الجيد والسيئ والقبيح في رحلة أوباما الكوبية؟

الجيد والسيئ والقبيح في رحلة أوباما الكوبية؟

الجيد والسيئ والقبيح في رحلة أوباما الكوبية؟

قال لي القائد المعارض، أنتونيو روديليس، الذي تعرض هو نفسه للضرب والاعتقال يوم الاثنين مع زوجته، إن زيارة الرئيس أوباما لكوبا أشرت على “مهرجان للقمع”.
*   *   *
لا بد أن يتضمن أي تحليل شمولي لرحلة الرئيس أوباما إلى كوبا الجيد والسيئ والبشع. غير أنه يجب هذه المرة، ولأننا نتعامل مع الأخوين كاسترو، إضافة فئة جديدة إلى مجازات كلينت إيستوود: “الشر المحض”.
زيارة كوبا: الجيد
يعترف، حتى المنتقدون بشدة لزيارة الرئيس أوباما، مثلي، أنه كان من الجيد له أن يقول في الخطاب المتلفز الذي وجهه للشعب الكوبي بحضور الدكتاتور راؤول كاسترو، إن لكل الناس، وحتى للأرواح البائسة التي تعيش في ظل الشيوعية، حقوقا.
قال أوباما: “يجب أن يكون الجميع متساوين بموجب القانون. ويجب أن يكون المواطنون أحراراً في قول ما يجول في خاطرهم بلا خوف -وفي التنظيم وانتقاد حكومتهم والاحتجاج سلمياً- ولا يجب أن يشتمل حكم القانون على اعتقالات تعسفية للناس الذين يمارسون تلك الحقوق. وأعتقد أنه يجب أن يتمتع الجميع بحرية ممارسة عقيدتهم بشكل سلمي وعلني. و، نعم، أعتقد أنه يجب أن يكون الناخبون قادرين على اختيار حكوماتهم في انتخابات حرة وديمقراطية”.
ومخاطباً كاسترو مباشرة، أضاف أوباما: “وأنا على ثقة أيضاً بأنه ليس عليك أن تخشى من الأصوات المختلفة للشعب الكوبي -وقدرتهم على التحدث والتجمع والتصويت لقادتهم”. ومع أن من الصعب على البعض تصديق ذلك، فإن هذه كلمات لم يكن معظم الكوبيين، 77 % في المائة ممن لم يعرفوا أي شيء غير الشيوعية، قد سمعوها أبداً.
لم يحب كل معارض تحدثت معه بالأمس خطاب الرئيس أوباما، لكنني أظن أن القائد المعارض المعروف ببساطة باسم “أنتونوز”، قد أجاد عندما قال لي على الهاتف: “بعيداً عن حقيقة اعتقادي بأن الرحلة كانت خطأً كبيراً، فقد كان أمراً جيداً أنه حث الدكتاتور على احترام حقوق الإنسان، لقد كان ذلك درساً مهماً للدكتاتور. ومن المهم الإشارة إلى أن أنتونيز، واسمه هو يورغ لويس غارسيا بيريز، لم يحضر اجتماع المعارضين مع أوباما، احتجاجاً على الزيارة. ومن المؤسف أن ذلك كان كل الجيد في الزيارة”.
زيارة كوبا: السيئ
أضفت زيارة الرئيس أوباما الشرعية على حكم كاسترو غير الشرعي، وسوف تساعده في تقوية قبضة عائلته على السلطة مستقبلاً. وهذا أكثر أهمية بكثير من كلمات أوباما، وشيء لا يملك الرئيس ولا عراب سياسته الخارجية ونائب مستشاره الأمن القومي، بن رودس، له جواباً.
وحتى لو دفع خطاب أوباما بعض الكوبيين الشجعان إلى المطالبة بحقوقهم، فسيسحقهم حرس كاسترو التطهيري المتمتع بالحصانة. نحن نعرف هذا لأنه حدث بينما كان أوباما في كوبا. وقالت مصادر في الجزيرة الكوبية إن بعض الكوبيين تجمعوا بشكل عفوي بعد الخطاب للمطالبة بالحقوق التي تضمنها، فقط ليتعرضوا لقمع وحشي على يد قوات أمن كاسترو.
ومع ذلك، لم يقتصر الأمر على أن الرئيس لم يغادر احتجاجاً وحسب، وإنما فشل أيضاً في الإعراب عن أي احتجاج أو حتى في ذكر الموضوع، علناً على الأقل.
في الحقيقة، وخلال الأيام الثلاثة لزيارة أوباما، تم ضرب المعارضين واعتقالهم وسحلهم في الشوارع، وتجريدهم من الملابس وتهديدهم باغتصاب بناتهم. وقال لي القائد المعارض انتونيو روديليس، الذي تعرض للضرب والاعتقال يوم الاثنين مع زوجته، إن زيارة أوباما شكلت مناسبة لـ”مهرجان للقمع”.
في ضوء ذلك، ولأن أوباما استمر في تكرار القول إن الولايات المتحدة “لا تملك القدرة، ولا تبيت النية لفرض التغيير على كوبا”، فإن من المؤكد أن كاسترو يشعر بأن لديه شيكاً على بياض للاستمرار في فرض إرادته من خلال الوحشية، كما فعل هو وأخوه فيدل على مدار 56 عاماً.
وبينما تتحدث الغالبية العظمى من المعلقين عن فيدل، 89 عاماً، وراؤول، 84 عاماً، فإن أبناء عائلة كاسترو الذين يجب إبقاؤهم في الذهن هم: نجل راؤول، الكولونيل أليخاندرو كاسترو إسبن، 50 عاماً، وابنته مارييلا كاسترو إسبن، 53 عاماً، وصهره الجنرال لويس البرتو رودريغز لومبيز كالياس، 54 عاماً.
وأليخاندرو هذا منظر غير نادم، له شارب ولحية صغيرة مشذبة على الطراز اللينيني. وكان كتابه الذي وضعه في العام 2009 “إمبراطورية الإرهاب” خطبة طويلة مناهضة لأميركا.. وهو ضابط استخبارات، يتحدث بنبرة ماركسية-لينينية، وينتظر أن يرث السلطة السياسية بعد ذهاب راؤول.
ومارييلا عضو في الجمعية الوطنية في كوبا، التي تشبه ختماً مطاطياً. ويضمن موقعها كناشطة استمرار أن يستمر الحمقى الغربيون المفيدون في الاحتفاء بالثورة. أما رودريعز، فيرأس الشركة القابضة التي تسيطر على كل الاقتصاد الكوبي تقريباً. وكما قالت شبكة بلومبيرغ مؤخراً: “إذا كنت تريد القيام بعمل تجاري مع كوبا، فهيئ نفسك للشراكة مع الجنرال”.
من خلال مد خط مع عائلة كاسترو عندما نفدت أموال فنزويلا (الاشتراكية تفعل ذلك دائماً)، ضمن أوباما (من خلال منع عودة من الرئيس التالي) أنه سيكون لدينا نظام مصالح خاصة معادٍ لأميركا على بعد 90 ميلاً وحسب.
زيارة كوبا: القبيح
هذه القسم يمكن أن يستوعب آلاف الكلمات. وهناك الكثير جداً لانتقائه من تعهدات أوباما غير المتوقعة في خطابه (“دعوني أخبركم بما أعتقد… ولا أستطيع إجباركم على الموافقة”)، إلى مقارنته القبيحة بين الثورة الأميركية والثورة الكوبية. لكن الأكثر بشاعة بكثير كان ظهوره المجاني مع راؤول في مباراة كرة القاعدة بين فريقي تامبا باي ريز وبين فريق كوبا الوطني. هنا كان الرئيس يمتع نفسه إلى جانب الرجل الذي ساعد ودعم النزعة المعادية للأمركة في كل أنحاء العالم.
هنا كان الرئيس سوية مع كل العائلة (حتى الجدة!)، يمتع نفسه إلى جانب الرجل الذي ساعد ودعم النزعة المعادية للأمركة في أنحاء العالم، والذي يقمع شعبه ويستمر في توفير الملاذ للمتمردين الأميركيين، وحتى قتلة الشرطة، والذي يؤوي الإرهابيين -كل ذلك في اليوم الذي عانت فيه حليفتنا بلجيكا من هجوم إرهابي بينما يتطلع التحالف كله يائساً إلى قيادة من زعيم العالم الحر.
ثم علمنا لاحقاً من وكالة الأنباء البريطانية (رويترز) أن روديغيز لوندونو، وهو زعيم مجموعة إرهابية كوبية (مصنفة مجموعة إرهابية لدى وزارة خارجية أوباما نفسها) كان أيضاً يتابع المباراة مع 40 إرهابياً آخرين.
زيارة كوبا: الشر المحض
هذا الجزء سهل. عندما قال كاسترو لصحفي أميركي إنه لا يوجد أي سجناء سياسيين في كوبا، فإنه كان يأخذ الخداع إلى درجة أعلى من الظلام. وشرح رودس -الذي يقدم المساعدة دائماً- ماذا قصد كاسترو في المؤتمر الصحفي في هافانا مساء الاثنين: “إنهم يعتقدون أنهم ليسوا سجناء سياسيين، وأنهم موجودون في السجن بسبب جرائم وجنح مختلفة ارتكبوها ضد القانون الكوبي”.

 ترجمة:عبدالرحمن الحسيني

    صحيفة الغد الأردنية