الباحثة شذى خليل*
تعد الصين، من الاقتصادات الآسيوية السريعة النمو والمحرك الرئيس للسوق العالمية المتنامية للغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال (LNG) في السنوات الأخيرة، الى جانب اليابان وكوريا الجنوبية، مما جعلها السوق الآسيوية مسؤولة عن حوالي 75% من واردات الغاز الطبيعي المسال العالمية، ودفعت أسعار استيراد الغاز الطبيعي المسال الآسيوية إلى مستويات قياسية في أوائل عام 2014.
على الرغم من أن الصين تنتج جزءًا كبيرًا من استهلاكها للوقود الأحفوري، إلا أنها تعمل على زيادة نصيبها من النفط والغاز الطبيعي المسال المستورد منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي، منذ أن أصبحت الصين عضوًا في منظمة التجارة العالمية في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، مر اقتصادها بجولة أخرى من النمو القوي، حيث بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي حوالي 10%.
أطلق على طلب الصين من الطاقة والمواد الخام الأخرى في هذه الفترة اسم “دورة السلع الأساسية الفائقة”، مما يعني أن الطلب الصيني كان قوياً لدرجة أن أسعار النفط والغاز والفحم والمعادن الرئيسة وغيرها من الموارد الأساسية ستحافظ على أسعارها المرتفعة لمدة طويلة من الزمن.
إن الإقبال على المزيد من الغاز والغاز الطبيعي المسال في البلدان الآسيوية لا يزال قويًا. اللاعب الرئيس هو الصين، التي كانت نشطة للغاية في متابعة استراتيجية استيراد الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء العالم. وقعت الصين وروسيا اتفاقيتين تاريخيتين للغاز في عام 2014 وحده، مما جعل البلدين أقرب في التعاون في مجال الطاقة، كما تسعى الصين بقوة إلى تنفيذ مشاريع الغاز والغاز الطبيعي المسال في آسيا الوسطى وأستراليا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وأمريكا الشمالية.
ترجع التوترات المتزايدة في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي بين الصين وجيرانها جزئيًا إلى حقيقة أن كلا المنطقتين تعتبران غنيتين برواسب النفط والغاز الطبيعي.
أفاد محلل اقتصادي بأن مشتريات الصين من الغاز الطبيعي المسال تجاوزت في الأشهر الـ12 الماضية مشتريات اليابان، ما يجعلها أكبر مشتر للغاز الطبيعي المسال في العالم.
حيث اشترت 76.3 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال في الفترة من تموز/ يوليو 2020 إلى 24 حزيران/ يونيو من هذا العام، مقابل 76.1 مليون طن اشترتها اليابان.
وبسبب تسارع نشاط التصنيع، الذي جاء أقوى من توقعات السوق، وارتفعت واردات الصين من شباط/ فبراير إلى أيار/ مايو.
كما أدت موجتان من النقص غير المتوقع في الطاقة إلى زيادة استهلاك الغاز.
وتتضمن خطط الدولة إضافة ثمانية جيجا واط أخرى من الطاقة المولدة عبر الغاز هذا العام، ما قد يعزز الطلب بشكل أكبر، ومن المتوقع أن تستورد الصين ما مجموعه 83 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال هذا العام، مقابل 75 مليون طن لليابان.
إلى ذلك، بدأت الصين بتشغيل ثاني أكبر محطة في العالم لتوليد الطاقة الكهرومائية في الأسبوع الماضي، في خطوة تمثل بحسب مسؤولين، عتبة باتجاه تحقيق أهداف بكين في الحياد الكربوني، رغم التحذيرات من الأضرار البيئية المترتبة على المشروع.
وبحسب “الفرنسية”، ذكرت وسائل الإعلام الرسمية أنه بدأ أمس جزئيا تشغيل “محطة بايهيتان للطاقة الكهرومائية” البالغ ارتفاعها 289 مترا والواقعة في جنوب غربي الصين، وهي الثانية في العالم لجهة توليد الطاقة بعد “سد الممرات الثلاثة” الموجود في الصين أيضا.
وبنيت محطة “بايهيتان” بقدرة إجمالية منشأة تبلغ 16 ألف ميجاواط، ما يعني أنه سيكون بمقدورها في نهاية المطاف توليد ما يكفي من الكهرباء مرة يوميا لسد احتياجات الطاقة لـ500 ألف شخص لعام كامل، وفق هيئة البث الرسمية “سي سي تي في”.
لتلبية الطلب، سعت بكين إلى إنشاء خطوط أنابيب غاز أرضية من آسيا الوسطى وروسيا وبورما مع إضافة المزيد من محطات استقبال الغاز الطبيعي المسال على طول موانئها الشرقية.
دفعت هذه الزيادة في الطلب أيضًا شركات الطاقة الصينية العملاقة، مثل CNPC و Sinopec و CNOOC (المعروفة باسم شركات النفط الوطنية “الثلاث الكبرى” في الصين) ، دفعتها إلى الاستثمار في أصول النفط والغاز في الخارج في بلدان عبر إفريقيا والشرق الأوسط في العامين الماضيين، وفي أستراليا وكندا والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، نظرًا لوضع الصين كأكبر مستهلك شامل للطاقة في العالم، فقد تصاعدت مخاوفها المتعلقة بأمن الطاقة في السنوات الأخيرة، من أجل زيادة حصة الغاز في استهلاك الطاقة في الصين، نفذت بكين عددًا من الاستراتيجيات المحلية والدولية خلال السنوات القليلة الماضية.
توقع البنك الدولي بحسب بيانات تم نشرها قبل أسبوع أن التعافي الاقتصادي في الصين هذا العام قد يكون أقوى مما كان يُعتقد في السابق.
ورفع البنك الدولي، في تحليل جديد للوضع الاقتصادي في الصين، توقعاته للنمو بها إلى 5. 8%، بارتفاع 4. 0% عن التحليل السابق، ونموا بنسبة 4. 5% في العام المقبل، وهو ما يعني العودة إلى المعدلات طويلة الأجل السابقة للجائحة.
واستمرت الثقة لدى كل من المستهلكين والأعمال في التحسن خلال الفترة الماضية، ما يعني إمكانية توقع تحسن الأوضاع في سوق العمل وارتفاع الطلب المحلي، وأن يستمر الأداء الجيد للصادرات الصينية.
وحذر البنك، في الوقت نفسه، من أن أي تفشٍ جديد لفيروس كورونا من شأنه أن يعطل النشاط الاقتصادي.
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الصينية أكثر حذرا في توقعاتها بشأن النمو، وحددت هدفها الرسمي لهذا العام “فوق 6% “.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن البيانات أن الشركات الصناعية التي لا تقل إيرادات أعمالها سنويا عن 20 مليون يوان (حوالي 09. 3 مليون دولار أميركي) حققت 42. 3 تريليون يوان من إجمالي الأرباح خلال الفترة المذكورة، بزيادة 4. 83% على أساس سنوي.
وبالمقارنة مع مستويات 2019، ارتفعت أرباح الشركات الصناعية الرئيسة بنسبة 48% خلال الخمسة أشهر الأولى، ورفع هذا التوسع متوسط النمو في الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مايو/ أيار خلال عامي 2020 و2021 إلى 7. 21%، حسب البيانات.
وفي شهر مايو الماضي وحده، صعدت أرباح الشركات الصناعية الرئيسة بنسبة 4. 36% عن العام السابق لتصل إلى 92. 829 مليار يوان. الصين
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية