“جيش الهَبْد الإلكتروني”.. أحدث أسلحة المقاومة الفلسطينية

“جيش الهَبْد الإلكتروني”.. أحدث أسلحة المقاومة الفلسطينية

في حملة إلكترونية لمناصرة القضية الفلسطينية، وصفها خبراء إعلاميون بـ”الواعدة”، ينشط آلاف الشبان الفلسطينيين لـ”دحض” الرواية التي تنشرها ماكينة الإعلام الإسرائيلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

هؤلاء الشبان اجتمعوا تحت اسم “جيش الهبد الالكتروني”، وتأتي كلمة “الهَبْد” باللهجة العاميّة، بمعنييْن، الأول هو “الكذب” والثاني هو “الضرب” لإبطال الرواية الإسرائيلية.

ويفسّر القائمون على الحملة اختيارهم لهذا الاسم بالقول، إن الهبد (أي الكذب) الذي تمارسه إسرائيل في روايتها الموجّهة للعالم، سيواجه بـ”هبد” (ضَرب) من نوع آخر، من الناشطين الفلسطينيين.

صفحات لشخصيات عامة، ورؤساء أبرزهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تعرضوا لهجوم إلكتروني واسع من “جيش الهبد”، حيث نشروا الآلاف من التعليقات على صفحاتهم لتكذيب الرواية الإسرائيلية.

أحمد جودة، أحد مؤسسي “جيش الهبد”، قال: “قمنا بهبد منقطع النظير على صفحات لرؤساء منحازين لإسرائيل مثل دونالد ترامب، وأُخرى تتبع لكبار في الحزب الجمهوري مثل إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنير، والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، لدعمهم للاحتلال بشكل وقح ومستفز”.

ويكمل جودة: “عشرات الآلاف من التعليقات والردود، استهدف منشوراتهم (يقصد المسؤولين الأمريكيين) على مواقع التواصل الاجتماعي، بالشكل الذي أرعب الإسرائيليين من هول المشهد فنشروا ردودا توضح استفزازهم وسخطهم من منشورات جيش الهبد”.

ويضيف: “ما يحصل الآن على صفحاتهم الخاصة، هو حدث لم يعتادوا عليه سابقا وله تأثير كبير على المتابعين”.

بداية الفكرة

جاءت فكرة إنشاء “جيش الهبد”، إثر التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والذي مثّل نقطة انطلاق رسمي للعمل الجماعي تحت هذا الاسم، بهدف مقارعة المحتوى الرقمي الإسرائيلي، بمحتوى فلسطيني يناصر قضيتهم، حسب جودة.

جاءت فكرة إنشاء “جيش الهبد” إثر التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والذي مثّل نقطة انطلاق رسمي للعمل الجماعي تحت هذا الاسم

وشهد قطاع غزة، بداية مايو/ أيار الجاري، تصعيدا عسكريا استمر نحو 3 أيام، شن خلاله الجيش الإسرائيلي غارات عنيفة على أهداف متفرقة أسفرت عن استشهاد 27 فلسطينيا، فيما أطلقت الفصائل رشقات من الصواريخ على مستوطنات وبلدات قريبة أسفرت عن مقتل 4 إسرائيليين.

الضربة الأولى، التي لاقت نتائج فورية، استهدفت صفحة “ناشونال جيوغرافيك أبو ظبي”، على فيس بوك، حينما نشرت تقريرا تدّعي فيه أن “تيس الجبل النوبي” موجود في “صحراء بإسرائيل”.

ويستكمل جودة، أن الناشطين بدأوا بالتعليق بـ”الآلاف” على التقرير، ليخبروا إدارة الصفحة أن الصحراء هي “صحراء النقب في فلسطين”، وليست إسرائيل، ما اضطرها لحذف التقرير، وتعديله بصحراء النقب إلى جانب تقديم اعتذارها للمتابعين.

ومنذ انطلاقة هذا الجيش الإلكتروني، انضمّ إليه الآلاف من الناشطين الذين “سئموا التهميش المجتمعي”، على حدّ قول جودة.

أوقات الفراغ التي يقضيها الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، باتت اليوم، بعد انضمامهم لـ”الهبد”، مثمرة وفعالة، حيث بدأت منشوراتهم تأخذ “طابعا وطنيا ومجتمعيا”.

معركة الوعي

يطلق جودة على هذه الحملة الإلكترونية، التي يخوضها الناشطون بـ”معركة الوعي”، بحيث تواجه الرواية الإسرائيلية بأُخرى فلسطينية موثّقة بالصور والدلائل.

ويقول بهذا الصدد: “كانت الهبدات الرقمية مرفقة بصور الضحايا المدنيين والأطفال وحجم الدمار الذي يسببه العدوان على فلسطين”.

وأكبر الإنجازات التي حققها “جيش الهبد”، وفق جودة، تلك التي استهدفت الشعب البرازيلي، حيث نجح الفلسطينيون في تغيير وجهة نظر العشرات منهم الذين كانوا فقط يستمعون للرواية الإسرائيلية.

كما تعرّضت صفحة مسابقة الأغنية الأوروبية “يوروفيجن”، التي أقيمت بإسرائيل الإثنين الماضي، لعشرات الآلاف من التعليقات، أسفرت عن فتح نقاشات مع أعداد من الأوروبيين كانوا حجزوا تذاكر لحضور الحفل، وقاموا بإلغاء حجوزاتهم بعد النقاشات، كما قال جودة.

واستضافت مدينة تل أبيب، بين 14 و19 مايو/ أيار الجاري، مسابقة يوروفيجن الغنائية، التي ينظمها الاتحاد الإذاعي الأوروبي منذ العام 1956، وسط دعوات لمقاطعتها، أطلقها نشطاء مناصرين للقضية الفلسطينية.

وفي إطار معركة الوعي، شارك “الجيش”، بتهنئة الأمير البريطاني هاري، بمولوده الجديد الذي جاء إلى الحياة في 6 مايو/ أيار الجاري، وذلك على صفحته الشخصية بموقع “فيسبوك”، مع ربطه بما يتعرض له الأطفال الفلسطينيون، بسبب الانتهاكات الإسرائيلية.

من بعض تلك التعليقات “مبارك أمير هاري، نتمنى أن ينعم بالصحة والنجاح، وألا يقتل بصاروخ كما تفعل إسرائيل بأطفال غزة”، وذلك للفت أنظاره لما يعانيه أطفال غزة من قتل على يد الجيش الإسرائيلي، وفق جودة.

توضيح الحقائق

إيمان محمد (27 عاما)، إحدى الناشطات في “جيش الهبد”، تقول إن مصطلح “الهبد” بدأ تدريجيا استخدامه بين الشباب الفلسطيني على وسائل التواصل لنقد أي محتوى كاذب أو مستفز.

وترى الناشطة أن الحملة تهدف لـ”توضيح الحقائق من خلال كشف مدى وعي الشباب الفلسطيني، باستخدام الأدلة والأرقام والتواريخ، وكل ما يُثبت الحقوق العادلة والمشروعة للشعب الفلسطيني”.

وتابعت: “نريد أن يعلم العالم بأن هناك طرفا فلسطينيا هو وحده الضحية، كما نريد استقطاب كل الذين يستمعون لرواية العدو الكاذبة؛ لنخبرهم من هم أصحاب الحق ومن هو الجلاد، ونرغب بوقف هؤلاء الذين يخرجون إلى العالم بتصريحات تضر الشعب الفلسطيني”.

الاناضول