العراق بعد 16 عاماً من الغزو الأمريكي.. ماذا تحقق؟

العراق بعد 16 عاماً من الغزو الأمريكي.. ماذا تحقق؟

16 عاماً مضت منذ إسقاط قوات أمريكية وبريطانية نظام حكم البعث في العراق وعلى رأسه الرئيس السابق صدام حسين عام 2003. ويقول سياسيان وكاتب وخبير عسكري، إن الغزو الأمريكي لبلادهم لم يحقق الديمقراطية التي وعد بها الأمريكان، بل قاد إلى عملية سياسية “مشوهة وعرجاء” موصومة بالفساد والمحاصصة الطائفية ما زال العراقيون يعانون منها حتى اليوم.
واعتبروا أن الأمريكان لم يسقطوا نظام صدام فقط بل الدولة كلها عندما حلوا الجيش والأجهزة الأمنية.
مع ذلك رأوا أن الغزو الأمريكي لبلادهم كسر حاجز الخوف من الأنظمة العراقية التي أعقبت الاحتلال، وكشف للعالم الوجه الحقيقي لـ”أمريكا”.

ديمقراطية مشوهة كسرت الخوف
السياسي المستقل عزت الشاهبندر، قال إن أهم تداعيات الغزو الأمريكي للعراق “إنتاج ديمقراطية مشوهة وحرية لا تختلف كثيراً عن الفوضى وفقدان للأمن والسيادة وتدمير مؤسسات الدولة الأساسية مثل الجيش والشرطة”.
وأضاف: “كما أدى الغزو أيضاً إلى شيوع الطائفية والعرقية وتفوق قانون القبيلة على قوانين الحكومة وشيوع ثقافة سرقة المال العام وتراجع الصناعة والزراعة”.
في المقابل يوجز “الشاهبندر” ما اعتبرها مزايا لما حدث في العراق عام 2003 بقوله: “على المستوى المحلي انكسر حاجز الخوف من السلطة وثمة غليان الآن ينبئ بثورة وهناك شعور بحاجة الى التغيير”، مضيفا “على المستوى الدولي أتاح غزو العراق للعالم معرفة حقيقة أمريكا”.

غياب خطة أمريكية
ويعزو الكاتب والصحافي حمزة مصطفى، ما حدث بعد عام 2003 في العراق إلى سياسات واشنطن المتخبطة وافتقارها إلى الخطط الصحيحة، موضحاً “الأمريكان لم تكن لديهم خطة لعملية الاحتلال أو كما أسموها التحرير وأمريكا خذلت من كانوا يرون أنها محررة وبدأت عملية سياسية عرجاء ما زال العراقيون يعانون منها حتى اليوم”.
ويقول: “الأمريكان لم يسقطوا النظام فقط بل الدولة كلها عندما حلوا الجيش والأجهزة الأمنية”.
ويرى الكاتب أن انعكاسات الغزو الأمريكي ستستمر طويلا، وبحسبه “العراقيون يحاولون ترميم ما تركه الاحتلال الأمريكي لكنهم ضائعون بسبب المحاصصة العرقية والطائفية التي تأسست بعد الاحتلال والتي ما يزالون يدفعون ثمنها وسوف تستمر الى فترة طويلة لأن المحاصصة تكرست”.
ويوضح أن “كل ما أُنفق من أموال لم يكن لصالح الشعب العراقي”، متوقعا أن يستمر “الفساد المالي والإداري الذي لايزال يعاني منه العراق لفترة طويلة”.

الأهداف الأمريكية.. هل تحققت؟
لم يكن النظام الديمقراطي الذي نشدته واشنطن في العراق على قائمة أولوياتها في البداية، بل أصبح كذلك بعد أن أُجهضت ذريعة الغزو الأولى ممثلةً بوجود أسلحة دمار شامل، فتحول الهدف بحسب مسؤولين أمريكيين حينها إلى “تغيير النظام باعتباره يمثل نظاماً دكتاتورياً وإسقاطه هدف ليس لأمريكا فحسب بل للعالم أجمع”.
وفي هذا الصدد يتحدث الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد في الجيش العراقي السابق، صبحي ناظم، قائلاً: “أمريكا علمت أن النظام السياسي العراقي يرتكز على شخص وحيد لا ثاني له، إذا صُرِعَ أو قُبِضَ عليه أو غاب عن المسرح القيادي فإن الدولة برمّتها تنهار عاجلاً لذلك خطّطت لاستهدافه في عاصمته”.
وعن الأهداف الأمريكية، يقول عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي عدنان الأسدي ساخراً: “هل هناك أحد في العالم يعرف ما هي الأهداف الأمريكية في أية دولة من دول المنطقة؟ لا أحد يعرف كي يقول تحققت أم لا”.
ويتابع: “لدى واشنطن استراتيجية بعيدة المدى غامضة غير معروفة تتعامل مع كل دولة حسب مفهوم الأمن القومي الأمريكي”.

الانسحاب بـ”صوفا” والعودة بـ”مستشارين”
ويشدد الأسدي على ضرورة تقنين وضع القوات الأمريكية في العراق والتي تتواجد بصفة “مستشارين” ضمن ما يعرف بقوات التحالف الدولي منذ عام 2014 بسبب الحرب على تنظيم “داعش” الإرهابي الذي اجتاح حينها عدة مدن عراقية.
وكانت القوات الأمريكية قد سحبت قواتها عام 2011 ضمن الاتفاقية الأمنية أو اتفاقية “الإطار الاستراتيجي” المعروفة اختصاراً باسم “صوفا”.
والاتفاقية الأمنية هي تلك التي وقعتها بغداد وواشنطن عام 2008، في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، ومهّدت لخروج القوات الأمريكية من العراق أواخر 2011 بعد ثماني سنوات من الاحتلال.
وينظم الاتفاق علاقات العراق والولايات المتحدة في مختلف المجالات خاصة العسكرية والاقتصادية.
ويقول الأسدي: “الآن الصورة غير واضحة بشأن التواجد الأمريكي بالعراق والمعلومات متضاربة بين أن يكون هناك قرابة 15 ألف جندي أمريكي وبين معلومات تتسرب عن الحكومة بأن الأعداد تتراوح بين خمسة إلى ستة آلاف”.
وتابع: “نحن في اللجنة (الأمن والدفاع) خاطبنا الحكومة العراقية حول منحنا معلومات دقيقة وواضحة عن الأعداد ولم نحصل على أجوبة”.
وفضلا عن عدم تيقن البرلمان العراقي من أعداد القوات الأمريكية المنتشرة حاليا بالبلاد، يقول الأسدي أيضا: “مجلس النواب ليس لديه معلومات أيضا بشأن أسلحتها ولا قواعدها”.
ويواصل بقوله: “نحن مع وجود مجموعة من المستشارين أو المدربين الأمريكان بموافقة الحكومة والبرلمان ووفق اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق”.
ويختم مستدركاً: “أما قواعد وقوات مقاتلة على الأرض فنحن لسنا بحاجة إلى ذلك.. باستثناء الحاجة لتوجيه ضربات جوية في عمق الصحراء وهذه الحاجة ضرورية للوضع الأمني الآن”.
وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي قد أكد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي عدم وجود قواعد عسكرية “صرفة” للجيش الأمريكي في البلاد.

الأناضول