قطاع الأعمال في بريطانيا يحذر من بريكست فهل يجد آذاناً صاغية؟

قطاع الأعمال في بريطانيا يحذر من بريكست فهل يجد آذاناً صاغية؟

من سيكون أول من يُبلغ 1000 عامل بشركة فوكسهول في ميناء إليسمير أنهم بمجرد أن يعبّروا عن مزيد من التفاؤل البهيج والإيمان القوي بما فيه الكافية، سيزول بطريقة سحرية شبح الإغلاق الذي يلقي بظلاله على مكان عملهم بسبب بريكست؟

لن يكون هذا الشخص بالتأكيد بوريس جونسون، الذي يتاجر بخطاب كهذا يثير تعليقات حماسية في بعض وسائل الإعلام التي لا تهتم كثيرًا بالعواقب طالما يستمر الترفيه، وتستمتع ببث برامج عن السياسة البريطانية أشبه بالعروض التي كان يقدمها في القرن التاسع عشر الأميركي بي تي بارنوم الشهير بترويج خدع كاذبة.

كان جونسون، وهو رئيس وزراء بريكست من دون صفقة، في زيارة لاسكتلندا في خضم الضجة التي أثارتها صحيفة “فاينانشال تايمز” بعد نشرها مقابلة أجرتها مع كارلوس تافاريس، رئيس شركة PSA المالكة لفوكسهول، الذي قال فيها إن لدى فوكسهول بديلاً جاهزاً لموقع إنتاج سيارة أسترا إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق مما سيجعل مصنع تشيسشاير غير مربح.

زار جونسون اسكتلندا لإجراء محادثات مع نيكولا سترجين رئيسة الحكومة المحلية وروث دافيسون زعيمة حزب المحافظين باسكتلندا. لكنه كان حريصا على تجنّب جماهير الإسكتلنديين، لأن خطابه يثير في أوساطهم ما يشبه حالة من الغثيان الشتوي العام.

يقول ستيف تيرنر، مساعد الأمين العام لنقابة “يونايت” إن ” بوريس جونسون وفريقه بحاجة إلى القدوم إلى ميناء إليسمير وإخبار هذه القوى العاملة الموهوبة مباشرة بأنهم لن يرسلوها إلى صفوف العاطلين.”

لكن معروف أن رجالاته لن يسمحوا له بمواجهة حشد من عمال السيارات الغاضبين، هذا إذا افترضنا أنه ليس الجبان الذي ظهر مرة أخرى أمام الجمهور الإسكتلندي.

من اللافت للانتباه أن تافاريس استخدم كلمة بريكست بشكل صريح وربطها بالإغلاق المحتمل للمصنع، وهو أمر كانت الشركات تحجم عن فعله في الماضي.

قد تشير “هيئة الاذاعة البريطانية” ( بي بي سي) إلى أحد العناصر المشبوهة عادة مدعية أن الخطر المحدق بميناء إليسمير لا يتعلق حقًا ببريكست لأن صناعة السيارات لديها “مشاكل عالمية” ، كما فعلت “الهيئة” عندما كشفت هوندا النقاب عن خطط لإغلاق متجر في سويندون.

معلوم طبعاً أنه عندما تواجه صناعة ما مشاكل عالمية، فإن أول الأماكن التي تتأثر هي تلك التي تكون فيها الربحية هامشية أو تتدهور فيها البيئة التجارية، كما سيحدث إذا سُمح لجونسون بفرض العقوبات الاقتصادية التي خطط لفرضها على المملكة المتحدة.

المشكلة هي أننا تجاوزنا هذا النوع من النقاش. لقد تخطينا أي شيء له صلة بالعقلانية، وهذا هو السبب في أن تحذير تافاريس قد يكون متأخراً.

لدينا الآن مؤيدين لبريكست من أمثال وزير الخارجية دومينيك راب الذين يقولون بأنهم لطالما اعتبروا أن الخروج من دون صفقة أمر ممكن، مع أنهم لم يسبق لهم أن قالوا ذلك. وبالإضافة إلى أن صناعة السيارات في ألمانيا لم تتوسل لعقد صفقة مع بريطانيا كما قالوا إنها ستفعل، أخذ هؤلاء يدمرون صناعة السيارات لدينا. لكن من يكترث، فالأمور ستكون رائعة، إذا أظهرنا ما يكفي من التفاؤل وأكلنا ما يكفي من الكراث أو أي شيء تافه يتبقى على أرفف مخازن تيسكو.

تبدو الحجج المنطقية لدحض هذا الموقف زائدة عن الحاجة مثلما سيصبح عمال السيارات في فوكسهول قريبًا.

وفي تعبير بالغ الدلالة، وصفت الحكومة وثيقة حول الخروج من دون صفقة أصدرها اتحاد الصناعة البريطانية بأنها “مساهمة بناءة.” لم يأتِ هذا الوصف بسبب مضمون الوثيقة (الذي يدعو للتأهب لأمر مروع)، ولكن لأن أحد استنتاجاتها هو أن أوروبا ليست أكثر استعداداً منا للانفصال من دون صفقة. هذا مطروح للنقاش ولكنه يناسب خطاب جونسون، الأمر الذي دفع الحكومة للتعليق عليه على التقرير من قبل الحكومة، ولاسيّما أنه اشتمل أيضاً على التحذير بوجوب الاستعداد للمرحلة المقبلة.

ليس من دواعي سروري أن أقول هذا، لكن نقابة “يونايت” بسبب غموض موقفها حيال بريكست، والذي أفاد منه جيريمي كوربين، ساعدت أيضاً جونسون وأصدقاءه على الإفلات من المحاسبة جرّاء ما مارسوه من خداع بشأن بريكست.

فهي ساهمت في توفير المجال لهم للذهاب بعيدا في تبني مواقف متطرفة. إن من الأسهل بكثير عليهم أن يمعنوا في تطرفهم إذا كان حزب المعارضة الرئيسي ضعيف ولا أحد يعرف ما يمثله. هكذا يبدو أن عمال ميناء إليسمير يدفعون الثمن، ولن يكونوا وحدهم.

اندبندت