل العسكري الخارجي فإن الحلّ السياسيّ لا يبدو مطروحاً على الطاولة حالياً.
القدس العربي