الرياض – فشلت المملكة العربية السعودية في شغل مقعد بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في المقابل نجحت كل من الصين وروسيا في تجديد عضويتهما، ما أثار جدلا كبيرا حول المعايير المتبعة لاختيار أعضاء الهيئة الأممية لاسيما وأن سجل كل من بكين وموسكو في مجال حقوق الإنسان ليس “ورديا”، كما الحال بالنسبة لدول أخرى حصلت بدورها على عضوية في المجلس على غرار باكستان.
واعتبر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان أن “الجمعية العامة للأمم المتحدة انتخبت مرة أخرى دولًا لها سجل كارثي في مجال حقوق الإنسان”.
وأضاف أن “انتخاب الصين وروسيا وكوبا لعضوية مجلس حقوق الإنسان، يؤكد صواب قرار الولايات المتحدة الانسحاب من المجلس عام 2018.
وحثّت منظمات حقوقية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على معارضة مساعي الدول الثلاث للانضمام (الصين وروسيا والسعودية) إلى أرفع هيئة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، قائلة إن سجلاتها في مجال حقوق الإنسان لا تؤهلها للقيام بذلك.
وفازت الصين التي يعتبرها مدير أعمال هيومن رايتس ووتش كنيث روث تمارس “أقوى هجوم على النظام العالمي لحقوق الانسان” شهده العالم منذ منتصف القرن العشرين، بانتهاكها حقوق الإيغور، بمقعد في المجلس.
وحصلت على 139 صوتًا في الاقتراع السري، في تراجع عن 180 صوتًا التي فازت بها في آخر مرة لدى انتخابها في عام 2016، وهو ما اعتبره مدير قسم الأمم المتحدة في منظمة هيومن رايتس ووتش لويس شاربونو، في تغريدة على تويتر “يظهر تزايد انزعاج الدول من السجل الكارثي للصين فيما يتعلق باحترام الحقوق”.
وتمكنت روسيا من تجديد عضويتها بالمجلس، رغم انتهاكاتها المتكررة لحقوق الإنسان، فمنذ العام 2016، تطالب أكثر من 80 منظمة إنسانية للإغاثة وحقوق الإنسان الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بإعادة النظر فيما إذا كانت روسيا لا تزال تصلح لأن تحتل موقعها في الهيئة الدولية لمجلس حقوق الإنسان، لتدخلها في نزاعات إقليمية، متّهمة النظام الروسي بالتسبب في ” جرائم حرب واسعة النطاق في قصفها المستمر للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا”.
وتواجه موسكو مؤخرا موجة استنكار دولية واسعة لاتهامها بتسميم أليكسي نافالني، المعارض الأبرز للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي تعيد إلى الأذهان حادثة تسميم مماثلة للعميل السابق المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا عام 2018 في بريطانيا.
وجاء فوز الصين وروسيا ليضرب مصداقية وشرعية مجلس حقوق الإنسان الذي يلقي على عاتق أعضائه مسؤولية إثبات التزامهم الحقيقي بجميع حقوق الإنسان في كل مكان دون تمييز أو اعتبارات خفيّة أو انحياز لدولة على حساب أخرى، ودون الخضوع لضغوط اقتصادية أو سياسية.
ولاقت السعودية في السنوات الماضية ترحيبا من المجلس الأممي بما تشهده المملكة من محاولات التطور في مجال التشريعات وتبني الاستراتيجيات التي تعنى بكفالة حقوق الإنسان داخل المملكة، إلا أنّ محاولاتها للتغيير واحترام الحقوق والحريات لم تؤت النتائج المتوقعة بالفوز في عضوية المجلس الأممي.
وتنتقد جهات دولية عدم إيلاء السعودية ملف حقوق الإنسان الأولوية المستحقة، معتبرة أنّ السعودية مطالبة أكثر بدعم استراتيجياتها لضمان الحقوق والحريات وبذل جهود مضاعفة لإرساء أسس قانونية تضمن الحقوق والحريات.
وسبق وأن اتهمت الولايات المتحدة المجلس الأممي “بالنفاق والإزدواجية” في معرض إعلانها الانسحاب من عضوية المجلس في عام 2018، واصفة إياه بأنه منظمة “منافقة وأنانية وتستهزأ بحقوق الإنسان”.
وجاء قرار الولايات المتحدة بعد سنوات من الانتقاد، وعلى خلفية اتهام إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لمجلس حقوق الإنسان بأنه ينتهج “الانحياز المعادي لإسرائيل وشن حملة ممنهجة ضدها”.
وأكدت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، حينها أن القرار اتخذ بعد سنة من الجهود لدفع المجلس إلى القيام بإصلاحات، واستبعاد الدول الأعضاء التي ترتكب تجاوزات منه، ومن بينها الصين وروسيا.
وقالت “نحن بحاجة إلى هذه الإصلاحات لنجعل المجلس محاميا جديا مدافعا عن حقوق الإنسان”. وأضافت “لفترة طويلة كان مجلس حقوق الإنسان حاميا لمرتكبي تجاوزات لحقوق الإنسان ومرتعا للانحياز السياسي”.
ويتألف مجلس حقوق الإنسان من 47 دولة، ويتم توزيع مقاعده بين 5 مجموعات إقليمية، وهي الدول الإفريقية (13 مقعدا)، دول آسيا والمحيط الهادئ (13)، دول أوروبا الشرقية (6)، دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (8)، ودول أوروبا الغربية ودول أخرى (7).
وشهدت مجموعة آسيا والمحيط الهادئ التي تضم السعودية تنافسا حادا بين خمسة مرشحين على أربعة مقاعد، لتحصل السعودية على 90 صوتا فقط، فيما حصدت أوزبكستان 179 صوتا، وباكستان 169، ونيبال 150، والصين 139 صوتا.
وسبق أن فازت السعودية في عام 2016، بمقعد بأغلبية 152 صوتا.
ويتطلب الفوز بعضوية المجلس الحصول على ثلثي أصوات أعضاء الجمعية العامة (193 دولة)، وفازت في هذه الانتخابات 15 دولة.
العرب