يترقب ما يزيد على ثلاثة ملايين وافد يعملون في الكويت ما ستؤول إليه الأمور في مجلس الأمة الكويتي خلال الأيام القادمة، بعدما عاد الحديث مجددا بشأن إقرار قانون الضريبة على تحويلات الوافدين.
وأقرت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الأمة في أبريل/نيسان 2018 مشروع قانون يقضي بفرض رسوم على تحويلات الوافدين بدعوى تنشيط الاقتصاد وإضافة مصادر دخل جديدة للميزانية العامة للبلاد.
وبحسب مقترح اللجنة جرى تقسيم تحويلات الوافدين إلى أربع شرائح يتم بناء عليها فرض الضريبة بواقع 1% على التحويلات من دينار واحد إلى 99 دينارا (من 3.29 إلى 326 دولارا)، و2% للتحويل الذي يبدأ من 100 إلى 299 دينارا، و3% للمبالغ من 300 إلى 499 دينارا، و5% للتحويلات التي تتجاوز 500 دينار، مع النص على معاقبة المتهرب بالسجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات أو غرامة قدرها عشرة آلاف دينار.
ورفضت الحكومة الكويتية في ذلك الوقت تطبيق القانون لعدة أسباب أبرزها -بحسب جريدة “الأنباء” المحلية- التأثير السلبي له على سمعة البلاد التي تسعى للتحول إلى مركز مالي وتجاري عالمي، بينما حذر صندوق النقد الدولي من تأثير تلك الخطوة على القطاع الخاص، وذهب البنك الدولي إلى أن تطبيقها من شأنه التأثير بشدة على العمال الوافدين من أصحاب الأجور المتدنية.
ورغم توقف المشروع طوال الفترة الماضية، فوجئت الأوساط الكويتية بتقديم سبعة نواب طلب استعجال مناقشة تقرير اللجنة المالية والاقتصادية بشأن قانون ضريبة التحويلات والتصويت عليه في جلسة 14 مايو/أيار الجاري.
ويبلغ عدد سكان الكويت نحو 4.75 ملايين نسمة وفقا للهيئة العامة للمعلومات المدنية، منهم 1.4 مليون كويتي، مقابل 3.3 ملايين وافد ثلثهم عمالة منزلية وعمال نظافة، أي من أصحاب الأجور المتدنية.
حجم تحويلات الوافدين
وبحسب بيانات بنك الكويت المركزي، بلغ حجم تحويلات الوافدين عام 2018 نحو 15 مليار دولار، مقارنة بـ12.5 مليارا عام 2017. وتعادل تلك التحويلات نحو 10% من الناتج المحلي للبلاد.
ويشير تقرير الشال الاقتصادي -وهو تقرير شهري اقتصادي شامل ومستقل عن الحالة المالية للدولة- أن تعداد العمالة المنزلية وحدها يقارب 700 ألف عامل موزعين بالتساوي بين الجنسين، وأغلبهم من الهند وبنغلاديش والفلبين. وهذه الفئة يتوقع التقرير أن تفتح باب الإعفاءات في القانون -حال إقراره- نظرا لأن من سيتحمل تكلفة الضريبة في الغالب هم أرباب العمل لضعف الرواتب.
وبينما ينطلق مؤيدو الضريبة من ضخامة المبالغ التي يتم تحويلها، تُوجّه الكثير من الانتقادات للقوانين الكويتية التي لا تساعد على استثمار الوافدين لأموالهم في البلاد. وباستثناء البورصة فقط، يحتاج الوافد إلى شريك كويتي في أي نشاط اقتصادي يعتزم القيام به.
ويصف رئيس تحرير تقرير الشال الخبير الاقتصادي جاسم السعدون هذا المقترح بأنه سيئ من النواحي الإنسانية والاقتصادية والسياسية، ولا يعدو أن يكون محاولة للهروب من بعض الاستحقاقات المكلفة، لأن التفكير الصحيح في فرض ضريبة يعني أن يتحملها الأكثر ثروة ودخلا عبر ضريبة الدخل التصاعدية التي تضمن وجود حصيلة أكبر للخزانة العامة، إلا أن هؤلاء الذين يمتلكون الثروة يشاركون غالبا في سلطة اتخاذ القرار -بحسب السعدون- لذا يُستبعد إقرار ضريبة بهذا الشكل.
نواب في مجلس الأمة طالبوا باستعجال مناقشة قانون ضريبة تحويلات الوافدين خلال الشهر الجاري (الجزيرة نت)
تجار الإقامات
ويضيف السعدون في حديثه للجزيرة نت أن أغلب الوافدين في الكويت من أصحاب المهن البسيطة ولا يعقل تحميلهم ضريبة لمجرد أن عددهم كبير، لكون الزيادة ناجمة عن سياسات خاطئة لا تقوم على محاربة تجار الإقامات بالشكل المطلوب، فضلا عن عدم تركيزها على إنتاجية العامل ونوعيته بقدر تركيزها على التوسع الأفقي في المشاريع التي تحتاج حتما إلى عمالة كثيفة وبسيطة في آن واحد.
ويقلل طلال بهمن نائب رئيس اتحاد شركات الصرافة في الكويت من تأثيرات فرض الضريبة على الشركات العاملة في مجال الصرافة -وعددها نحو أربعين شركة- على المدى البعيد، مشيرا إلى أن التأثير الأقوى سيكون بالسلب على سمعة البلاد نتيجة إسهام القانون -حال إقراره- في خلق سوق سوداء لتحويل الأموال بعيدا عن رقابة البنك المركزي والجهات المختلفة.
ويضيف بهمن في حديثه للجزيرة نت أن فرض 5% ضريبة على التحويلات سيدفع حتما للبحث عن طرق أخرى غير خاضعة للرقابة، وقد يفتح المجال لتحويل الأموال إلى جهات مشبوهة في ظل التداعيات التي تعيشها المنطقة، مستنكرا في الوقت نفسه عدم دعوة الاتحاد إلى أية نقاشات حول فرض الضريبة من قبل مجلس الأمة أو الجهات ذات الصلة.
ويرى إبراهيم سعيد -وهو مدير وافد يعمل بإحدى الشركات- أن فكرة فرض قيود على تحويلات الوافدين ليست جديدة، فقد سبق أن طبقها العراق إبان حكم الرئيس الأسبق صدام حسين، إلا أن النتيجة كانت البحث عن طرق لتهريب تلك الأموال خارج العراق.
ويضيف أن هذا النهج من شأنه كذلك التأثير سلبا على رغبة الوافدين من أصحاب رؤوس الأموال في الاستثمار داخل الكويت نتيجة خلق مخاوف مرتبطة بإمكانية تطبيق أي ضرائب أخرى بشكل مفاجئ كما يحدث في الوقت الحالي، وبالتالي فإن الضرر الأكبر سيكون على الاقتصاد الكويتي.
المصدر : الجزيرة