العراق بصدد تعليق مشروعات والاقتراض من الخارج لتعويض انهيار عائداته النفطية

العراق بصدد تعليق مشروعات والاقتراض من الخارج لتعويض انهيار عائداته النفطية

قال مسؤولون ومُشرِّعون أنه سيتعين على العراق تعليق أغلب مشروعات التنمية والطاقة، والاقتراض من الخارج، لكي يستطيع دفع أجور موظفي الدولة وتمويل الواردات الغذائية في حالة استمرار انهيار عائداته النفطية التي تشكل المَورِّد الأساسي لاقتصاده.
وقالوا أنه لن يكون أمام العراق المعتمد على إيرادات تصدير النفط في 95 في المئة من دخله، خيار سوى خفض الإنفاق بسبب انتشار فيروس «كورونا» وانهيار اتفاق إنتاج النفط بين «أوبك» وحلفائها.
ومن المرجح أن يؤجج مثل هذا التحرك مزيدا من المعارضة، في الوقت الذي يحتج فيه عراقيون منذ شهور ضد النُخَب الحاكمة التي يتهمونها بحرمانهم من الخدمات الأساسية ،مثل إمدادات الكهرباء أو المستشفيات اللائقة بالرغم من ثروة البلاد النفطية.
وتعصف الأزمة بالعراق في وقت يفتقر فيه للقيادة بعد استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أواخر العام الماضي على خلفية الاحتجاجات، في حين يعجز المُشَرِّعون المنقسمون عن التوافق على من يحل محله.
ويمتد أثر تفشي فيروس كورونا من إيران المجاورة، وهي بؤرة له في المنطقة.
وبسبب المشكلات الداخلية، يُخفق البرلمان في التوافق على مُسَوَّدة ميزانية 2020 التي تقادمت بأي حال لافتراضها سعرا للنفط عند 56 دولارا للبرميل، أي نحو مثلي المستوى الحالي.
وقال مظهر صالح، المستشار الاقتصادي في مكتب رئيس الوزراء «الميزانية المقترحة للعام 2020 التي تبلغ حوالي 165 تريليون دينار عراقي تتوقع أصلا عجزا بأكثر من 50 تريليون دينار عراقي عند سعر 56 دولارا للبرميل.»
وأضاف «انهيار أسعار النفط… يعني أن العجز سيتضاعف، وأن الخيار الوحيد المتبقي للعراق هو اللجوء إلى الدائنين الدوليين.»
وقال هيثم الجبوري، رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، أن الاقتراض من الخارج سيكون السبيل الوحيد لتفادي أزمة مالية كبيرة.
وسيتوجب على العراق تأجيل مشروعات هامة في قطاع الطاقة، مثل اتفاق ضخم في الجنوب لتطوير حقول نفط وزيادة طاقة التخزين والنقل والبنية التحتية للتصدير وبناء وحدات لمعالجة منتجات الغاز الثانوية.
وتتعرض للخطر أيضا مشروعات لدعم إمدادات الكهرباء وإنعاش قطاع الصناعة بالعراق، وهي خطة يجري العمل عليها منذ أن تحسنت الأوضاع الأمنية نسبيا بعد هزيمة تنظيم «الدولة « في شمال العراق في 2017.
اعتاد العراق أن يكون منتجا كبيرا للتمور والمنتجات الزراعية، لكنه الآن يستورد أغلب احتياجاته. قال مسؤولان في وزارة التجارة في موقع المسؤولية عن استيراد المواد الغذائية الأساسية أن العراق لديه ما يكفي من الأرز والقمح، ويمكنه تعويض العجز بالإنتاج المحلي.
لكن الوزارة تجد صعوبة في استيراد أغذية أساسية مدعمة، مثل زيت الطعام والسكر والعدس، والتي توزَّع من خلال بطاقات التموين.
وقال مسؤول رفض نشر اسمه «لدينا عجز بالفعل في المخصصات المالية الكافية لشراء الطعام… ببساطة ليس لدينا المال وعلى الحكومة إيجاد حل وإلا سنواجه مشكلات معقدة.»
وفي وقت سابق هذا الشهر، قالت مصادر في وزارة التجارة أن تأخر إقرار الميزانية يعرقل أيضا توقيع عقود جديدة لشراء الحبوب.
وكان عادل عبد المهدي، رئيس حكومة تصريف الأعمال، قد توقع أمس الأول أن تخسر بلاده 30 مليار دولار من إجمالي ناتجها المحلي في 2020، جراء هبوط أسعار النفط.
وأضاف في كلمة له، خلال اجتماع خلية الاقتصاد في مقر الحكومة في بغداد، أن «أسعار النفط انهارت إلى النصف، وقد تنهار أكثر، فسعر البرميل وصل 30 دولارا، بعد أن كان يباع بـ 60».
وأوضح أن «الإيرادات العراقية تعتمد بدرجة كبيرة على النفط»، وأنه قبل انهيار الأسعار كانت الإيرادات تراوح بين «70 ـ 75 مليار دولار سنويا».
وتابع عبد المهدي «وفقا للأسعار الحالية، فإن الإيرادات ستكون بين 30 إلى 40 مليار دولار، سيكون هناك نقص 30 مليارا من الناتج المحلي الإجمالي».
ولكنه استدرك بالقول أن ذلك «لا يعني إفلاس دولة، أو انهيار اقتصادها، لكن يعني أزمة بحاجة إلى مراجعة سلوكيات».

رويترز