السودان يكثف جهوده لإصلاح قطاع التعدين

السودان يكثف جهوده لإصلاح قطاع التعدين

كثف السودان جهوده لتعزيز إيرادات البلد عبر الاستثمار في قطاع التعدين لمضاعفة الإيرادات ودفع الاقتصاد خاصة في ظل الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، والتي ضاعفت من حدتها أزمة كورونا.

الخرطوم – وجه السودان أنظاره نحو قطاع التعدين الذي يعد من أبرز موارده بهدف تعزيز إسهاماته في دفع الاقتصاد من خلال برنامج إعادة هيكلته.

وتزايدت خلال السنوات الأخيرة ضغوط الأوساط الاقتصادية على السلطات السودانية لإنقاذ صناعة التعدين، التي تشتد حاجة الخرطوم إلى عوائدها بسبب الشلل والفوضى، اللذين يعمّان الاقتصاد بعد عقود من السياسات المتخبطة.

وقال وزير الطاقة والتعدين المكلف خيري عبدالرحمن إن وزارته تبذل جهودا كبيرة لإصلاح قطاع التعدين بدءا من إعادة هيكلته ومراجعة أسهم شركاته وتكوين مجالس إدارتها ومراجعة مساحات مربعاتها وطريقة إدارتها.

ودعا خيري الجميع إلى التفهم والوقوف مع إدارة القطاع ودعمها من أجل استكمال هذه الخطط وتنفيذ البرامج على أرض الواقع وألا تتاح الفرصة لأعداء التغيير في استخدام القصور كذريعة لانتقاد أوضاع يعلم الجميع أنها تركة حكم الرئيس السابق عمر البشير”.

وأوضح الوزير أن اللجنة الفنية للتعدين تضم مجموعة من الخبراء بحكم تخصصاتهم وأقسام عملهم في قطاع التعدين ويرأسها وكيل قطاع التعدين، وهي السلطة الفنية التي توصي بكل ما هو فني في إدارة قطاع التعدين.

وقال الوزير المكلف “قمنا بمراجعة شاملة لأسس عملها لضمان وضع الضوابط التي تحمي هذه الثروة الهامة وتحافظ علي البيئة وتخدم الإنسان في المقام الأول، وقامت اللجنة بإعادة تأهيل عدد من الشركات العاملة وتم إنهاء تعاقدات مع أخرى بناء على توصياتها كما تم التعاقد مع عدد من الشركات التي اجتازت بنجاح المعايير الجديدة”.

وأضاف خيري أن اللجنة حاليا تقوم بتجهيز المربعات الجديدة التي تطرح في عطاءات محلية ودولية للاستثمار، وفقا لقانون التعدين 2015 وكذلك ضوابط البيئة الحديثة وضوابط السلامة والجودة وضوابط التأهيل المالي الذي يركز على القدرات المالية والمصادر المشروعة لرأس المال ودفع الضرائب وإلى آخر ذلك من الضوابط التي يتم تلخيصها بواسطة اللجنة الفنية في صيغة نهائية تتضمن التقييم الجزئي والنهائي.

وقال إنه على ضوء كل ذلك تصدر التوصية الفنية بـ: التأهيل، الموافقة على طلب، تخطيط مربع، استكشاف فني، إلغاء، تمديد وغير ذلك.

وأكد أن دور اللجنة الفنية للتعدين يتطلب درجة عالية من الحرفية والالتزام المهني بالقانون واللوائح، كما يتطلب الحرص على احترام المعلومات التي يقدمها أصحاب الطلبات والتأكيد على حفظ أسرارهم وعدم نشر المعلومات التي قد تضر بمبادئ التنافس الحر والتطور المتميز لكل شركة عن أخرى، مشيرا إلى أنه لا يسمح لأعضاء اللجنة الفنية بالتدخل في العمل اليومي التنفيذي بحجة سلطتهم الفنية العليا.

وقال إنهم أوقفوا التصرفات الفردية التي كان يمارسها البعض في قطاع التعدين في العهد السابق خلال حكم البشير والتي تصل إلى حدّ توقيف شركات أو رفض طلبات بصورة فردية دون الرجوع إلى اللجنة أو الامتثال إلى ضوابط التعدين.

ويمتلك السودان ثروات هائلة من المعادن، لكن الحكومات المتعاقبة منذ استقلال البلاد عام 1963 لم تتمكن من استغلالها في إنعاش الاقتصاد وتحسين مستوى معيشة السودانيين.

ويؤكد الخبراء تفاقم أزمات إدارة الاقتصاد وخاصة قطاع التعدين بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر حسن البشير. وحذروا من أن يؤدي الارتباك السياسي إلى انهيار القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية.

وتنتشر أماكن التعدين التقليدي للذهب في أكثر من 800 موقع بمعظم ولايات السودان الشمالية والغربية، التي يبدو أنها لم تستغل بالشكل المطوب.

ووفق إحصائيات حكومية، بلغ إنتاج السودان من الذهب العام الماضي حوالي 105 أطنان، شكل التعدين المحلي منه حوالي 80 بالمئة.

وتستهدف الخرطوم رفع إنتاجها من الذهب إلى 110 أطنان خلال المرحلة المقبلة لتحتل المركز التاسع عالميا والثاني أفريقيا بعد دولة جنوب أفريقيا.

ومنذ 2015، قفز عدد الشركات العاملة في مجال المعادن بالبلاد إلى 120 شركة محلية وأجنبية، في ظل اهتمام الدولة بهذا القطاع بعد خسارة عوائد النفط إثر انفصال الجنوب في 2011.

ورغم هذا العدد من الشركات، فإن عدد التي وصلت إلى مرحلة الإنتاج لا يتجاوز عشر شركات فقط باحتياطات تجاوزت 940 طنا من الذهب.

وتؤكد عدة مؤشرات أن الجزء الأكبر من هذه الشركات لا تزال في مرحلة الاستكشاف وربما قد تكون توقفت بشكل مؤقت بسبب الظروف التي تمر بها البلاد حاليا.

وكان وزير النفط والمعادن السابق أزهري عبدالقادر قد أعلن في يناير 2019 عن اكتشاف منجم ذهب وصفه بـ”الضخم”، بطاقة إنتاجية متوقعة تصل إلى 7 أطنان سنويا.

وتزخر البلاد بأنواع مختلفة من الخامات المعدنية، التي يمكن أن تدخل في الصناعات الثقيلة مثل الحديد والمانغنيز والكروم وما يترتب على هذه الصناعة من سبائك نحاس ورصاص وزنك، فضلا عن الفضة والبلاتين والبايرايت.

وكشف السودان في مارس 2018 عن خطط للاستثمار في احتياطات اليورانيوم بهدف الاستفادة منه في الطاقة النووية وبالتالي استغلالها لإنتاج الطاقة البديلة، وسط تباين الآراء حول نجاح الحكومة في مساعيها.

وشكك خبراء في إمكانية نجاح الخرطوم في مساعيها لاسيما وأن استخراج اليورانيوم ليس بالسهولة المعلن عنها خاصة وأن ارتباط هذا المعدن لا يقتصر على الأوضاع السياسية والاقتصادية فقط، بل لديه تأثير كبير على البيئة.

ورغم كل المحاولات لجذب الاستثمارات في القطاع، فإن الخرطوم عجزت عن الاستفادة من الأموال المتدفقة إليها وزيادة احتياطاتها النقدية من العملة الصعبة.

في المقابل، هناك مشكلات تمويلية تواجه المستثمرين لأن القطاع يحتاج إلى طول نفس فهو يبدأ بعملية البحث والاستكشاف والتقييم وتطبيق طرق البحث الجيولوجية وعمليات التحليل المخبري ثم تأتي عملية الإنتاج في المرحلة الأخيرة.

كما أن الاستثمار في قطاع التعدين فيه الكثير من المخاطرة، لأن عمليات الاستكشاف الباهظة قد لا تحقق العوائد المرجوة.

العرب