الكويت- تشترك ثلاث وزارات كويتية في تنفيذ مخطّط لمحاربة الغش في الاختبارات الدراسية، وذلك ضمن جهود أشمل تبذلها السلطات المشرفة على العملية التعليمية بهدف تحسين مستواها والارتقاء بمحتوياتها وتثمين مخرجاتها حتى تساير مخطّط توطين الوظائف الذي يجري تنفيذه ويقوم على الحدّ من التعويل على الكوادر والكفاءات القادمة من الخارج وتعويضها بكوادر محلية.
لكنّ خبراء في مجال التعليم يقولون إنّ العملية التعليمية في الكويت ما تزال بعيدة عن مسايرة الهدف الطموح الذي تربطه السلطات بهدف أكبر وهو تعديل التركيبة السكانية باتّجاه تقليص عدد الوافدين من الخارج للعمل في البلد والذين يتجاوز عددهم عدد المواطنين الكويتيين.
ويذكّر هؤلاء بعدّة عثرات واجهها التعليم في الكويت أبرزها عمليات الكشف المتواصل عن قضايا تزوير الشهادات الجامعية، ونجاح كثيرين من حملة الشهائد المزورة في التسرب إلى سوق العمل في عدّة مجالات وتمكّن بعضهم من احتلال مناصب حساسة.
◙ مشاكل قطاع التعليم في الكويت لا تتناسب مع ما تخصصه له الدولة من ميزانيات ضخمة يذهب جلّها إلى صرف الرواتب
ويشيرون إلى وجود اضطرابات تنظيمية في تسيير العملية التعليمية على غرار ما شهدته بداية السنة الدراسية الحالية من ارتباك في توزيع المدرّسين الأمر الذي أوجد نقصا في الكادر التدريسي في عدد من المدارس.
كما لا يقلّل الخبراء من خطر محاولات تسييس التعليم في الكويت وأدلجته من قبل التيارات الإسلامية، وهي الظاهرة التي طفت على السطح مع بداية السنة الجامعية الحالية عندما نجحت تلك التيارات في فرض منع الاختلاط بين الجنسين داخل قاعات الدروس رغم اعتراض قطاعات واسعة من الطلبة والمدرّسين.
وفي إطار التصدّي لظاهرة الغش في الاختبارات الدراسية أعلن في الكويت عن تشكيل وزير التربية والتعليم العالي عادل المانع لفريق عمل لمحاربة الظاهرة تحت إشراف وكيل الوزارة رئيس عام الامتحانات، على أن يتمّ التنسيق مع كل من وزارة الإعلام التي ستوكل إليها مهمة التوعية بخطورة الظاهرة، ووزارة الداخلية ممثلة بإدارة الجرائم الإلكترونية لتعقب الحسابات المشبوهة التي تخل بسير الاختبارات، وفقا لما نقلته صحيفة “الرأي” الكويتية عن مصدر تربوي وصفته بالمطّلع.
وتنصبّ عملية التوعية الموكولة إلى وزارة الإعلام على التنبيه من خطورة ظاهرة الغش في الامتحانات على مخرجات التعليم وسوق العمل، وتستهدف إلى جانب الطلاب وأولياء الأمور مدراء المؤسسات التعليمية وكادرها التدريسي.
وكانت السنة الجامعية قد انطلقت في الكويت على وقع مشكلة أثارها قرار وزير التربية بإلغاء الشعب المختلطة في الجامعة، وذلك تحت ضغط القوى الإسلامية الممثلة في مجلس الأمّة (البرلمان) والتي سعت على مدى سنوات لفرض منع الاختلاط بين الجنسين داخل قاعات التدريس الجامعي.
وبينما نظرت القوى المدافعة عن الحريات إلى القرار باعتباره ردّة كبيرة في الوضع الاجتماعي والحقوقي بالبلاد وتنازلا خطرا لقوى التشدّد والانغلاق، انتقد مختصّون في شؤون التعليم القرار الوزاري واعتبروه خارج سياق الجهود الحقيقية لإصلاح المنظومة التعليمية وانصرافا عن جوهر المشكلة إلى أمور هامشية وسطحية.
إلى ذلك شهدت مدارس الكويت حالة من الارتباك مع مستهل السنة الدراسية الحالية وذلك بسبب سوء توزيع الكادر التعليمي الذي خلق وفرة في بعض المدارس ونقصا فادحا في مدارس أخرى.
ولا تتناسب المشاكل التي يعرفها قطاع التعليم في الكويت مع ما تخصصه له الدولة من ميزانيات ضخمة لا يتم التصرّف فيها بالشكل الملائم.
وكشف تقرير رسمي نشر في وقت سابق أنّ كلفة الطالب الكويتي تعتبر الأعلى في العالم حيث تبلغ ما مقداره 15.5 ألف دينار، مشيرا إلى تجاوز الميزانية السنوية لوزارة التربية مبلغ 7.6 مليار دولار يذهب تسعون في المئة منها إلى صرف الرواتب.
وتنعكس المشاكل التي يعرفها قطاع التعليم في الكويت بشكل مباشر على مستوى المخرجات، حيث أشار ذات التقرير إلى تراجع جودة التعليم الابتدائي والرياضيات وتعليم العلوم ما جعل الترتيب العالمي للكويت يتجاوز المئة في تلك المجالات.
كما أظهر بحث متخصص حول العملية التعليمية في الكويت أن نسبة الرسوب في مادة اللغة الإنجليزية في اختبار القدرات بالجامعة بلغت ثلاثة وستين في المئة من الممتحنين وذلك بسبب عدم قدرة الطالب على توظيف اللغة على الرغم من أنه يتعلم الإنجليزية كلغة ثانية منذ السنة الأولى من التعليم الابتدائي، كما أظهر رسوب أكثر من ثمانين في المئة من طلبة الثانوية العامة الحكومية المبتعثين إلى الخارج في أول سنة ابتعاث في مواد اللغة الإنجليزية والرياضيات.
وتمّ لسنوات طويلة الاعتماد بشكل أساسي على مدرّسين أجانب أغلبهم من مصر وسوريا والأردن. لكن الدولة الكويتية شرعت مؤخّرا في الاستغناء عن أعداد منهم في إطار عملية توطين الوظائف أو ما يعرف محلّيا بـ”التكويت”، والمرتبط بدوره بتخفيف الأعباء المالية عن الدولة وتعديل التركيبة السكانية التي يغلب عليها الوافدون.
وعلى مدى السنوات الماضية تفجرّت بشكل متلاحق في الكويت قضايا تزوير الشهادات الجامعية، حيث بلغ ما تمّ اكتشافه من شهادات مزورة بضع مئات شاركت في تزويرها شبكة معقّدة من المزورين امتدت إلى خارج البلاد وتمكّن عدد من حملتها من الحصول على وظائف مرموقة في مؤسسات الدولة بما في ذلك وزارتا الدفاع والداخلية.
العرب