أزمة الديون في أفريقيا تحتاج إلى نهج جديد

أزمة الديون في أفريقيا تحتاج إلى نهج جديد

نيروبي – لم يكن من السهل على الدول الأفريقية تمويل أهداف سياساتها التنموية والبيئية على مدى السنوات القليلة الماضية، لكن الأحداث الأخيرة تشير إلى أن الوضع قد يتحسن.

وجاء في تقرير نشره موقع ذو كونفرسيشن أنه للمرة الأولى منذ عامين، تمكنت ثلاث دول أفريقية من الوصول إلى الأسواق المالية الدولية، وإن كان ذلك بأسعار فائدة مرتفعة.

وتدفع كينيا، على سبيل المثال، الآن أكثر من 10 في المئة مقارنة بنحو 7 في المئة في عام 2014، فيما لا تزال العديد من البلدان الأفريقية تواجه أوضاعا صعبة بشأن الديون السيادية.

وارتفع إجمالي الديون الخارجية كحصة من عائدات التصدير في أفريقيا من 74.5 في المئة في عام 2010 إلى 140 في المئة في عام 2022.

وفي عام 2022، اضطرت الحكومات الأفريقية إلى تخصيص حوالي 12 في المئة من إيراداتها لخدمة ديونها.

وبين عامي 2019 و2022، خصصت 25 حكومة أفريقية موارد لخدمة إجمالي ديونها أكثر من تلك المخصصة لصحة مواطنيها.

وفي أواخر عام 2023، قدر صندوق النقد الدولي أن أكثر من نصف البلدان الأفريقية ذات الدخل المنخفض كانت إما تواجه صعوبات محتملة أو فعلية في سداد ديونها.

بين عامي 2019 و2022، خصصت 25 حكومة موارد لخدمة ديونها أكثر من تلك المخصصة لصحة مواطنيها

ويشير هذا إلى أنه سيكون من الصعب للغاية على أفريقيا جمع مبلغ 1.6 تريليون دولار الذي تقدر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنها تحتاج إليه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.

وأحد الدروس المستفادة من جائحة كوفيد ومفاوضات المناخ هو أن أفريقيا لا يمكنها الاعتماد على المجتمع العالمي لتزويدها بأموال جديدة كافية أو تخفيف عبء الديون للتعامل إما مع احتياجاتها التنموية أو عواقب الأزمات مثل الأوبئة أو تغير المناخ.

ويبدو أن دائنيها الثنائيين الرسميين أكثر تركيزا على احتياجاتهم وعلى أجزاء أخرى من العالم مقارنة باحتياجاتهم في أفريقيا.

ويسعد الدائنون التجاريون بتوفير التمويل عندما تكون الظروف مواتية، ويمكن للديون الأفريقية أن تساعدهم على الوفاء بالتزاماتهم الاستثمارية. ولكنهم يصبحون أقل استعدادا عندما تصبح الأمور صعبة وتتحقق المخاطر المرتبطة بالصفقة، والتي تم تعويضهم عنها، بالفعل.

ويشير هذا إلى أن أفريقيا تحتاج إلى الدفاع بقوة أكبر عن مصالحها الخاصة. ويقدم هذا العام بعض الفرص الجيدة لتشجيع اتباع نهج أكثر فعالية في التعامل مع الديون الأفريقية.

وهناك مؤتمران دوليان ستكون الحوكمة الاقتصادية العالمية على جدول أعمالهما. وهذه أيضا هي السنة الأولى التي يشارك فيها الاتحاد الأفريقي كعضو كامل العضوية في مجموعة العشرين.

وسيكون تمويل الديون والتنمية موضوعا هاما في جميع هذه المنتديات. ويمكن للممثلين الأفارقة أن يستخدموا مشاركتهم للدعوة إلى اتباع نهج جديد في التعامل مع الديون السيادية يكون أكثر استجابة للاحتياجات والشواغل الأفريقية.

ويمكنهم أيضا الضغط على الدول المشاركة الأخرى والجهات الفاعلة غير الحكومية للحصول على دعمها، لكن الدول الأفريقية ستحتاج إلى التخطيط بعناية.

وينبغي لنقطة البداية أن تتلخص في حقيقة معترف بها جيدا مفادها أن عملية إعادة هيكلة الديون السيادية الحالية لا تصب في صالح أي أحد.

ووافقت مجموعة العشرين على إطار مشترك كان من المفترض أن يساعد في حل أزمات الديون السيادية في البلدان منخفضة الدخل.

وتقدمت أربعة بلدان أفريقية بطلبات لإعادة هيكلة ديونها من خلال هذا الإطار. وعلى الرغم من سنوات من المفاوضات، فقد فشلت في حل أزمة الديون بشكل كامل في ثلاث منها.

ولم تتمكن البلدان خارج الإطار المشترك، مثل سريلانكا، من حل أزمات الديون بشكل كامل أيضا. وهذا مكلف لكل من المدينين والدائنين ولذلك فمن مصلحة الجميع البحث عن نهج جديد.

وهذا يتطلب من كافة الأطراف أن تكون راغبة في قبول أفكار جديدة وتجربة أساليب جديدة في التعامل مع المشاكل القديمة.

ويتعين على الدول الأفريقية أن تقدم مقترحاتها المبتكرة. ويجب عليها أيضا أن تذكر أنها على استعداد لتحمل مسؤوليات جديدة إذا كان دائنوها على استعداد للقيام بنفس الشيء.

وبوسعها أن تذكر دائنيها بأن هذه التجارب لن تتم في الفراغ. ويمكن أن تسترشد بالعديد من القواعد والمعايير الدولية القائمة، ولكن غير المستغلة بالقدر الكافي، المنطبقة على معاملات الديون السيادية المسؤولة، مثل مبادئ الأونكتاد بشأن معاملات الديون السيادية المسؤولة.

أحد الدروس المستفادة من جائحة كوفيد ومفاوضات المناخ هو أن أفريقيا لا يمكنها الاعتماد على المجتمع العالمي لتزويدها بأموال جديدة كافية أو تخفيف عبء الديون للتعامل إما مع احتياجاتها التنموية أو عواقب الأزمات

ويتعلق بعضها بسلوك المقترضين السياديين ويركز البعض الآخر على سلوك الإقراض المسؤول وكثيرا ما يستشهد به الدائنون في سياساتهم الخاصة التي تتناول القضايا البيئية والاجتماعية أو المسؤولية الاجتماعية أو حقوق الإنسان.

ومن خلال تأسيس أي نهج جديد على هذه القواعد والمعايير الدولية، فإن المدينين والدائنين لن يوافقوا إلا على تنفيذ المبادئ التي قبلوها بالفعل.

ومن خلال العمل من نقطة البداية هذه، يتعين على الدول الأفريقية أن تقدم ثلاثة مقترحات محددة.

وأولا، ينبغي لها أن تلتزم بجعل عملية تحمل الديون وشروط كافة معاملات الدين العام شفافة.

وهذا من شأنه أن يضمن فهم مواطنيها للالتزامات التي تتحملها حكوماتهم نيابة عنهم. وسوف يشجع الحكومات على تبني ممارسات مسؤولة في الاقتراض وإدارة الديون.
ويجب عليهم أيضا أن يتفقوا على إمكانية محاسبتها على فشلها في الالتزام بممارسات وإجراءات الديون السيادية الشفافة والمسؤولة.

وأما ثانيا، يتعين على الدول الأفريقية أن تشير إلى وجود مشكلة أساسية في عملية إعادة هيكلة الديون السيادية التي تركز فقط على الالتزامات التعاقدية التي تدين بها الدولة المدينة لدائنيها.

وثالثا، يتعين على الدول الأفريقية أن تقترح التزام دائنيها علنا بإرساء النهج الجديد في التعامل مع الديون السيادية على قائمة متفق عليها من القواعد والمعايير الدولية ذات الصلة بالممارسات المالية الدولية المسؤولة. وسيشمل ذلك أولئك الذين يتعاملون مع الشفافية، وقضايا المناخ والبيئة، والمسائل الاجتماعية، بما في ذلك حقوق الإنسان.

العرب