أنقرة- على الرغم من تذبذب سعر الليرة التركية وارتفاع نسبة التضخم والتطورات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي؛ فإن تركيا حققت أعلى معدل شهري للصادرات في تاريخها، خلال أبريل/نيسان الماضي. فما أسباب هذه الإنجاز، ولماذا لا ينعكس على السوق المحلي؟
ووفق بيانات رسمية، سجلت صادرات تركيا في أبريل/نيسان الماضي 23.4 مليار دولار، محققة زيادة 24.6% مقارنة مع الشهر نفسه من العام السابق، وأعلى مستوى شهري في التاريخ.
وفي العام نفسه زاد حجم التجارة الخارجية لتركيا من 87.6 مليار دولار عام 2002، إلى 496.7 مليار دولار في 2021.
كما أن عجز التجارة الخارجية خلال 2021 تراجع بنسبة 7.8% مقارنة مع عام 2020 ليستقر عند 45.9 مليار دولار.
وفي السياق، ذكر وزير التجارة التركي محمد موش أنه “رغم التطورات السلبية التي شهدها مؤخرا الاقتصاد العالمي، فقد واصلت تركيا أداءها القوي في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2022 بعد نجاحها الكبير في الصادرات عام 2021”.
وأفاد موش أن حجم التجارة الخارجية زاد في أبريل/نيسان الماضي بنسبة 30.1% مقارنة مع الشهر نفسه بالعام السابق، حيث بلغ 52.8 مليار دولار.
حجم التجارة الخارجية لتركيا زاد في أبريل/نيسان الماضي بنسبة 30.1% مقارنة مع الشهر نفسه بالعام السابق (غيتي)
وقال موش “لا يزال بند الطاقة يشغل رقما كبيرا في وارداتنا بحصة بلغت 7.7 مليارات دولار. وفي الواقع، تجاوزت نسبة صادراتنا مقارنة بالواردات -باستثناء الطاقة- 100%”.
وبيّن موش أن السبب في زيادة الواردات التركية خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان الماضيين، نابع من زيادة واردات الطاقة، لا سيما الزيادة في الغاز الطبيعي والنفط الخام.
وشدد على أنه يثق تماما بأن الأداء القوي لبلاده اقتصاديا سيستمر عام 2022 وأنه سيتم الوصول إلى أرقام قياسية جديدة في الصادرات”.
وأضاف الوزير التركي “سنزيد صادراتنا وتوظيفنا ونمونا الاقتصادي وسنعمل بجد أكبر وسننتج المزيد، ومن خلال تصدير المنتجات التركية سنزيد تدفق النقد الأجنبي والاستثمارات والتوظيف وتعزيز الاقتصاد التركي بشكل أكبر”.
لماذا لم تستفد الليرة من الإنجازات الاقتصادية؟
أرجع محمد كلوب الباحث الاقتصادي في جامعة يلدريم بيازيد في أنقرة سبب تحقيق تركيا لهذه القفزة التاريخية على صعيد الصادرات إلى الانخفاض الحاد في قيمة العملة المحلية وهو ما أعطى ميزة تنافسية للبضائع التركية مقارنة بمنتجات الدول المنافسة.
ويرى كلوب أن تأثر خطوط الإمدادات العالمية للشحن البحري وأزمة حاويات الشحن، أثر وسيؤثر إيجابا على الصادرات التركية نظرا لموقع تركيا الجغرافي وتوسطها قارتي آسيا وأوروبا.
ولفت كلوب -في حديث للجزيرة نت- إلى أن قرب الشركاء التجاريين لتركيا جغرافيا والاعتماد على الشحن البري للتبادل التجاري بين تركيا ودول الجوار؛ نأى بتركيا عن التأثر سلبا بالمشاكل المتعلقة بالشحن، إضافة إلى تعزيز مكانتها بوصفها دولة مصدرة وبديلا للصين يعتمد عليه.
وحول عدم انعكاس هذا الإنجاز على سعر الليرة؛ قال الباحث كلوب “السبب الرئيسي لانخفاض الليرة هو ارتفاع الدولار مقابل أغلب عملات العالم بما فيها العملة التركية، أي أن الانخفاضات السابقة كانت نابعة من ضغوطات داخلية؛ أما الآن فتعزى إلى موجة النزوح العالمية نحو الدولار الأميركي بسبب رفع الفائدة من قبل الفدرالي الأميركي”.
وأضاف الباحث الاقتصادي في جامعة يلدريم بيازيد “هناك مؤشرات إيجابية للسياحة والعقارات في تركيا، فضلا عن أن مشروع السيارة الكهربائية المحلية سيلعب دورا أساسيا في تقليل الاعتماد على واردات السيارات من الخارج والتي تمثل جزءا كبيرا من الواردات التركية”.
ولفت إلى أن المؤشر الأهم والمنتظر بفارغ الصبر من قبل الحكومة والشعب على حد سواء هو إتمام العمل في حقول البحر الأسود للغاز الطبيعي والذي سيقلل فاتورة الطاقة المستوردة وبالتالي عجز الميزان التجاري لتركيا.
المصدر : الجزيرة